* نظام أفورقي استنفد أغراضه وفقد قواه الحزبية.. والمعالجات الأمنية لن تطيل أمد بقائه
* غالبية منسوبي قوة الدفاع الإريترية يمثلون حاليا روحا جديدة سرت في جسم الجيش
* التغيير بات اليوم قاب قوسين أو أدنى وينتظر فقط تكامل جهود المعارضة بالخارج والداخل
* أدعو لاستغلال التحول في إرادة الشعب بعد انتقال جل الذين انطلت عليهم وعود النظام إلى جبهة المعارضة
* الشعب الإريتري الآن أمام "فرصة تاريخية" لإحداث التغيير المنشود ولا ينبغي التفريط في هذه الفرصة
* شعبنا في الداخل اختبر قوة النظام في أكثر من محاولة من خلال جرأة نادرة هزت أركانه وتبين له ضعفه وهوانه
* الإسلاميون في إريتريا يمتلكون تجربة سياسية متفردة تؤهلهم لما بعدها.. وكل خيارات شعبنا محل احترام وتقدير
* الحرب بين إريتريا وإثيوبيا ربما تندلع في أي لحظة.. والاتفاق بينهما كان بين فردين بعيدا عن الشعب ومصالحه
* لم يحدث أي تواصل بيننا وبين النظام.. وكل قوى المعارضة تركز على التغيير الجذري
* أسياس أفورقي شخص مريض نفسيا يمارس إرهاب الدولة
* إريتريا أضحت في ذيل الأمم وباتت أكثر بلدان العالم انعزالا لهذه الأسباب
* النظام يدعي العلمانية لكنه يحشر أنفه في قضايا الدين وهيمن على كل المرافق الدينية
* لا توجد في إريتريا "أحزاب دينية" بالمفهوم المشاع وإنما هي أحزاب وفصائل سياسية
* الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية لم تصل إلى الآن لمرحلة الدولة للحكم لها أو عليها
قال رئيس حزب الوطن الديمقراطي الإريتري، الدكتور أحمد صالح، إن "التغيير في إريتريا بات اليوم قاب قوسين أو أدنى، وينتظر فقط تكامل جهود المعارضة في الخارج
والداخل، لمنح الثقة والإمكانات لمَن هم بالداخل للتحرك المدروس، وبزوغ فجر
الخلاص".
جاء ذلك في الحلقة الثانية والأخيرة من مقابلته الخاصة ضمن
سلسلة مقابلات مُصورة تجريها "عربي21"، تحت عنوان (ضيف
"عربي21").
وشدّد "صالح"
على أن "نظام أفورقي استنفد أغراضه، وفقد قواه الحزبية، والمعالجات الأمنية
لن تطيل أمد بقائه"، مؤكدا أن "غالبية منسوبي قوة الدفاع الإريترية
اليوم هم مَن يمثلون روحا جديدة سرت في جسم الجيش، لأنهم اصطبغوا بالروح الوطنية،
ولهم تطلعاتهم، ويضيرهم ما أصاب البلاد التي حلموا بها".
ودعا رئيس حزب الوطن الإريتري إلى "استغلال التحول في
إرادة الشعب، بعدما انتقل جل الذين انطلت عليهم سابقا وعود النظام إلى جبهة
المعارضة"، مشدّدا على ضرورة "عدم التفريط في هذه الفرصة التاريخية التي
يمكن عبرها أن يحدث التغيير المنشود".
وأشار "صالح" إلى أن الحرب بين إريتريا وإثيوبيا ربما
تندلع في أي لحظة، لأن نظام أفورقي لا يأبه للقضية التي كانت سببا في الحرب
والتوتر المستمر بين البلدين لأكثر من عقدين، وهي قضية ترسيم الحدود، موكدا أن اتفاق السلام الذي عقد سابقا
بين البلدين تم بين فردين بعيدا عن المؤسسية وعن الشعب ومصالحه، ولهذا كان أمرا
حتميا أن يكون مآل مثل هذه الاتفاقات الفشل".
وتاليا نص الحلقة الثانية والأخيرة من المقابلة الخاصة مع (ضيف "عربي21"):
كيف ترون سيطرة النظام على المؤسسات الدينية؟ وهل أنتم مع أم ضد الفصل بين الدين والسياسة؟
بالرغم من أن النظام يدعي العلمانية، ولكننا نراه يحشر أنفه في
قضايا الدين، بل إنه هيمن على كل المرافق التي أسسها الشعب لرعاية مصالحه الدينية،
وعاث فيها فسادا بالتدخل المباشر، ومارس إرهاب الدولة، وهذا الإرهاب وجهه بالدرجة
الأساسية على الرموز، حيث شمل اعتقال العلماء والقيادات الاجتماعية، والتغييب
القسري للشيوخ، دون محاكمة أو معرفة أماكن وجودهم لما يقرب من الثلاثة عقود من
الزمان.
كما أنه فرض وصاية على الكنائس، وتعيين القساوسة أو عزلهم،
ومنع طوائف أخرى من ممارسة شعائرها الدينية. والشعب الإريتري عامة شعب متدين، ونحن
نقر احترام الأديان، وهي من الحقوق الأساسية للإنسان، فردا وجماعة، ولكننا نرى أن
يمارسها المواطن طوعا ودون تدخل الدولة،
إلا بما يحقق تيسيرها، وترك الشعب ليدير شؤون مؤسساته الدينية دون تدخل من الدولة،
على أن تُنظم العلاقة الإدارية عبر القانون، وحل الخلاف عبر القضاء.
ما تقييمكم لتجربة الأحزاب السياسية الدينية في إريتريا؟
لم ينشأ في إريتريا ما يمكن تسميته بالأحزاب الدينية بالمفهوم
المشاع، وإنما هي أحزاب أو فصائل سياسية ربما قامت على أساس مرجعية الفكر
الإسلامي، مثل ما قامت أحزاب على أسس أيدولوجية أخرى كالنظرية الشيوعية، أو
القومية. واتخذتها كوسيلة للتعبئة وتأطير الجماهير، للإسهام في الكفاح المسلح،
إبان فترة النضال من أجل إنجاز التحرير والاستقلال، وكان لهذه الأحزاب ذات
المرجعية الإسلامية طرحها السياسي مثل باقي الأفكار الأخرى، والتقت مع سائر القوى
السياسية في تحالفات ومظلات سياسية جامعة، لتحقيق أهداف مشتركة، خاصة في جبهة المعارضة
ما بعد التحرير وإعلان الاستقلال، فنجحت في بعضها وأخفقت في بعضها الآخر، وهي في
تطور دائب ودائم في تجربتها السياسية، وآلياتها،
وهي لاتزال في ساحة الفعل المعارض، ولم تصل إلى الآن لمرحلة الدولة للحكم لها أو
عليها.
لماذا أعلن حزبكم تحوّله إلى الطرح المدني وتغيير اسمه؟ وهل هذا يأتي في إطار المراجعات الفكرية والسياسية الخاصة بكم؟
لم يأت هذا التحول بين عشية وضحاها، وإنما هو وليد مناقشات
داخلية طويلة، مارس خلالها الحزب مراجعات في أسسه التنظيمية ومرجعياته الفكرية،
امتدت لأكثر من عقدين من الزمان، كانت التحولات بطيئة، وجاءت الظروف مواتية الآن
حينما نضجت ظروفها الموضوعية، من خلال التحليل الواقعي والعملي لمقتضيات التعامل
مع المرحلة الراهنة وما يستقبله من رهانات، وتبنى في مؤتمره العام السادس حزبا
برامجيّا، حتى يحاسب ويقيّم إيجابا أو سلبا على أساسه، كما أن تغيير الاسم كذلك
جاء متدرجا، وهكذا كان التغيير الأخير استجابة لمتطلبات المرحلة الحالية، حتى لا
تكون الأيدلوجيا والاسم حاجزا أمام تفاعل الآخرين، لأن العنوان في أحايين كثيرة يحول
دون النظر في المحتوى مهما كان واضحا.
لكن البعض عبّر عن خشيته من أن يكون حزب الوطن تكرار لنفس تجربة حسن الترابي في التحولات الكبرى التي قادها داخل حركة الإخوان بالسودان.. ما تعقيبكم؟
لا أدري ما هي تلك التحولات المقصودة، ولكن تحولنا جاء عن قناعة
راسخة، وفهم للواقع الإريتري؛ لأن مجتمعنا يختلف في تكوينه وتجربته النضالية
فاستلهمها حزبنا في تحولاته وتطوره. ولذا فإن قناعتنا في الحزب يجب ألا نستنسخ
تجارب أحزاب وحركات أخرى، لأنها ليست في مقاسنا بأي حال من الأحوال، ولهذا فإن
اجتهاداتنا نابعة من واقع مجتمعنا في تعدده وتاريخه.
هل يمكن أن يتعايش الإسلاميون في إريتريا مع نظام علماني كالموجود في الدول الغربية؟
الإسلاميون في إريتريا يمتلكون تجربة سياسية متفردة سبقوا بها
الكثير من الحركات الإسلامية الأخرى في المنطقة، فقد التقوا وعملوا وتحالفوا مع
فسيفساء القوى السياسية الإريترية بتبايناتها الدينية والفكرية لأكثر من ثلاثة
عقود، وكانت تجارب ناجحة. وفي تقديري أن كسبهم من هذه التجربة يؤهلهم لما بعدها، ثم
هم من الشعب ومع خياره، فما يختاره الشعب في ظل دولة العدل والقانون هو محل احترام
وتقدير، مع الاحتفاظ بالحق في النقد بالطبع لما يرونه خطأ ضمن الممارسة الديمقراطية
الرشيدة.
وزارة الإعلام الإريترية قالت مؤخرا إن اتفاق السلام مع إثيوبيا لم يحقق توقعاتنا.. فكيف ترون هذا الاتفاق الذي مر عليه نحو عامين؟ وهل قد يتعرض لانتكاسة؟
هذا الاتفاق تم بين فردين بعيدا عن المؤسسية وعن الشعب
ومصالحه، فكما تتابع فإن القضية التي كانت سببا في الحرب والتوتر المستمر بين
البلدين لأكثر من عقدين، وهي قضية ترسيم الحدود لا نرى النظام يأبه لها، لهذا كان أمرا حتميا أن يكون مآل مثل هذه الاتفاقات الفشل، لأنها لم تحقق
شيئا للشعبين، وستخلّف وراءها نتائج سلبية على أكثر من مستوى؛ فلم يتم ترسيم
الحدود الذي ظل يتعلل به النظام في رفض الإصلاحات السياسية وتحديد مدة الخدمة
الوطنية بحجة أن جزءا من البلاد لا يزال يرزح تحت الاحتلال، وأن الحرب ربما تندلع
في أي لحظة، ولكن الأرض التي مهرت بدماء الشهداء، وعززها حكم القانون الدولي، ليست
محلا للتلاعب والابتزاز، وإذا كان في الأمر ثمة شيء فقد تأكد لشعبنا من خلال هذا
السلام المزعوم حقيقة هذا النظام وألاعيبه المختلفة.
كيف تأثرت المعارضة الإريترية بالمصالحة بين أسمرة وأديس أبابا؟
تستضيف إثيوبيا أكبر تجمع للاجئين الإريتريين بعد السودان،
وجلهم من ضحايا النظام، فنعومة العلاقة مع إثيوبيا الرسمية، كانت تيسر وصول
المعارضة إلى شعبها، فضلا عن الشعب الإثيوبي لعرض وجهة نظرها وطلب مساندتها،
استثمارا للعلاقة الممتدة بين الشعبين والمصالح المشتركة بينهما. وقد شعر النظام
بخطورة استمرار هذه الحركة للمعارضة، فمارس ضغوطا باتجاه منع نشاط المعارضة،
ولكننا نعلم أن شعبنا تعلم أن يعمل في ظل الظروف الصعبة بلا شك، ولن يعوقه ذلك من
النضال من أجل التغيير. وهذا الموقف أيضا ليس في صالح إثيوبيا فاليوم المعارضة الإريترية
تمثل جل الشعب الإريتري أما نظام أسياس فهو في عزلة، والمعارضة هي المستقبل، والنظام
هو الهدر الفائت.
هل هناك جهات بعينها تحاول إفساد العلاقة بين أسمرة وأديس أبابا؟
لا علم لي بذلك، ولكن النظام لم يترك بهمجيته وعنجهيته صديق؛
فقد أساء للجميع واستعدى الجميع دوليا وإقليميا، ولايزال يفتقر لأبسط مقومات النضج
السياسي، أو العمل المؤسسي الذي يبني به علاقة ويصونها، ونراه يقفز من حلف إلى آخر، ويُعد ذلك ذكاءً، ولكن
لا ضمان للخروج من كل تصرف بسلامة.
نهاية العام الماضي، اتهمت إريتريا وكالة المخابرات الأميركية
(سي آي إي)، وجهاز الموساد الإسرائيلي، بالتخطيط لمحاولة قلب نظام الحكم، مؤكدة أن
لديها أدلة وبراهين تثبت تورط الجهازين في محاولة الإطاحة بالنظام.. فهل كانت تلك
الاتهامات صحيحة أم لا؟ وكيف هي علاقة النظام بواشنطن وتل أبيب؟
لم يتوقف رأس النظام في كل خطاباته السياسية وادعاءاته الإعلامية
من اتهام الآخرين باستهداف نظامه، من بينها أمريكا، من أجل تبرير فشله، واستدرار
عطف الشعب الذي خبر ألاعيبه، والسؤال: لماذا تستهدفه أمريكا وإسرائيل تحديدا، وهما
اللذان ساعداه في الوصول لرأس السلطة وباركا حكمه ابتداء ومن ثم بقائه في الحكم كل
هذه الفترة، وهو بدوره بذل الكثير لإرضائهم، وعلاقته بكلا البلدين جيدة، ولو سعت
أي من الدولتين لخلعه لما تمنع عليها.
هل الخطر الخارجي الذي عادة ما يتذرع به أسياس أفورقي هو السبب الرئيس في استمرار نظامه الأمني؟ وهل هناك مقومات أخرى يستمد منها بقاءه؟
ظل نهج أسياس في البقاء في الحكم، من خلال النهج الأمني الذي
يصرف عليه كل مقدرات البلاد واستخدم ذات الأداة القديمة في استمرار بقائه في الحكم،
وهي القمع والترهيب، وتقييد حركة الناس مستغلا التخويف من العدو الخارجي، وهذه المرة
العدو في ادعائه هم التيجراي، وجائحة الكورونا التي بسبها زاد القيود، وأحكم
الحدود أمام حركة الشعب، وظلت سياسة إيجاد عدو خارجي، وافتعال الحروب مع دول
الجوار، لإظهار المخاطر الخارجية، هي ما يتكئ عليها، بعدما فشل داخليا، فهو قد دخل
في حرب مع السودان واليمن وجيبوتي، وأخيرا مع حليفه بالأمس في إثيوبيا، وأبقى بذرة
الخلاف مع التيجراي حينما وقع اتفاقه مع الحكومة المركزية في أديس أبابا. كل ذلك
لتجنب إحداث أي إصلاحات وتغييرات قد تؤدي بنظامه، والآن كُشفت كل أوراقه وتعرى تماما
أمام الشعب بتلك الاتفاقية التي وقعها مع الحكومة المركزية في إثيوبيا، التي لم
يأبها فيها بترسيم الحدود أو تنفيذ أي بند من بنود الاتفاق.
هل حدث أي تواصل مباشر أو غير مباشر بينكم وبين النظام الحاكم؟ وما موقفكم من مبدأ الحوار مع النظام؟
لم يحدث أي تواصل بيننا وبين النظام، وغير متوقع أن يتواصل
بسبب نهجه الانفرادي. أما عن الحوار فإن المعارضة قد وضعت في أحد مؤتمراتها من حيث
المبدأ عدم ممانعتها من الحوار مع النظام، ولكننا نعلم أن النظام لا يستطيع أن
يقدم على مثل هذه الخطوة، بالرغم من تآكله المستمر، وفقد عناصره القوية، ذلك نتيجة
المكابرة التي تمنعه من الحوار مع المعارضة حتى يلقى نهايته، وهذا هو ديدن الأنظمة
الاستبدادية التي أسرفت في الظلم، فهي لا تستطيع التراجع، لأنها تفقد المرونة
اللازمة لذلك، لهذا ركزت قوى المعارضة بكل مكوناتها السياسية والمدنية على التغيير
الجذري في النظام بناءً على أسس جديدة.
هل لديكم إحصائيات بأعداد المنفيين والمعتقلين في سجون النظام؟
رغم صعوبة الحصول على رقم حقيقي للمعتقلين والمنفيين، لكون
النظام لم يتوقف عن الممارسة ففي هذه اللحظة التي أرد فيها على هذا السؤال لا أبالغ إن قلت هناك مَن يتعرض لهذه
الممارسة؛ فالحبل على الجرار، كما أن النظام يتنكر لغالب الفعل، مع ذلك بذلت
المنظمات الحقوقية وعلى رأسهم منسقية يوم المعتقل
الإريتري والأفراد جهدا في جمع الإحصاءات بالعودة إلى أقاربهم، ولا نستطيع أن
نتأكد من دقة الأرقام، ولكن المنظمات الدولية قدمت إحصائيات مختلفة للمعتقلين، حسب
ما توفر لديها من معلومات، وهي عشرة آلاف، والمؤكد أن الاعتقالات والاغتيالات
وحالة الاختفاء القسري أكثر من هذا بكثير، ولكن المؤلم لا أحد يخرج أو يُحاكم أو
يعرف مدة محكوميته أو يعرف مصيره.
هناك مَن يرى أن الرئيس أفورقي حوّل بلاده إلى أحد أكثر بلدان العالم انعزالا.. هل تتفق مع هذا الطرح؟ وما سبب تلك العزلة؟
هذه حقيقة مشاهدة؛ فعلاقاته الخارجية محدودة جدا سواء على
مستوى المنظمات الدولية والإقليمية أو الدول، أو الشركات والمؤسسات الاقتصادية بل
وحتى الرحلات السياحية مع إن إريتريا بلد سياحي بامتياز، والعزلة أيضا داخلية بمنع
تواصل مَن بالداخل مع مَن هم في الخارج، وتقييد حركة الناس في الداخل، إذ لا يسمح
بالحركة داخليا إلا بإذن من السلطات خاصة إلى المناطق الحدودية، خوفا من تسربهم
إلى الخارج.
كما حال دون عودة اللاجئين الإريتريين المنتشرين في العالم إلى
موطنهم الأصلي، وحظر الخروج على الناس ما دون الخمسين من العمر، واحتجز الشباب وهم
القوة الحيّة في خدمة متطاولة في الجيش وفي مشاريع النظام الفاشلة سخرة.
وأخيرا، حشر الطلاب في السنوات الأخيرة في الثانوية في معسكر
الجيش في ساوا، كل ذلك ليكون الجميع تحت سمعه وبصره ورقابته، وهذه السياسة العقيمة
حالت دون تفاعل الناس وزاد من عزلة البلاد وفقرها، ولأن أسياس أفورقي شخص مريض
نفسيا يظن بهذه الممارسات أنه سيتحكم في الشعب، وليس عبر تحقيق تطلعاته في العيش
الكريم وتفجير طاقاته في مشاريع تنموية محفزة للعطاء والابتكار.
كيف تأثر النظام الحاكم بالانشقاقات التي حدثت بين صفوفه؟ وهل تتوقع حدوث انشقاقات جديدة أم لا؟
بلا شك ظاهرة التشظّي وحالة الانقسام والهروب داخل النظام
الحاكم، أفقدته الكفاءات المقتدرة، وبسببها فقد القدرة على التغيير، كما زعزعت الثقة
بين عضويته، حتى عجز عن عقد مؤتمر حزبه، وهو الحزب الوحيد في البلد لمدة تزيد على
26 عاما، واضطر إلى تجميد مؤسساته الحكومية والحزبية من برلمان ومجلس الحزب
التشريعي، حتى أسلمته إلى تحكم الفرد في مصير البلاد والحزب، وظلت ذات الوجوه منذ
الاستقلال وحتى اليوم على سدة الحكم، ممن يأتمرون بأمر الرئيس، وفقد الحزب عنصر
التجديد. هذه الحالة تهدد مستقبل الحزب والخوف من انهيار الدولة، بعد اختفاء
الرئيس الذي يعاني من أزمات صحية خطيرة، أما الانشقاقات وحالة الهروب في صفه لم
تتوقف، يزيد زخمها حينا ويخفت أحيانا.
ما هي رؤيتكم لإحداث التغيير؟ ومتى تتوقعون تغير الأوضاع؟
استنفذ النظام أغراضه، وفقد قواه الحزبية، ونشعر أن غالب
منسوبي قوة الدفاع الإريترية اليوم هم مَن يمثلون روحا جديدة سرت في جسم الجيش،
لأنهم اصطبغوا بالروح الوطنية، ولهم تطلعاتهم، ويضيرهم ما أصاب البلاد التي حلموا بها،
حيث أضحت في ذيل الأمم، وكل مَن تمكن من
الخروج ورأى الأمم الأخرى وهي تتقدم ساءه أن يصبح وطنه بركة آسنة بالرغم من مقدراته
الكبيرة وحيوية شعبه.
وكان شعبنا في الداخل وبعض القوى الأخرى كانت قد انطلت عليهم
وعود النظام بترداده أنه بصدد إقامة نظام تعددي ديمقراطي، ونتيجة لهذا السراب كان
يرى البعض إعطاؤه الفرصة، ولكن الآن بان لهم كذب النظام، وزادهم ذلك وعيا، فانتقل
جلهم إن لم نقل كلهم إلى جبهة المعارضة.
لهذا، فإن رؤيتنا لا بد من تكامل جهود معارضة الداخل والخارج،
واستغلال هذا التحول في إرادة الشعب، وعدم التفريط في هذه الفرصة التاريخية التي
يمكن عبرها أن يحدث التغيير المنشود، وقد اختبر شعبنا في الداخل في أكثر من محاولة
قوة النظام من خلال جرأة نادرة أبداها فهز كيان النظام وتبين له ضعفه وهوانه، ومع
أنه حاول اللعب على بعض التباينات والاختلافات ليقرب هذا ويبعد ذاك، فضلا عن
الترهيب، ولكن هذه المعالجات الأمنية لن تطيل أمد بقائه.
لذلك، نرى اليوم أن إمكانية التغيير أضحت قاب قوسين أو أدنى، وتنتظر
فقط تكامل جهود المعارضة في الخارج والداخل، لمنح الثقة والإمكانات لمَن هم
بالداخل للتحرك المدروس، وبزوغ فجر الخلاص.
الحلقة الأولى: رئيس حزب الوطن الإريتري: المعارضة تتسع والنظام يتآكل
رئيس حزب الوطن الإريتري: المعارضة تتسع والنظام يتآكل
رئيس جبهة التحرير الأريترية: هذه أسرار مرض أفورقي (شاهد)