حذّر رئيس الاتحاد العالمي لعماء المسلمين عالم المقاصد المغربي الدكتور أحمد الريسوني، من خطورة ما أسماه بـ "التدين الشقي" على واقع الإسلام والمسلمين.
وقال الريسوني في كلمة مصورة نشرها على موقع "التوحيد والإصلاح": "للناس في ممارسة الدين وفهمه مذاهب بعضها سديد وبعضها قريب وبعضها بعيد.. بل يمكن أن نقول إن هناك التديّن السوي وهناك حتى التديّن الشقي".
وأضاف: "التديّن الشقي ليس فقط بضاعة نجدها ونحتك بها ونراها ونسمع عنها في التاريخ هنا وهناك، بل التديّن الشقي نبهت عليه نصوص الشرع نفسه، من أن هناك أنماطا من التديّن السيء والرديء والمنحرف في مثل قوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ ۖ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ ۖ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ)، وهذا هو التديّن الشقي الذي ينتهي بصاحبه إلى الخسران المبين".
واستدل الريسوني في كلامه أيضا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "هلك المتنطعون"، وقال بأن المقصود بالمتنطعين "هم المتدينون الذين يزيدون في الدين بأمزجتهم وأهوائهم وأفكارهم، أي المغالون الذين يزيدون في الأمور ويتجاوزون حدود الشرع في ما يظنونه اجتهادا وتدينا وتقربا إلى الله".
واعتبر الريسوني أن "الرهبانية" بما هي انقطاع عن زينة الحياة الدنيا وملذاتها بدعوى التفرغ للعبادة، بأنها من التدين الشقي، وأورد قصة الصحابة الثلاثة الذين ذهبوا إلى بيوت النبي صلى الله عليه وسلم لمعرفة ما يفعل من عبادات ليقلدوه، لكنهم استقلّوها، فقال أحدهم بأنه يصلي الليل كله ولا ينام، وقال الآخر بأنه يصوم الدهر كله ولا ينام وقال الثالث بأنه يعتزل النساء ولا يتزوج، فبلغ ذلك إلى النبي صلى الله عليه فقال: "أما والله إني لأخشاكم لله، وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني"..
وأضاف: "إذن عندنا أشكال من التدين الشقي وغير السعيد وغير السوي، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: (ما ظل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل) ومنها التديّن الشقي وهو نوع من انحراف الدين عنسكته وسوائه وصراطه، وأن يشتغل الناس بالجدل في ما لا طائل تحته بل تحته فتن ومشاكل"، على حد تعبيره.