واجه قرار السلطات
القضائية المصرية باعتماد ما يسمى تقنية تجديد "الحبس عن بعد" للمحبوسين
احتياطيا على ذمة قضايا سياسية، انتقادات حقوقية وسياسية واسعة باعتبارها تعد تغولا من السلطة
التنفيذية على نظيرتها القضائية دون تعديل تشريعي.
وبدأت محاكم الإسكندرية،
الخميس، بالعمل بالتقنية الجديدة، وذلك خلال افتتاح وزير العدل عمر مروان أعمال تطوير
مبنى محكمة الإسكندرية الابتدائية، أسوة بنظيراتها في القاهرة الجديدة، وشمال القاهرة،
بعد تطبيق النظام الجديد فيهما.
ووصف قضاة ونشطاء
سياسيون في تصريحات لـ"عربي21" تلك الخطوة بـ"الخطيرة"؛ لأنها
تنتقص من ضمانات المحاكمة العادلة للمتهمين، وتهدد حقوقهم التي كفلتها الإجراءات القضائية،
ومخالفة صريحة للدستور والقانون.
وأكدوا أن تجديد
الحبس عبر "الفيديو كونفرانس" يعزز الإجراءات الاستثنائية في ما يتعلق بالمتهمين
السياسيين، مثل انعقاد المحاكمات في مراكز الشرطة بدلا من قاعات المحاكم، وتخصيص دوائر
بعينها يرأسها قضاة معينون لنظر قضايا معينة.
وبرر وزير العدل
المصري أهمية الآلية الجديدة بالقول إنها تساهم في سرعة الإنجاز والناحية الأمنية،
وأيضاً تقليل فرص انتشار فيروس كورونا بين المحبوسين والمواطنين، على حد زعمه.
ودعا في تصريحات
صحفية إلى ضرورة نشر التقنية تباعاً في الإجراءات القانونية، والتحول إلى الوسائل العصرية
في إدارة منظومة العدالة.
وفي 18 تشرين الأول/
أكتوبر الماضي، قامت وزارة العدل بتدشين وقائع المرحلة الأولى من مشروع تجديد الحبس
الاحتياطي عن بعد بين محكمة القاهرة الجديدة وكلِ من سجن طرة العمومي وسجني 15 مايو
والنهضة المركزيين.
وتتضمن الآلية
الجديدة، محل الانتقاد، نظر جلسات تجديد حبس المتهمين، باتصال القاضي بالمتهمين داخل
محبسهم بواسطة دوائر تلفزيونية مغلقة (الفيديو كونفرانس)، عبر قاعات مخصصة لذلك بكل
سجن، ويتم ربطها بين عدد من المحاكم وبعض السجون.
"سقطة قضائية"
وفي سياق تعليقه
على المشروع الجديد، أكد المستشار محمد عوض رئيس محكمة استئناف الإسكندرية سابقا،
والمنسق العام لحركة قضاة من أجل مصر، أن ذلك يعد "انتهاكا واضحا لحقوق المحبوسين،
فلا بد أن يكون هناك اتصال مباشر بين القاضي والمتهم، وسماع مرافعته، ويمكنه تقديم
شكوى له بما يتعرض له من انتهاكات داخل السجن، ولكن في ظل الآلية الجديدة كيف يمكن
له قول ذلك دون أن يتعرض للتنكيل مجددا؟".
وأوضح في حديثه
لـ"عربي21" أن "هذه الإجراءات الجديدة باطلة دستوريا بطلانا مطلقا، ولا
تمت للعدالة بصلة"، وتمارسها السلطة الانقلابية، وكل مبرراتها واهية ولا يعتد
بها دستوريا، كما أنه لا يصح التشريع بهذا الأمر من الناحية الدستورية؛ لأنه يخالف إجراء
المحاكمة العادلة".
وتساءل:
"كيف يتحدث المتهم عما يتعرض له من تعذيب أو انتهاك أو اعتراف بالإكراه، ومن أكرهه
وقام بتعذيبه يقف أمامه يرهبه ويخوفه، ولا يراه القاضي.. ما يجري هو سقطة جديدة للسلطة
القضائية التي وقعت رهينة للسلطة التنفيذية لا علاقة لها بأصول وقواعد التقاضي".
وشكك المستشار
عوض بمبررات وزارة العدل، قائلا: "لا يمكن الاعتداد بمسوغات وزارة العدل؛ لأنها
تمثل السلطة التنفيذية، وعلى المتضررين الطعن بعدم دستورية المشروع الجديد الذي ينتقص
من حقوق المتهمين ومن سلطة القضاء على حد سواء".
وتواجه السلطات
المصرية انتقادات حقوقية واسعة بسبب تعاملها مع ملف المحبوسين احتياطيا على ذمة قضايا
سياسية مختلفة من دون محاكمات، تفتقر إلى أدنى معايير التقاضي والعدالة، وسط إجراءات استثنائية
غير مسبوقة، لاستمرار حبسهم.
"مسلسل الانتهاكات
مستمر"
ووصفت الناشطة
السياسية نانسي كمال المشروع الجديد بأنه "حلقة جديدة من حلقات سلب المتهمين حقوقهم"،
مؤكدة أن "الآلية الجديدة تضاف إلى مسلسل الانتهاكات بحقوق المعارضين بيد القضاء
المصري، الذي يفترض فيه العدل للجميع".
وأضافت لـ"عربي21":
"تعودنا دائما على قمع النظام المصري للمعارضين السياسيين، ولكن هذه المرة فاق
القمع كل الحدود، وخرج القضاء عن القانون"، مشيرة إلى أن المشروع الجديد
"انتهاك جديد يضاف إلى انتهاك حبس المعارضين احتياطيا أكثر من سنتين، وهو مخالف
تماما للدستور والقانون".
واستطردت الناشطة
السياسة: "لم يكتف النظام بكل هذا الانتهاك الصارخ، بل أراد حرمان المعتقل من
حقه في المحاكمة العلنية وحضوره جلسات تجديده ما يكفل له الحق في الدفاع عن نفسه أمام
القاضي، ولكن هذا النظام الفاسد يريد أن يسلب المعتقل السياسي كل حقوقه".
اقرأ أيضا: مخاوف من اغتيال المعارض المصري حازم حسني بعد إخلاء سبيله
أمن مصر يهاجم سودانيين احتجوا على مقتل طفل بالقاهرة (شاهد)
مصر: إدانات حقوقية لاعتقال مؤسس تنسيقية شباب الأحزاب
7 منظمات حقوقية تدين محاكمة الناشط المصري ممدوح حمزة