في الوقت الذي يحاول فيه البعض إلصاق تهمة
الإرهاب بالإسلام، ويتم توظيف ذلك لإحكام الحصار والسيطرة على العالم الإسلامي وابتزازه وإهدار شرعية قضاياه العادلة، فإن بعض التنظيمات المتطرفة وعلى رأسها داعش تواصل تقديم الهدايا المجانية لكل الخصوم، وذلك بتنفيذها عمليات قتل هنا أو هناك، دون أن تأخذ في حسبانها أنها أصبحت تمثل خطرا حقيقيا على الإسلام والمسلمين في هذه الحقبة من الزمن.
والمدقق في غالبية العمليات المسلحة التي يقوم بها هذا التنظيم على وجه الخصوص أو يتبناها وتوقيتاتها؛ سيصل بسهولة إلى أنها تخدم خصوم الإسلام بشكل واضح، وتقدم لهم الهدايا تلو الهدايا كي يحسنوا مواقعهم ويكونوا أقرب لتحقيق أهدافهم الاستراتيجية. لهذا لم يبتعد كثيرا من ذهب إلى أنها تنظيمات مصنوعة أو أنها في الحد الأدنى مخترقة من قبل قوى لا تريد بمنطقتنا خيرا.
ومن هنا يجب التأكيد على فقه
المراجعات والنقد الذاتي الذي أطلقته الجماعة الإسلامية في نهايات القرن الماضي، والذي أكدت فيه على خطورة مسار
العنف المسلح وكيف أنه يتعارض مع أحكام إسلامية واجبة الاعتبار، وأنه يضرب في الصميم مصالح إسلامية واجبة الحماية، كما رأينا في العدوان على أفغانستان والعراق ومحاصرة، بل وتدمير عدة دول فضلا عن تعريض الإسلام والعالم الإسلامي لحصار التشويه العالمي.
فقد أصبح طريق المراجعات واجبا أيضا لتبرئة الإسلام والعالم الإسلامي من هذه التهمة التي وضعته في موضع حرج بين الأمم والحضارات، وعوقت عناصر فاعليته وقوضت بعض عناصر حيويته، كما منعته من سجال القيم الأممي الذي أصبح واجبا في ظل تآكل القيم العالمية واهتزاز الثقة في قيم الحضارات الغالبة، والذي كان يتيح للإسلام أن يتقدم ليعرض بضاعته وهي الأرقى، فإذا بهم يضعونه في موقع الدفاع بل موضع الاتهام.
ومن ثم وجب رد الاعتبار لمراجعات تنظيم الجماعة الإسلامية بمصر، والذي أعلنها في نهايات القرن الماضي 1997م وكأنه كان يستشرف الصدام المتوقع والفخ الاستراتيجي المنصوب على مشارف القرن الجديد. كما أن موضوعاتها قد أصبحت واجبة تسليط الأضواء لكي نبرئ الإسلام من جرائم تُرتكب اليوم باسمه أو يتم تحميله إياها قسرا وتعسفا، وذلك وفق أجندة مصالح دولية وإقليمية وجدت ضالتها في الإرهاب. كما يجب أن نبحث معا عن مَصدر هذه الجرائم ومُصدرها، والذي لا يريد خيرا بكل تأكيد بالإسلام والمسلمين، وذلك في ظل حالة السجال الحضاري والصراع الدولي الذي بلغ أشده.
ومن هذه الموضوعات التي تناولتها مراجعات الجماعة الإسلامية وتحتاج للتعميم والتوسع في المعالجة، وخاصة بين شبابنا الذين أصبحوا واقعين تحت قصف خطاب العنف أكثر من أي وقت مضى، في ظل اتساع دائرة المظالم التي يتعرض لها المسلمون وشراسة نظم الاستبداد غير المسبوقة: حرمة الغلو في الدين.. حرمة تكفير المسلمين.. نقد تنزيل فتوى قتال الطائفة الممتنعة.. نقد أسس استهداف المدنيين والقتل على الهوية.. رؤية نقدية لاستراتيجية تنظيم القاعدة.. رؤية نقدية للأفكار المؤسسة لتنظيم الدولة.. الرؤية الإسلامية للعلاقات الدولية.. البدائل الاستراتيجية للعمل المسلح داخل المجتمعات الإسلامية.