ها هي حكومة الكفاءات السياسية اليمنية ترى النور بعد تعثر دام أكثر من عام، لتبدو إنجازاً يندرج ضمن الأولويات السعودية المحضة، وتمكيناً إضافياً للإنفصاليين المدعومين من الإمارات ومن السعودية كذلك، والذين يحلو لهم أن يصفوها بـ"حكومة المناصفة"، ليظهروا أن ما تحقق ليس سوى مكسب مرحلي على طريق الانفصال، وليس تنفيذاً لأحد أهم مخرجات الحوار الوطني الشامل.
كل شيء يدعو إلى الاستغراب في ما يخص المحطات التي مر بها اتفاق الرياض، فمحطاته على الدوام لم تكن سوى تعبيرٍ عن الأجندة السعودية المخفية والمكشوفة في آن معاً، حيث لا تزال تصر على أن تقرير مصير اليمن ليس إلا بنداً في جدول أعمال اللجنة الخاصة التابعة لمجلس الوزراء السعودي، والمعنية حرفياً بإدارة الشأن اليمني بكل تفاصيله منذ تأسيسها في عهد الملك فيصل عام 1963، وعلى نحو تبدو معه حكومة الكفاءات السياسية آخر وصفة تنجزها هذه اللجنة للشعب اليمني المغلوب على أمره.
ليس في الأمر مناكفة أو مبالغة، فاتفاق الرياض لم يتحقق من مضمونه شيء يخص اليمن أو سيادته أو كرامته، ولم تحقق الشرعية عبره شيئاً يعيد لها دورها ونفوذها وصلاحياتها الدستورية.
اتفاق الرياض لم يتحقق من مضمونه شيء يخص اليمن أو سيادته أو كرامته، ولم تحقق الشرعية عبره شيئاً يعيد لها دورها ونفوذها وصلاحياتها الدستورية
لقد أرادت السعودية من خلال هذه الخطوة طمس ملامح السلطة الشرعية التي تدخلت عسكرياً في اليمن باسمها، ولتحقيق أهداف محددة أهمها إنهاء الانقلاب وإعادة هذه الشرعية إلى صنعاء، والحفاظ على وحدة اليمن، لأنها بكل وضوح تريد التحلل من تبعات هذا التدخل ومسؤولياته
لقد أرادت السعودية من خلال هذه الخطوة طمس ملامح السلطة الشرعية التي تدخلت عسكرياً في اليمن باسمها، ولتحقيق أهداف محددة أهمها إنهاء الانقلاب وإعادة هذه الشرعية إلى صنعاء، والحفاظ على وحدة اليمن، لأنها بكل وضوح تريد التحلل من تبعات هذا التدخل ومسؤولياته والتزاماته المعلنة. ولا شك أن هذه الحكومة بتركيبتها الهجينة هي الأداة التي سوف تحقق السعودية ومعها الإمارات أهدافهما من خلالها.
تمضي السعودية في الطريق نفسه الذي سلكته بريطانيا عندما قررت الانسحاب من مستعمرة عدن ومحمياتها بعد تواجد استمر قرنا وثلث القرن. فقد عمدت لندن حينها إلى ضرب المقاومة الوطنية وتفكيكها وتمكين أحد فصائلها، وهو الجبهة القومية، والذي كان أول شيء أنجزه هو طمس الهويات السياسية للكيانات المحمية، وتصفية النخبة السياسية المحترمة أو تحييدها وتهجيرها، والتنازل عن التعويضات القانونية للاحتلال البريطاني.
وفقاً لمعلومات غير مؤكدة ستقوم السعودية وربما الإمارات بوضع وديعة في البنك المركزي بعدن لتأمين النفقات التشغيلية وتأمين الاحتياجات المعيشية، بما يؤمّن بدوره استقراراً مرحلياً ويضفي بعض النجاح على حكومة تتكون من وزراء ينطلقون من أهداف وأيديولوجيات ومواقف سياسية ووطنية متصارعة.
ستغرق الحكومة عند هذه النقطة، فيما ستواصل قوى الأمر الواقع التي مُنحت فرصة للتحكم العسكري والأمني بالعاصمة المؤقتة عدن وفي عدد من المحافظات الأخرى؛ فرض نفوذها وإضفاء الطابع المرحلي لهذه التسوية.
ما نراه اليوم ليس إلا جزءا من خطة كان قد اقترحها رئيس الوزراء اليمني الأسبق حيدر أبو بكر العطاس، والتي أوصت بإنجاز تسوية سياسية مع الحكومة في صنعاء حول مرحلة انتقالية من خمس سنوات، تنتهي إلى ترتيب استفتاء حول انفصال الجنوب عن شماله
وطبقاً لوثائق مسربة عن اللجنة الخاصة، فإن ما نراه اليوم ليس إلا جزءا من خطة كان قد اقترحها رئيس الوزراء اليمني الأسبق حيدر أبو بكر العطاس، والتي أوصت بإنجاز تسوية سياسية مع الحكومة في صنعاء حول مرحلة انتقالية من خمس سنوات، تنتهي إلى ترتيب استفتاء حول انفصال الجنوب عن شماله.
قد تمضي الأمور عكس ما تخطط له السعودية، وهذا أمر ممكن الحدوث، خصوصاً أن السعودية تكرر الخطأ الذي وقعت فيه إبان مقاربتها للوضع في اليمن طيلة الفترة الماضية، خصوصاً في اليمن الشمالي قبل الوحدة.
فلقد كانت أولوياتها تقضي بإغراق الزعامات القبلية والشخصيات ذات النفوذ بالعطايا وتشجيعها على بناء سلطة موازية للسلطة المركزية. وعملت في الآن نفسه على إيصال قيادات من قاع المجتمع لتولي الرئاسة والمناصب السيادية، والتحكم بالقرار السياسي والأمني في ذات الدولة الهشة المصادرة القرار. ولا أظنها إلا أنها ستمضي في نفس الخط، وليس أدل على ذلك من هذا التمكين الذي يحظى به أناس لا مبدأ لهم ولا خط أخلاقيا أو وطنيا يسيرون عليه.
twitter.com/yaseentamimi68
كيف ولماذا أعيد الزخم لاتفاق الرياض؟
ارتياح في أنقرة من بوادر تحسن العلاقات مع الرياض
مساع أكدتها عُمان لتصنيف الحوثي جماعة إرهابية