مع مرور عشر سنوات على انفجار شعلة الثورات الشعبية العربية، يستعجل الكثيرون لدفن إرث هذه المرحلة الهامة من تاريخ المنطقة العربية. يتفق طرفان متناقضان على هذا السلوك، أحدهما هو تلك الأنظمة التي صرفت المليارات وقتلت الآلاف وفي بعض الأحيان مئات الآلاف (كما في سوريا) لأجل وقف هذا المسار الحتمي للتغيير، والآخر ينتمي لمن أيدوا الثورات وعاشوا حلمها، ولكنهم تعجلوا بفقدان "فضيلة" الأمل واعتبروا أن الصراع قد انتهى.
ثمة أسباب موضوعية تدفع البعض لهذا الاتجاه، أهمها الانقلاب في مصر وما جرّه على البلاد من ويلات منذ عام 2013، وتعثر الثورة السورية بعد تحقيق النظام تقدما كبيرا على الأرض بدعم روسيا وإيران، وعدم استقرار الأوضاع في ليبيا واليمن، فيما تبقى تونس النقطة الوحيدة المضيئة - نسبيا - وإن كانت لم تحقق اختراقات جذرية على صعيد الوضع الاقتصادي والاجتماعي.
صحيح أن الثورات فشلت في تحقيق هدفها الرئيس وهو تغيير الأنظمة، وضمان العدالة الاجتماعية والكرامة والحرية وحكم القانون للشعوب العربية، ولكنها نجحت في تحقيق أهداف أخرى لا تقل أهمية عن الهدف الرئيس والمباشر
لم تتغير الظروف التي أدت لاندلاع الثورات الشعبية العربية قبل عشر سنوات، بل ازدادت سوءا، وارتفعت البطالة، وتراجعت الحريات، وتضخم الفساد، وتعزز القمع والاستبداد، وهذه كلها ظروف مهيأة للثورة، وهي ظروف لا ينقصها سوى الشرارة
لم تتغير الظروف التي أدت لاندلاع الثورات الشعبية العربية قبل عشر سنوات، بل ازدادت سوءا، وارتفعت البطالة، وتراجعت الحريات، وتضخم الفساد، وتعزز القمع والاستبداد، وهذه كلها ظروف مهيأة للثورة، وهي ظروف لا ينقصها سوى الشرارة التي لا يعرف أحد متى ستندلع. هي شرارة لن يقررها شخص أو كاتب أو سياسي أو مركز دراسات، لأن حركة الشعوب لا تستطيع مراكز الدراسات والأمن قراءتها، وبقدر ما هي حركة عظيمة بقدر ما هي مفاجئة و"غير متوقعة".
شرارة الموجة الثانية أو الثالثة من الثورات - إذا اعتبرنا ما حصل في الجزائر والعراق والسودان ولبنان برغم الإخفاقات موجة ثانية - ستكون نتيجة للإرث الذي تحقق من الموجة الأولى التي يريد البعض دفنها سريعا، فعندما تنطلق الحقيقة الكامنة لدى غالبية الشعوب بأنها قادرة على التغيير والانتصار كما فعلت سابقا، سيدرك من استعجلوا بدفن "الربيع العربي" كم كانوا مخطئين!
twitter.com/ferasabuhelal
موجة اعتقالات واسعة.. ماذا هناك؟!
الجيش إذا غادر الثكنات لن يعود إليها