امتدت الصراعات السياسية في العراق إلى شركات الهاتف النقال، فبعدما جددت الحكومة رخصة هذه الشركات لمدة 5 سنوات في تموز/ يوليو الماضي، على أن تدفع الشركات 50 بالمئة من الديون المترتبة عليها لصالح الدولة، واجهت اعتراضات من قوى سياسية.
وتعمل ثلاث شركات في مجال الهاتف النقال في العراق، هي زين للاتصالات، وآسيا سيل للاتصالات، وكورك تيليكوم المحدودة للاتصالات، حيث تشير التقديرات إلى أن الشركات تدين للدولة بمبلغ يتجاوز مليار دولار.
صراع للاستحواذ
من جهته، قال السياسي العراقي، أثيل النجيفي، في حديث لـ"عربي21" إن "موضوع شركات الهواتف النقالة يدخل ضمن تنافس على الاستحواذ على هذه الشركات باستغلال بعض المفاهيم والثغرات في عملها".
ولم يستبعد النجيفي صراع قوى سياسية على الشركات بعيدا عن الديون المترتبة عليها، بالقول: "لا شك أن الموضوع لا يخلو من استغلال بعض الجهات السياسية للأمر للاستحواذ على شركات الهواتف النقالة في العراق، وإقصاء جهات أخرى، كونها من الاستثمارات الكبيرة".
وعن المطالبة بتأسيس شركة وطنية عراقية للهاتف النقال، رأى النجيفي أنه "لو كانت هناك شركة اتصالات وطنية تابعة للبلد، فإن العراقيين سيجنون منها أموالا كثيرة، لأنها تحقق أرباحا ضخمة في حال سيطرت عليها الدولة".
اقرأ أيضا: هل يشهد العراق موجة احتجاج جديدة بعد تعويم الدينار؟
وحول الحديث عن تسريب هذه الشركات للمعلومات إلى جهات خارجية أجنبية، قال النجيفي: "الأمر الأساس ليس في موضوع الهواتف النقالة، لأن المعلومات في العراق متاحة للجميع في أمور أهم من البيانات التي لدى شركات الهواتف النقالة".
وكان لافتا مهاجمة زعيم مليشيا "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي لشركات الهاتف النقال عبر تغريدة على "تويتر" أطلقها، الأحد الماضي، والتي اعتبرها من أهم ملفات الفساد التي تسرق العراقيين في وضح النهار.
الخزعلي، كان قد طالب في 8 آب/ أغسطس الماضي، بضرورة عدم السماح بتمرير صفقة الفساد الأكبر والمتمثلة بتجديد عقود شركات الهاتف النقال، زاعما أن هذه الشركات يجري التحكم بها من الناحية الأمنية والسيطرة عليها من المخابرات الأمريكية.
وحذر زعيم "العصائب" الموالية لإيران من أن جميع معلومات الدولة العراقية ومعلومات المواطنين الشخصية تحت يد المخابرات الأمريكية، متهما شركات الهاتف النقال بأنها تعمل بتواصل مع المخابرات والسفارة الأمريكية في بغداد.
واتهم الخزعلي، إحدى هذه الشركات بتسهيل اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس في مطلع العام الجاري، بالقول: إن ما تحدثنا به يتطابق مع المعلومات عن تقديم إحدى شركات الاتصال معلومات سهلت اغتيال "قادة النصر".
ملف فاسد
وفي المقابل، قال النائب السابق القاضي، وائل عبد اللطيف، لـ"عربي21" إن "ملف شركات الهاتف النقال هو أحد الملفات الهامة الفاسدة، لأنها من حيث الأهمية تأتي بعد النفط إن لم تتقدم عليه".
وأضاف: "منذ أول عقد أبرمته هذه الشركات مع الحكومة العراقية كان من المفترض أن تكون 40 بالمئة من حصتها مملوكة للعراقيين على اعتبار أن نفوس العراق وصلت إلى 40 مليونا".
وأشار عبد اللطيف إلى أن "الكثير من رؤساء الحكومات السابقة أسقطوا الضريبة بنسبة كبيرة عن هذه الشركات، إضافة إلى أن جميع الشركات مطالبة بمبالغ للحكومة لكنها لا تسدد، وأن تمديد العقود لها دون تسديد المستحقات في هذا الظرف الحرج في العراق، يدخل ضمن دائرة الخطر الأكبر".
اقر أ أيضا: مطالبات عراقية بقطع العلاقة مع الإمارات.. ما علاقة التطبيع؟
وعلل ذلك بالقول: "لأن الحكومة بدلا من تأخذ الديون من الشركات، تقترض أموالا وتتلاعب بالدولار وتزعزع كل الاستقرار الاقتصادي والأمني على حد سواء، لكن شركات الهاتف النقال تعمل ولا تتضرر من ذلك، بل وتتضاعف مبيعاتها".
وأعرب عن اعتقاده بأن "أعضاء البرلمان الذين أقاموا دعاوى على الشركات، هم على حق، بل إن الواجب الوطني يدعوهم لإقامتها ويجب ألا تستمر هذه الشركات بهذه الفوضى"، مؤكدا: "المطلوب بالدرجة الأساس تأسيس شركة اتصالات وطنية خاصة بالعراقيين".
ونوه إلى أن "موضوع بيانات العراقيين لدى الشركات، والتي ربما سربت إلى الأمريكيين يعتبر خطرا ثانيا يداهم العراقيين، لأن الهاتف النقال أصبح الوسيلة الأساسية للاتصالات، وبالتالي فالدولة ومؤسساتها الأمنية بياناتها كلها تذهب إلى الأجانب عن طريق الشركات".
من جانب آخر، أكد عبد اللطيف أن "أغلب كبار القادة السياسيين بالبلد هم شركاء في شركات الهاتف النقال الحالية، وأنهم مصدر الفساد في البلد كونهم يتواجدون في جميع المؤسسات التي تكمن فيها الأموال من المصارف والمقاولات والبنك المركزي".
وتبنى النائب محمد شياع السوداني، عن ائتلاف دولة القانون، بزعامة نوري المالكي، رفع دعاوى قضائية ضد شركات الهاتف النقال، حيث أنه كسب في منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، حكما أوليا يقضي بإبطال تجديد رخص هذه الشركات في العراق.
بالأرقام.. "عربي21" تكشف جرائم وفساد قيادات بالداخلية المصرية
ماذا وراء اعتقال قادة "سرايا الخراساني" في العراق؟
فيلم "المسألة الكبرى".. عندما أراد صدام جلب هوليوود إلى بغداد