ملفات وتقارير

بين الإخفاق والنجاح.. حصاد جماعة الإخوان في 2020

الإخوان خسرت خلال 2020 العديد من قياداتها وأفرادها في السجون- عربي21

حمل العام 2020 الكثير من الأزمات والإخفاقات لجماعة الإخوان المسلمين؛ إذ خسرت الجماعة بعض قياداتها، بين الوفاة بالسجون وفي المنفى، وطال الاعتقال عددا آخر من رموزها وعناصرها، فيما تم إعدام عدد غير مسبوق من أفرادها.


ومن أبرز الأسماء التي خسرتها الجماعة بالوفاة في المعتقل، الدكتور عصام العريان، الذي توفي في 13 آب/ أغسطس 2020 في السجن، فيما قضى في المنفى الدكتور أيمن عبدالغني في كانون الأول/ ديسمبر من العام نفسه.


وكان اعتقال القائم بأعمال المرشد، الدكتور محمود عزت، يوم 28 آب/ أغسطس 2020، ووزيرين في عهد الرئيس الراحل محمد مرسي، هما وزير القوى العاملة خالد الأزهري في 6 كانون الأول/ ديسمبر 2020، ووزير النقل السابق حاتم عبداللطيف في 12 كانون الأول/ ديسمبر 2020، أهم الضربات الأمنية التي تعرضت لها الجماعة في الداخل.


وشهد شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2020، تنفيذ أحكام الإعدام بـ53 من أعضاء وأنصار الإخوان في رقم غير مسبوق منذ الانقلاب العسكري، ويفوق الإجمالي السنوي للإعدامات للسنوات الثلاث الماضية، وفق المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

 

اقرأ أيضا: المعارضة المصرية في 2020.. استمرار الخلاف وفشل الوحدة

وفي الخارج، تم تهديد الجماعة بالحظر في العديد من البلدان، حيث تقدم 4 نواب من الحزب الجمهوري بمشروع قانون للكونجرس الأمريكي لتصنيف الجماعة منظمة إرهابية، ووضعها على قائمة الإرهاب الدولية في 3 كانون الأول/ ديسمبر 2020.


وفي 18 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، وجه مثقفون وسياسيون وناشطون فرنسيون، رسالة للرئيس إيمانويل ماكرون، تطالبه بحظر تنظيم "مسلمي فرنسا" المحسوب على جماعة "الإخوان" بفرنسا.


وفي 10 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، أصدرت هيئة كبار العلماء السعودية بيانا يتهم الجماعة بالإرهاب وإثارة الفتنة، وأنها جماعة منحرفة لا تمثل الإسلام، ويتسترون بالدين.


وعلى صعيد الأزمة الداخلية للجماعة، ما زالت تعاني من الانشقاق الداخلي، فيما فشلت عدة محاولات لرأب الصدع بالجماعة الأكبر سياسيا بالعالم العربي.


لكن مراقبين رأوا أن انتقال قيادة الجماعة إلى القائم بأعمال المرشد الدكتور إبراهيم منير في أيلول/ سبتمبر 2020، قد يكون بارقة أمل لاستعادة وئام الجماعة.


ومن جانب النظام، لم تنجح الجماعة في حلحلة الوضع القائم منذ انقلاب منتصف العام 2013، على أول تجربة ديمقراطية حقيقية بالبلاد، بل إن رأس النظام عبدالفتاح السيسي يواصل حملة تحريضه ضد الجماعة في العالم.


وقال السيسي لصحيفة (لوفيجارو) الفرنسية 9 كانون الأول/ ديسمبر 2020، إن تنظيم الإخوان "يمثل تهديدا وجوديا للدول، وهم يختبئون وراء الدين لتبرير شمولية رؤيتهم".


"خسائر تبعتها مكاسب"


وفي تقديره لأوضاع الإخوان في 2020، قال القيادي في الجماعة الدكتور جمال حشمت: "لا شك أن خسائر الجماعة إجمالا هي الأكثر، لكن هناك إيجابيات في ظل صراع بين أنظمة دول سرقت شعوبها في الشرق، وأنظمة دول لها جذور وموقف من الإسلام السياسي مع الجماعة".


وأشار في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن تلك الأنظمة تكره "الإسلام السياسي الذي حكم العالم لفترة ليست بالقصيرة، وتواجه جماعة مدنية أعلنت خوضها غمار الدعوة والوصول للسلطة لتنفيذ برامجها بشكل مشروع، لكنها مارست كل ذلك بشكل سلمي، رغم مواجهتها لما يمكن أن نسميه قوى الاحتلال الوطني في أوطاننا، أي وكلاء الاحتلال الأجنبي لدى الشعوب العربية".


رئيس البرلمان المصري في الخارج، رصد العديد من الإيجابيات، وقال إن أولها: "رغم اختلال موازين القوى، فقد ظلت الجماعة وقياداتها الذين طالهم الاستهداف كبارا وشبابا صامدين صابرين مستمسكين بحقوقهم في وطن حر وكرامة إنسانية حتى هذه اللحظة، وقدموا لذلك الشهداء والمعتقلين والمطاردين والمهاجرين".


ولفت ثانيا إلى أنه قد "نالت الجماعة شرف أن كل من عاداها ملوث في شرفه وسمعته رغم امتلاكه كل السلطات؛ فخصومهم طغاة مستبدون فاسدون مفسدون، مدانون بقتل شعوبهم، والتطاول على قيمهم".


وألمح ثالثا، إلى أن "الجماعة وضعت قدمها في ٢٠٢٠، علي بداية طريق الإصلاح المنشود، وقد يأخذ وقتا، لكنه قادم بقدر ما يملك قادتها التنفيذيون الآن من عزم وشفافية وقدرة على خوض غمار الإصلاح بكل متطلباته، وهو ما أحيا بالنفوس الأمل في سلوك طريق المراجعة والتغيير المنشود".


وأضاف: "رابعا: مازالت الجماعة تقدم الشهداء، لكنها تكتسب زخما بأنها فرصة ضاعت على الشعب المصري؛ بسبب قلة الوعي والأكاذيب التي تكلفت مليارات".


وأشار إلى "استعادة الوعي لدى قطاعات كبيرة من المصريين، بل من الأمة، وافتضاح حجم الضرر والكراهية الذي تم على أيدي أعدائها وعملائهم بالداخل؛ لهو خطوة مهمة نحو استعادة الأمل بتغيير حقيقي للأوضاع بمصر والمنطقة بأكملها".

 

اقرأ أيضا: منظمة ترصد الانتهاكات بمصر في 2020 وتطالب بلجنة تقص دولية

وخامسا: أكد حشمت، أنه "رغم البطش والعنف الذي مورس ضدهم، فقد جنبوا البلاد شرا مستطيرا، وتحملوا الأذى دون أن تنزلق البلاد، وذلك بالتعامل بحكمة مع الهوس الإجرامي للانقلابيين، وبدعم الخارج لهم في استعمال العنف والإسراف فيه".


"2020 والسبع العجاف"


من جانبه، يرى البرلماني المصري السابق محمد عماد صابر، أنه "في نهاية العام 2020، وبعد مرور أكثر من سبع سنوات عجاف على مصر وشعوب المنطقة، ما زالت التساؤلات الحائرة داخل أروقة الجماعة عن الرؤية المستقبلية".


السياسي المصري أشار، بحديثه لـ"عربي21"، إلى ما أسماه "غبار معركة غير متكافئة في المعلومات والمليارات والأسلحة، معركة خارج قوانين ومواثيق المعارك العسكرية، فالقتلى بدم بارد، والسجناء أسرى لا حقوق لهم، والمرضى هلكى لا اهتمام بهم، حتى هؤلاء الذين خرجوا من السجون لا وظائف ولا أعمال، بل مصادرة للممتلكات والأموال".


ولفت إلى "حزمة من المشكلات والأزمات عانتها الجماعة في 2020، على المستوى الداخلي، حيث شهد العام مزيدا من الانتهاكات والمخالفات حتى وصلنا إلى أن الحق في الحياة لا الموت هدف منشود وحلم موعود".


وألمح إلى "وجود مشكلات فكرية وتنظيمية ومالية في 2020، كعقبة كؤود لوحدة الصف ولم الشمل والحفاظ على الكيان من التلاشي والذوبان".


وقال إن "المخاطر الأمنية على أعضاء الجماعة في 2020، قطعت مفاصل وأواصل التواصل بين الأفراد، لدرجة انصراف النسبة الأكبر بعيدا عن الجماعة الأم، ليس لكيانات أخرى، فالحالات فردية في هذا الصدد؛ ولكن إلى العزلة والانفراد، خوفا من معاناة جديدة في السجون والتعذيب، وربما القتل".


وتحدث عن أن "منصة الإدارة ما زالت كما هي دون تغيير ولا تطوير، سوى القليل من إعادة التدوير".


وأضاف أن "مئات الآلاف عانوا في 2020، في السجون وخارجها وفي المنافي، من العنف الأمني وقسوة العيش وضيق الرزق وضياع الحق، حتى في الحصول على مستحقاتهم المالية من وظائفهم الحكومية وأعمالهم الخاصة، أجواء من الاستئصال والتطهير العرقي على خلفياتهم السياسية والدعوية".


ولفت إلى أن "قوانين شرعتها هيئات برلمانية تابعة ودينية خاضعة طاردتهم طوال العام، بحجة محاربة الإرهاب"، مشيرا إلى "الدور الصهيوخليجي مصري بالضغط على صناع القرار الأمريكي لتصنيف الجماعة منظمة إرهابية، لزيادة الحصار والتضييق، وقطع طرق التواصل بالإدارة الأمريكية الجديدة".