كيف كان 2020 عاما للتطبيع الفني مع الاحتلال؟

كما كان العام 2020، هو عام التطبيع الرسمي السياسي والاقتصادي بين دول عربية والاحتلال الإسرائيلي؛ شهد العام العديد من وقائع التطبيع الفني بين ممثلين عرب مع الكيان المحتل، ما اعتبره البعض أنه التمهيد الخفي للتطبيع العلني.

"عربي21"، ترصد عبر هذا التقرير بعض أحداث التطبيع الفني العربي خلال 2020:

وفي شباط/ فبراير 2020، عرضت دول المغرب، وسوريا، والجزائر، وتونس، ومصر، والسودان، 6 أفلام للمشاركة في مهرجان "سينما الشرق الأوسط" بالقدس المحتلة.

وفي موسم الدراما الرمضاني 2020، أثارت مجموعة "إم بي سي" السعودية، التي تبث من دبي، الجدل بعرض والمشاركة في إنتاج  المسلسلين الخليجيين "أم هارون" و"مخرج 7"، اللذين واجها اتهامات بالترويج للتطبيع.

وبثت القناة الثانية المغربية، في أيار/ مايو 2020، حفلة بعيد الفطر، شارك فيها الموسيقي الإسرائيلي توم كوهين، والمغنية الإسرائيلية نطع لخيام، كما عرضت القناة فيلما ترويجيا للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي.

وفي 21 أيلول/ سبتمبر 2020، وقعت لجنة "أبوظبي للأفلام"، و"صندوق السينما الإسرائيلي"، ومدرسة "سام شبيغل" للإنتاج السينمائي في القدس، اتفاقية إطارية للتعاون الثقافي، وفي مجالات السينما والتلفزيون، وإقامة مهرجان سينمائي، واتفاقية للإنتاج الفني المشترك.

وحذفت فضائية "دي إم سي" المصرية، وقناة "أبوظبي" الإماراتية، في 12 تشرين الأول/ أكتوبر 2020، من برنامج "السيرة" للمذيعة وفاء الكيلاني، مقطعا غنى فيه الممثل المصري أحمد السقا أغنية تراثية عن فلسطين، نقلها عن جده المطرب عبده السروجي.

وفي نفس التوقيت، حذفت مجموعة "إم بي سي"، حلقات مسلسل "التغريبة الفلسطينية" من منصة "شاهد" التابعة لها، رغم أنه يصور أزمة الشعب الفلسطيني وتغريبته منذ أربعينيات القرن الماضي، قبل أن تعيد المسلسل بعد انتقادات واسعة.

مهرجان الجونة السينمائي بدورته الرابعة في مصر (23- 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2020) برعاية رجل الأعمال نجيب ساويرس، قام بتكريم الممثل الفرنسي جيرارد ديبارديو، المؤيد لإسرائيل، وقام بتمثيل وإنتاج فيلم دعائي يدعو يهود العالم "لإعادة اكتشاف جذورهم التاريخية في أرض الميعاد".

وفي مطلع تشرين الأول/ أكتوبر 2020، غنت فرقة غنائية إسرائيلية تدعى "النور" أغنية الإماراتي حسين الجسمي "أحبك"، وهو ما أشادت به وزيرة الثقافة والشباب الإماراتية نورة الكعبي، في تغريدة لها عبر تويتر.

وفي 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، أثار الممثل المصري محمد رمضان الغضب العربي إثر ظهوره في دبي بصحبة الممثل الإسرائيلي إيلاد تسلا، والمطرب عومير آدام، ولاعب كرة القدم الإسرائيلي ضياء سبع.

وقدم الإماراتي محمد الشحي، في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2020، أغنية على شكل "ديو" مع المطرب الإسرائيلي دودو تاسا.

وفي 3 كانون الأول/ ديسمبر 2020، زار المطرب الإماراتي وليد الجاسم إسرائيل، ليكون بذلك أول مغن إماراتي يزور تل أبيب عقب قرار التطبيع الإماراتي.

وظهرت الاثنين، 14 كانون الأول/ ديسمبر 2020، أغنية مشتركة بين المغني التونسي نعمان الشعري مع المغني الإسرائيلي "زيف يحزقيل" بعنوان "سلام الجيران"، وفق وكالة شهاب.

"تغيير الوعي"

وفي رؤيته لدور التطبيع الفني في التمهيد للتطبيع مع الاحتلال، يعتقد المخرج المصري المساعد بمسرح "الطليعة" يوسف مسلم، أن "إسرائيل تسعى بدأب نحو تغيير وعي الأجيال الصاعدة تجاه طبيعة الصراع العربي الإسرائيلي، وبالخصوص في دول المواجهة، مصر، سورية، الأردن، لبنان".

وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف: "البعض يرى  أن تطبيع المغرب تحصيل حاصل، وأن علاقات (تل أبيب- الرباط) قائمة منذ السبعينيات، والملك الحسن كان وسيطا بمباحثات سلام مصر وإسرائيل، قبل كامب ديفيد، وبين إسرائيل والسلطة الفلسطينية قبل أوسلو، وأن المغرب ليست دولة جوار لإسرائيل".

وتابع: "لكن في واقع الأمر، فإن هذه الخطوة تمثل تقدما بالنسبة لإسرائيل في تغيير الوعي تجاه ما تمارسه من جرائم حرب، ولذا فإن إسرائيل لجأت إلى استخدام القوة الناعمة، لما لها من أثر بالغ على المدى البعيد".

المخرج والكاتب المصري، أوضح أن "هذا يبدو جليا من موقف الممثل محمد رمضان، واستخدامه لترويج هذه الأفكار؛ فهم يعلمون جيدا أن هذا الممثل له قاعدة جماهيرية عريضة، تتشكل في الغالب من غير المثقفين، وبل وغير المتعلمين، الذين يرون فيه نموذج البطل الذي يمثلهم بعشوائيته وهمجيته".

وبين أنه "وبالتالي، فأنت لا تستطيع أن تخاطب هذه الشريحة إلا باللغة التي تفهمها، أي بمن يمثلهم؛ ولذا كان اللجوء إلى شخص مثل رمضان أمرا منطقيا، وبالرغم من الهجمة الشرسة التي تعرض لها الممثل، لكن إسرائيل كسبت معركتها".

"يضيعون تاريخهم"

من جانبها، ترى الناقدة الفنية الأردنية إيمان نبيل، أن التطبيع الفني بلا شك كان مقدمة وتمهيدا للتطبيع الرسمي السياسي والاقتصادي مع الكيان الإسرائيلي، مشيرة لدور "مسلسل (أم هارون) في هذا الإطار، حيث قام بالنبش في تاريخ اليهود بالخليج، في تمهيد لما حدث رسميا بعد شهور".

ولفتت في حديثها لـ"عربي21"، إلى أن "تطبيع الممثل محمد رمضان له شكل آخر خطير؛ وهو توصيل التطبيع لجمهور رمضان الكبير غير المثقف وغير المهتم بالقضية الفلسطينية، وتقريب هذا الجمهور من إسرائيل، بأن يروا بطلهم في الدراما بجوار إسرائيلي كأمر طبيعي".

وقالت إن رمضان أخطأ، وتخيل نفسه أغلى من فلسطين عند العرب، وتخيل ومن خلفه أنه عندما يكتب ردا على استهجان صوره مع إسرائيليين: (يهمني الإنسان)، سينساق الجمهور وراءه، ولكن جمهوره كان أكثر منه تعقلا".

وجزمت الكاتبة الصحفية بأن "مثل هذا التطبيع الفني لن ينجح في الوصول للشارع العربي، ولن يتمكن من إقناعه بالتطبيع"، متسائلة: "هل سنغني بالعبرية مثلا؟ أم سنقوم بعمل إنتاج مشترك؟"، مجيبة بقولها: "بالطبع لا".

وطالبت نبيل المطربين والممثلين العرب المطبعين بأن "يحافظوا على مشاعر جمهورهم، ولا يضيعوا تاريخهم"، داعية إياهم لقيادة "حملة ضد تشويه التاريخ الفلسطيني والعربي والإسلامي في الدراما والفن".