أكد محللون أتراك، أن أنقرة عازمة على شن عملية عسكرية ضد منظمة العمال الكردستاني في سنجار العراقية، مشيرين إلى أن الزيارة المفاجئة لوزير الدفاع التركي خلوصي أكار للعراق حملت معها عرضا بتنفيذ عملية مشتركة ضد المنظمة الكردية.
وقال أكار، إن "بلاده مصممة على إنهاء الإرهاب من خلال التعاون مع بغداد وإقليم شمال العراق"، لافتا إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد تطورات مهمة بهذا الصدد.
وتوقع المراقبون الأتراك، أن عملية عسكرية قد تشارك فيها تركيا ضد منظمة العمال الكردستاني في سنجار العراقية في آذار/ مارس المقبل.
وقال الكاتب التركي، رحيم إر، في مقال على صحيفة "Türkiye Gazetesi" إن زيارة أكار تزامنت مع ذكرى إعدام قادة تركمان العراق عام 1980، وكذلك مع التاريخ الذي بدأت فيه الولايات المتحدة بشحن عشرات الشاحنات من الأسلحة والذخيرة إلى المنطقة، بالإضافة لتنصيب الإدارة الأمريكية الجديدة في البيت الأبيض.
"العمال الكردستاني" اتخذ سنجار مركزا له
وأضاف أن حزب العمال الكردستاني أدرك أنه لا يستطيع التمسك بزمام الأمور في قنديل، فاتخذ سنجار مركزا له مع شحنات كبيرة من الأسلحة والذخيرة، لافتا إلى أن البنتاغون يحاول جعل حزب الاتحاد الديمقراطي والذي يمثل "العمال الكردستاني" قوة شرعية مهيمنة في شمال سوريا والعراق، واليوم بلغ غدد المسلحين المنتمين إلى هذا التنظيم الكردي الانفصالي في سنجار ومحيطها قرابة المئة ألف.
ونوه إلى أن التعاون الأمريكي في إنشاء هذا الهيكل ساهم في خلق خلافات بين تركيا وإيران والعراق وسوريا، فبينما تحتل المنظمة الكردية أراضيها، فلا يمكن لسوريا والعراق اتخاذ أي خطوات ضد منظمة العمال الكردستاني، كما أن تلك المساعي من حكومة بغداد وإقليم أربيل كانت خجولة جدا.
اقرأ أيضا: بارزاني: "بي كاكا" لم تنسحب من سنجار وجلبت مقاتلين من سوريا
ورأى الكاتب التركي، أن العمليات العسكرية الثلاث في سوريا قامت بتعطيل خطط إقامة دولة كردية في شمال سوريا، وحافظت على وحدة الأراضي السورية رغم اعتراض النظام السوري، والأمر ينطبق الآن مع العراق.
مقترح بعملية مشتركة وإلا فإن أنقرة ستتصرف
وكشف الكاتب التركي، أن أكار عرض على بغداد ضرورة إزالة المنظمة الكردية من سنجار ومحيطها، وإذا لم تتمكن، فإنه يعرض عليهم تنفيذ عملية عسكرية مشتركة وإلا فإن أنقرة ستتخذ القرار المناسب بشن عملية ضد العمال الكردستاني في سنجار.
ولفت إلى أن الجواب الذي تلقته أنقرة من بغداد هو كلمة "معك حق" فقط، لافتا إلى أن الجانب العراقي لم يعط إيجابية واضحة بهذا الشأن مرجحا أن سبب ذلك، هو أن العراق يعاني من العديد من الصدمات إلى جانب الاحتلال الأمريكي وتغلغل المنظمة الكردية في أراضيه، ويخشى أن يضاف إليه الوجود التركي هناك.
واستبعد أن تقدم حكومة بغداد على القيام بعملية عسكرية ضد حزب العمال الكردستاني وحده، كما أن خيار العملية المشتركة يبدو غير ممكن، لافتا إلى أن أربيل وبغداد لن تسببا المتاعب لتركيا في حال إقدامها على عملية عسكرية في سنجار.
القوات التركية تجري استعداداتها لعملية في سنجار
وأكد أن القوات التركية تجري استعداداتها لتنفيذ عملية عسكرية في سنجار في آذار/ مارس ونيسان/ أبريل المقبلين، مع قدوم فصل الربيع وذوبان الثلوج.
ورأى أن العملية العسكرية التركية المرتقبة سيكون لها الكثير من التداعيات في واشنطن وباريس ولندن وموسكو، وبعض الدول الخليجية.
بدروه قال الكاتب التركي، تشيتينار أتشيتين، في مقال له على صحيفة "خبر ترك"، وترجمته "عربي21"، إن سنجار تحولت إلى "قنديل ثانية" لمنظمة العمال الكردستاني، وتعد المنطقة مركزا يقود فيه قادة المنظمة الكردية عملياتهم في سوريا.
اقرأ أيضا: هل تنسحب "بي كاكا" بالكامل من سنجار.. ما مصلحة تركيا؟
سنجار بند رئيس على جدول المباحثات التركية العراقية طوال 4 سنوات
ولفت إلى أن سنجار كانت البند الرئيس في حدول أعمال كل اجتماع مع الحكومات المركزية العراقية منذ أربع سنوات، وفي كل مرة أعربت أنقرة عن عدم ارتياحها تجاه هذا الوضع، إلا أن المحاورين العراقيين كانوا يقولون إن أوليتهم تنظيم الدولة الذي حاول إنشاء دولة له من خلال تقسيم الأراض العراقية.
وأشار إلى أن حزب العمال الكردستاني أنشأ قوة مسلحة تتكون من مجموعات صغيرة من الأيزيديين تحت اسم "وحدات مقاومة سنجار"، وبدأ باستغلال الأيزيديين في الشتات ماليا وعاطفيا.
ويملك حزب العمال الكردستاني على خط العراق-سوريا بمنطقتي سنجار و سنوني، 5 قواعد للتدريب المسلح، ومركزا لتدريب على استخدام الطائرات المسيرة درون و3 قواعد لوجستية.
وأضاف أن القوات التركية نفذت سبع عمليات جوية على فترات عدة ضد منظمة العمال الكردستاني في مناطق سنجار ومخمور، لكن التنظيم لم يتنته بسبب الدعم الأمريكي والإيراني للمنظمة في سنجار.
اقرأ أيضا: بغداد تلغي زيارة وزير الدفاع التركي وتستدعي سفير أنقرة
وأوضح أن أجندة أكار والوفد المرافق له في بغداد كانت إمكانية إزالة المنظمة الكردية التي تغذي الدعم اللوجستي في سوريا من منطقة سنجار كما في قنديل، لافتا إلى أن قادة المنظمة يختبئون في مناطق على الجانب الإيراني من جبل قنديل بسبب الطائرات المسيرة التركية التي تحلق 24 ساعة بالمنطقة.
وأوضح أنه بفضل العمليات الناجحة في جبال قنديل، تم قطع الصلة مع أتباع المنظمة الكردية في داخل تركيا.
خطة من مراحل ثلاث في شمال سوريا.. أولها في سنجار
ولفت إلى أن تركيا قدمت خطة تتكون من مراحل ثلاث لإنهاء حزب العمال الكردستاني، والمرحلة الأولى تكمن في تقييد أنشطة المنظمة في سنجار، وبهذه الطريقة سيتم قطع الصلات بينها وبين سوريا في غضون عامين.
أما المرجلة الثانية، فهي قتال الفرع السوري للمنظمة في سوريا، مع الأخذ بعين الاعتبار التوازنات الإقليمية لا سيما الموقفين الأمريكي والإيراني.
أما المرحلة الثالثة، فهي التطبيع والتركيك، من خلال إشراك الأكراد في العملية السورية بما في ذلك المفاوضات على خط أنقرة-موسكو.
وأضاف أن العراق في وضع صعب، فمن جهة إيران ومن جهة أخرى الولايات المتحدة، ولكن المشكلة الرئيسية هي أن سنجار ومخمور والمناطق المحيطة بها هي مناطق متنازع عليها بموجب المادة 140 من الدستور العراقي.
وشدد على أن صبر أنقرة بدأ ينفد، وبزيارة أكار تم إسقاط توقعين، أولهما تنظر إليه أنقرة بحرارة وهي أكثر استعدادا له، لافتا إلى أن أنقرة اقترحت على بغداد تنفيذ عملية مشتركة على سنجار التي يجري العمل عليها عبر أربع سيناريوهات منذ 21 أيلول/ سبتمبر الماضي وتقديم الدعم لبغداد وأربيل.
وأوضح أنه إذا أبدت بغداد استجابة للمقترح التركي، فمن المتوقع البدء بإجراءات بعد النصف الثاني من آذار/ مارس المقبل تستهدف تسع نقاط في سنجار.
تخوفات عراقية
ولفت إلى أن المسؤولين العراقيين لديهم بعض التخوفات، منها عدم وجود جدول للانسحاب التركي، بالإضافة إلى ردود فعل الرأي العام العراقي، بالإضافة إلى أن حكومة بغداد تريد الانتظار لمعرفة السياسة التي يتبناها الرئيس الأمريكي جو بايدن.
أما الطرح الثاني الذي قدمته أنقرة لبغداد، فهو توفير الدعم اللوجستي والاستخباراتي لها ولإدارة أربيل، لضمان السيطرة على المناطق التي ستشير عليها تركيا.
وفي مقال آخر، قال الكاتب أتشيتين، نقلا عن مصادر كردية، إن أكار ناقش مع إدارة أربيل، خيارات مختلفة بشأن سنجار ومخمور، مشيرا إلى أن الطرفين اتفقا على إمكانية تنفيذ هذه الخطط بمشاركة الحكومة المركزية في بغداد بالعملية.
ولفت إلى أن أكار أعطى رسالة لكل من بغداد وأربيل بأن القوات التركية مستعدة ومصممة على تنفيذ عملية في آذار/ مارس المقبل.
وأشار إلى أن بغداد تفضل عملية بدعم استخباراتي تركي يتم الحصول عليه من الجو، إلى جانب الدعم المادي، فيما أرسلت الإدارة الكردية إشارات إلى أنقرة بأنها تستطيع دعم عمليات إزالة حزب العمال الكردستاني من المنطقة، مع وجود تحفظات من بغداد لشن عملية مشتركة.