يترقب الليبيون إعلان ملتقى
الحوار السياسي المنعقد في جنيف، والذي سيبدأ أشغاله الفعلية يوم الأحد، عن تشكيل السلطة التنفيذية (رئيس المجلس الرئاسي ونائباه، ورئيس الحكومة)، ويحدوهم أمل بأن يتوصلوا إلى تشكيلة قابلة للتجانس والعمل بتناغم لمواجهة تحديات كبرى، في مقدمتها إزالة أي عوائق أمام
الانتخابات المزمع عقدها في كانون الأول/ ديسمبر القادم.
ولم يكن مستغربا أن تتدفق الترشيحات ويقع تنافس واسع، فقد بلغ عدد المترشحين حسب آخر المعلومات نحو 50 مرشحا، أكثر من نصفهم لشغل رئاسة وعضوية المجلس الرئاسي، والبقية لمنصب رئيس الحكومة.
ووفقا للآلية التي تم اعتمادها، فإن رئيس وأعضاء المجلس الرئاسي يمكن أن يتم اختيارهم من الجولة الأولى بتوافق المجامع الانتخابية على مرشحها للرئاسي، بمعنى أن يتوافق الأعضاء المنتدبون عن الأقاليم التاريخية الثلاثة على مرشح كل منها للمجلس الرئاسي.
من أعلنوا عن ترشحهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي لشغل منصب رئيس المجلس الرئاسي هم من الشرق، باعتبار أن المنصب مسند إلى الشرق، وبغض النظر عن القطع بهذه "الفرضية"، فإن خلافا من الممكن أن يقع بين الـ24 مشاركا في ملتقى الحوار عن المنطقة الشرقية، ذلك أن عددا منهم، يتجاوز العشرة، يجنح لصالح عقيلة صالح، و"حطبت الريح" لصالح عقيلة بعد انسحاب عبد الجواد العبيدي من سباق الترشح.
دخول الشريف الوافي على خط الترشح يمكن أن يخلط الأوراق، إذ يمكن أن يكون الوافي ممثل حفتر في السلطة الجديدة، مما يعني التقليل من حظوظ عقيلة صالح في الفوز بمقعد الرئيس، كما أن إعلان محمد البرغثي الترشح لشغل المنصب ذاته يضاف إلى حالة التشظي وتشتيت أصوات أعضاء الملتقى عن المنطقة الشرقية. فالبرغثي يمكن أن يكون المخرج بالنسبة لعدد من المشاركين في الحوار من التجاذب بين شخصيتين جدليتين.
مرشحو المنطقة الغربية بينهم منافسة أيضا، فحظوظ خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، لعضوية المجلس الرئاسي ليست وافرة في ظل نزول شخصيات غير جدلية ولها مكانتها الاجتماعية والمهنية، مثل محمد الحافي، رئيس المحكمة العليا ورئيس المجلس الأعلى للقضاء.
وبالتالي، فإنه سيكون من المتعذر حسم التصويت بفوز
المرشحين من قبل المجامع الانتخابية بحصولهم على النسبة المقررة، وهي 73 في المئة من أصوات أعضاء الملتقى، وأن الصيرورة إلى القوائم الرباعية هي الخيار الأقرب.
أمام هذا العدد الكبير من المرشحين، فإن وقتا غير قصير يمكن أن يمضي وتنافسا محموما يمكن أن يقع قبل الوصول إلى توافق نهائي، ويصبح المجال مفتوحا لعقد الصفقات. فكثير من المرشحين يدركون أن حظوظهم في الفوز قليلة أو معدومة، لكنهم يرغبون في استثمار ما يمكن أن يتحصلوا عليه من دعم من داخل الملتقى في تحصيل مكاسب أخرى، كشغل وزارة أو سفارة أو إدارة مؤسسة عامة مهمة.
بالنسبة لرئاسة الحكومة، فإن ما هو شائع أنها من نصيب المنطقة الغربية، دون القطع بهذا الافتراض كما سبق الذكر، وحتى في حال تأكده، فإن القول بأن حظوظ فتحي باشاغا كبيرة في الفوز بها غير مقطوع به، فهناك عبد الجليل عبد الكريم، وزير التعليم السابق في حكومة الوفاق، والأهم هو ترشح أحمد امعيتيق للمنصب، وهو المعروف بقدرته على المناورة والاختراق، فهو صاحب الاتفاق مع حفتر حول توزيع إرادات النفط، كما أنه يقاسم فتحي النفوذ داخل مصراتة بكافة مكوناتها المدنية والعسكرية.
التحدي والإشكال هو أن هذا التدافع والتنافس يتم وفق مقاربة تقاسم سلطة بغيض وتدافع جهوي منكر وصفقات ذات نفع شخصي، وما يلحق ذلك من وسائل بعضها معلن والكثير منها تحت الطاولة وخلف الكواليس، وفي غياب لمعيار الكفاءة وتغييب البرامج التي تناسب المرحلة الانتقالية الجديدة.