وجه وزير الخارجية
الإيراني، محمد جواد ظريف، في تصريحات منسوبة إليه نشرتها وسائل إعلام عربية، انتقادات لاذعة إلى
تركيا، قائلا: "نرفض الوجود العسكري التركي في
سوريا والعراق، ونعتبر سياسات أنقرة حيال دمشق وبغداد خاطئة"، كما ادَّعى بأن بلاده تتواجد في سوريا "من أجل مكافحة الإرهاب".
هذه التصريحات أثارت استياء في أنقرة، إلا أن مصدرا في الخارجية الإيرانية أبلغ وكالة الأناضول للأنباء بأن هذه التصريحات المنسوبة إلى الوزير الإيراني "لا أساس لها من الصحة"، مضيفا أنها "تفتقر للجدية ولا تستحق الإجابة عليها". وقبل هذا النفي جرى اتصال هاتفي بين رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الإيراني حسن روحاني، تناول فيه الزعيمان "الخطوات الضرورية من أجل تطوير
العلاقات على صعيد الاقتصاد والنقل والأمن وغيرها"، وفق بيان دائرة الاتصال في الرئاسة التركية.
وزير الخارجية الإيراني سبق أن أطلق تصريحات مثيرة للغاية، وزعم في تغريدة عبر حسابه الرسمي على تويتر أن أردوغان انتهك سيادة أذربيجان، حين قرأ خلال احتفالات النصر في باكو في كانون الأول/ ديسمبر 2020؛ أبياتا من
قصيدة شاعر أذربيجاني شهير يتحدث فيها عن فصل نهر آراس أراضي أذربيجان الجنوبية التي تقع حاليا داخل حدود إيران عن جمهورية أذربيجان، كما تم آنذاك استدعاء السفير التركي لدى طهران إلى الخارجية الإيرانية للاحتجاج.
العلاقات التركية الإيرانية تشهد بين الفينة والأخرى مثل هذه الأزمات، إلا أن أنقرة وطهران تنجحان دائما في احتوائها وتجاوزها قبل أن تتفاقم. ولكن تصريحات ظريف السابقة واللاحقة بحاجة إلى قراءة، بغض النظر عن صحة الأخيرة التي تأخر نفيها
العلاقات التركية الإيرانية تشهد بين الفينة والأخرى مثل هذه الأزمات، إلا أن أنقرة وطهران تنجحان دائما في احتوائها وتجاوزها قبل أن تتفاقم. ولكن تصريحات ظريف السابقة واللاحقة بحاجة إلى قراءة، بغض النظر عن صحة الأخيرة التي تأخر نفيها. يا ترى، إلى ماذا يرمي الرجل؟ وما هي دلالات توقيت تصريحاته؟
يرى خبراء في الشأن الإيراني أن ظريف يستعد لإعلان ترشحه للانتخابات الرئاسية، وأنه من خلال مثل هذه التصريحات يقدم نفسه للشعب الإيراني كزعيم حازم يدافع عن المصالح القومية بقوة، ويبعث رسائل إلى الداخل والخارج مفادها أنه هو القادر على مواجهة تركيا، وأنه هو رجل المرحلة. وهناك احتمال آخر، وهو أن وزير الخارجية الإيراني يقوم بدور "الشرطي السيئ" في لعبة تبادل الأدوار، ليقوم هو بالتصعيد ويأتي غيره -
كالرئيس الإيراني حسن روحاني أو ذاك المصدر الذي تحدث إلى وكالة الأناضول للأنباء وفضل عدم ذكر اسمه - ليلعب دور "الشرطي الجيد" ويسعى إلى التهدئة.
تصريحات ظريف هذه يمكن قراءتها في إطار انزعاج طهران من الخطوات التي تقدمها أنقرة. وعلى سبيل المثال، جاءت تصريحاته الأولى بعد الانتصار المدوي الذي حققته أذربيجان في إقليم قراباغ ضد أرمينيا، أحد حلفاء إيران في المنطقة. كما أن تركيا عززت تواجدها في أذربيجان من خلال دعمها لباكو في معركة تحرير الإقليم من الاحتلال الأرمني، وفتحت الطريق أمام وصولها إلى جمهوريات آسيا الوسطى. ومن المؤكد أن ردة فعل وزير الخارجية الإيراني كانت تعبر عن انزعاج طهران من الوضع الجديد الذي أسفرت عنه المعركة.
التصريحات المنسوبة إلى ظريف، إن صحت، قد تكون رسالة غير مباشرة إلى تركيا تشير إلى استياء إيران من شيء ما. وكانت السلطات التركية قد ألقت القبض قبل أيام على
دبلوماسي إيراني في المطار لدى محاولته الهروب خارج تركيا، على خلفية اغتيال معارض إيراني في إسطنبول. ونفت طهران صحة التقارير الصحفية التي تحدثت عن هذا الاعتقال وتورط الدبلوماسي الإيراني في الجريمة، الأمر الذي دفع السلطات التركية إلى تكذيب إيران من خلال تسريب مشاهد من كاميرا مراقبة تظهر إلقاء القبض على الدبلوماسي الإيراني. هل هذا ما أثار استياء طهران؟ لا ندري..
العلاقات الأمريكية الإيرانية تشهد تطورات في الأيام الأخيرة تشير إلى احتمال عودة التمدد الإيراني إلى المنطقة في ظل رئاسة الديمقراطي جو بايدن، وفق تفاهمات شاملة بين واشنطن وطهران
العلاقات الأمريكية الإيرانية تشهد تطورات في الأيام الأخيرة تشير إلى احتمال عودة التمدد الإيراني إلى المنطقة في ظل رئاسة الديمقراطي جو بايدن، وفق تفاهمات شاملة بين واشنطن وطهران تشمل
الملف النووي الإيراني وملفات أخرى تتعلق بالعراق وسوريا وغيرهما. ومن غير المستبعد أن تأتي تصريحات ظريف في هذا الإطار، لتعكس تطلعات إيران في المرحلة المقبلة.
إيران منزعجة من
التواجد التركي في العراق وسوريا، سواء صحت تصريحات ظريف الأخيرة أو لم تصح. وهذه حقيقة لا تخفى على أي متابع لشؤون البلدين. ومع ذلك، على طهران أن تدرك جيدا أن التواجد التركي في العراق وسوريا في الظروف الراهنة ضروري لحماية الأمن القومي التركي.
twitter.com/ismail_yasa