يحيي السوريون الذكرى العاشرة للثورة ضد النظام، وسط مخاوف واضحة من
تثبيت مناطق النفوذ بين الأطراف الفاعلة، وهو ما تعكسه الشعارات التي يرفعها المتظاهرون
المؤكدة على وحدة
سوريا أرضا وشعبا.
بعد عقد من
الثورة، باتت سوريا مقسمة إلى مناطق نفوذ، الأولى تحت سيطرة
النظام بدعم روسي وإيراني، بنسبة تزيد عن 62 في المئة من مساحة سوريا، وثانية تعادل
ربع مساحة سوريا تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ذات الغالبية الكردية بدعم
من الولايات المتحدة، وثالثة لا تتجاوز مساحتها 12 في المئة من مساحة سوريا، تسيطر
عليها فصائل المعارضة السورية بدعم تركي.
وأمام هذا الواقع، تثار تساؤلات عن استمرارية حالة التشظي التي أفرزتها
التداعيات والتدخلات الدولية في الساحة السورية منذ اندلاع الثورة في منتصف آذار/مارس
2011.
وفي هذا الصدد، قال القيادي في "الجيش الحر"، العقيد مالك
الكردي، إن عوامل عدة تحكم الوضع القائم، ما دام هناك حالة من عدم الاتفاق بين السوريين
على مستقبل البلاد.
وفي قراءته لمدى بقاء الوضع القائم على حاله، أكد لـ"عربي21"،
أن الوضع المقسم سيبقى على حاله، في ظل عدم التوافق السوري أولا، وعدم توافق الدول
الفاعلة في سوريا.
ويؤكد الباحث في "المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام"
النقيب رشيد حوراني، أن مناطق النفوذ الثلاث التي ترعاها قوى إقليمية ودولية، باتت
تشكل عبئا على تلك الدول.
ويقول لـ"عربي21": "منذ حوالي عام بدأنا نرى مؤشرات
على حلحلة للمسألة السورية، بدأت إرهاصاتها بالحوار الكردي- الكردي برعاية أمريكية،
لتطمين الجانب التركي، وشهدنا مؤخرا الاجتماع الثلاثي في الدوحة الذي جمع كلا من قطر
وتركيا وروسيا، مع إتمام العشرية الأولى للثورة".
ويدلل كل ذلك، من وجهة نظر الحوراني، على أن الوضع الراهن لن يبقى على
حاله، منهياً بقوله: "ربما الوقت الذي يحتاجه إنهاء الواقع، يندرج ضمن سياسة عض
الأصابع، ومن يتألم أكثر يتنازل أكثر، ويكون الحل".
"إلى حين إنجاز الحل"
والواضح للمدير التنفيذي لـ"مؤسسة اليوم التالي"، المعتصم
السيوفي، أن مناطق النفوذ مستمرة إلى حين إنجاز الحل السياسي، الذي يضمن استعادة الدولة
السورية لعافيتها، من خلال إيجاد نظام يحظى بمشروعية سورية أولاً، ودولية ثانيا.
وفي حديث لـ"عربي21"، أكد أن إنجاز الحل السياسي ينفي الأسباب
التي تستدعي التواجد العسكري الأجنبي على الأرض السورية، حيث يقتصر التواجد على الإسناد
والدعم لدولة خارجة من الحرب، بالتشاور والتنسيق مع حكومة شرعية، وضمن إطار أممي وعربي.
وقال السيوفي، إن المعاناة الناجمة عن
تقسيم البلاد مستمرة حتى تحقيق
الحل، والسوريون بانتظار هذه اللحظة، مرجحا في هذا السياق أن لا يطرأ تغيير على مناطق
النفوذ، قائلا: "باعتقادي لا توجد رغبة لدى كل الأطراف لتجديد العمليات العسكرية،
لكن تجدد الصدام يبقى واردا".
مخاوف من تثبيت دائم لمناطق النفوذ
وإلى حين تحقيق الحل، الذي لا يبدو قريبا، تسود مخاوف من تثبيت التقسيم،
ويرى السيوفي أن مصلحة بعض الأطراف السورية تتطلب ذلك، دون أن يسميها.
واستدرك قائلا: "لكن بالمقابل فإن تثبيت مناطق النفوذ بشكل دائم،
يتطلب اتفاقا دوليا كذلك، وهذا مستبعد، وما نراه أن الوضع الحالي مستمر لفترة من الزمن،
حتى ينضج الحل السياسي".