طرح الظهور المتكرر للمدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة ديفيد بيزلي، في محطات سياسية بارزة بالسودان، تساؤلات حول طبيعة الدور الذي يلعبه بالوقت الحالي، رغم دخوله البلاد تحت غطاء الإغاثة الإنسانية.
ووقع بيزلي كشاهد على الاتفاق الأخير بين رئيس مجلس
السيادة الانتقالي بالسودان عبد الفتاح البرهان ورئيس الحركة الشعبية- شمال عبد
العزيز الحلو في عاصمة جنوب السودان جوبا، والمتمثل بإعلان مبادئ يفصل الدين عن
الدولة.
ونص الإعلان على تأسيس دولة مدنية ديمقراطية
فيدرالية، تضمن حرية الدين والممارسات الدينية والعبادة، وعدم فرض الدولة دينا على
أي شخص، وعدم تبني أي دين رسمي.
وفور توقيع البرهان والحلو على إعلان المبادئ، نشر
بيزلي تغريدة بموقع "تويتر"، قال فيها إنه "يوم عظيم لشعب السودان (..)، لا شك أننا سنتذكر هذه اللحظة لسنوات قادمة: السلام والحرية والفرصة الهائلة تلوح في الأفق (..)، لقد أظهر قادة السودان شجاعة هائلة والتزاما للمضي قدما، اليوم هم صانعو السلام".
وفي اليوم التالي، كتب بيزلي: "السلام لا يصنع على الورق بل يصنع في القلب (..)، أمس اجتمع قادة السودان وجنوب السودان وأظهروا للعالم ما يعنيه ذلك، من خلال حل الصراع، ويمكننا القضاء على الجوع (..)، وهذه الروح ستدفع هذه الدول إلى مستقبل أكثر إشراقا"، وفق قوله.
الكاتب والمحلل السوداني عثمان ميرغني أكد أن بيزلي لعب دورا أساسيا في الاتفاق بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية- شمال، والذي جرى توقيعه خلال الأيام الأخيرة.
وقال ميرغني في حديثه لـ"عربي21":
"بيزلي لعب دورا أساسيا، إن لم يكن هو من صاغ البيان من أوله لآخره"،
مشددا على أنه من بناة أفكاره.
وحول المخاوف من دوره في ترسيخ العلمانية في السودان، ذكر ميرغني أن هناك مخاوف حقيقية بين أوساط سودانية، من بيزلي وغيره من المسؤولين الدوليين، معتقدا أنه قد يكون لهم دور في رسم سياسات السودان بالمرحلة المقبلة.
واستدرك بقوله: "لكن عادة يدخلون في الفراغ
الذي يتركه السودانيون في المساحات المختلفة"، مستشهدا أنه في ملف المفاوضات
مع الحركات المسلحة والتوصل للاتفاق، ظهر بيزلي بشكل لافت، وحقق اختراقا أدى إلى
إعلان المبادئ الأخير في جوبا.
ورأى ميرغني أن الدور البارز الذي يمتلكه بيزلي يعود
إلى حضور المنظمات الأممية خلال الأزمة الممتدة في دارفور وفي جنوب كردفان وفي شرق
السودان بصورة كبيرة، مبينا أن هذا الحضور اكتسب أهميته وتخطى الدور الإغاثي، ووصل
إلى تكوين علاقات سياسية مع مختلف الحركات المسلحة.
ولفت إلى أن هذا الدور اتضح مؤخرا من خلال تنسيق
زيارة رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك إلى منطقة جنوب كردفان، بسبب العلاقات
الإيجابية التي يمتلكها المسؤولون الأمميون سواء مع الحركات المسلحة أو السلطات
بالخرطوم.
اقرأ أيضا: البرهان ورئيس "الشعبية" يوقعان اتفاقا لبدء المفاوضات (شاهد)
وأشار إلى أن الأدوار السودانية متراجعة، وتجد من يملأ هذا الفراغ من خارج الحدود، مضيفا أن "الدور الخارجي ينفذ أحيانا رغم ضرورة أن يكون التنفيذ بأيدٍ سودانية (..)".
وبحسب تقدير ميرغني، فإن توسيع الدور الإغاثي المنوط
بالمنظمات الأممية وامتداده لفضاء السياسة، ينبع من مدخل أنها متأثرة من الحرب،
وأصبح السلام واحدا من أعمالها، نظرا لأن نتائج الحرب تقع على عاتقها من توفير
إغاثة وطعام ودواء وكساء وتعليم وخدمات أخرى للمناطق المتأثرة بالحرب.
وتابع: "لذلك تعتقد هذه المنظمات أن تحقيق
السلام هو جزء من عملها، لأنه يعني الاستغناء عن الإغاثة المتضررة من
الحرب".
وعمل بيزلي حاكما لولاية كارولاينا الجنوبية في
الولايات المتحدة خلال الفترة بين عامي 1995 و1999، إلى جانب شغله عضوية بالكونغرس
حينما كان في سن الحادية والعشرين، وبحسب سيرته الذاتية المنشورة على موقع الأمم
المتحدة، دأب على شحذ مهاراته الدبلوماسية واستمر في استخدامها بعد أن ترك منصبه
العام.
وقاد بيزلي في تشرين الأول/ أكتوبر 2019 أول هبوط
لمساعدات غذائية من الأمم المتحدة في مناطق سيطرة الحركة الشعبية بجنوب كردفان،
بعد تعذر لسنوات، وسبق ذلك مفاوضات شاقة في عام 2018، قبل أن توافق الحكومة
السودانية على تولي الأمم المتحدة هذه المهمة الإنسانية.
تحليل: الاستفتاء على دستور ليبيا قبل الانتخابات مستبعد
أزمة الحكومة اللبنانية.. صراع "مصالح" على إيقاع الانهيار
أبرز محطات أزمة سد النهضة مع مرور 10 سنوات عليها