تنكشف رويدا رويدا خيوط مخططات جديدة تستهدف قضية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، حيث بات حلم ترحيلهم بالنسبة لأطراف لبنانية -بعضها في سدّة الحكم- قريبا أكثر من أي وقت مضى بحسب ما تروّج له بعض الأوساط والغرف المغلقة.
وباتت الساحة الفلسطينية في لبنان مهيأة للترويج لفكرة التهجير، وبرزت مكاتب محاماة تعمل بشكل منظم وعلني على دفع اللاجئين اليائسين من واقعهم المرير على منحهم تفويضات ووكالات تتنازل في جوهرها عن حق عودتهم رغم أن ظاهر التفويض يتعلق بالحصول على تعويضات تمهيدا للهجرة إلى واقع أفضل في ظل مكابدة القهر والحرمان داخل مخيماتهم التي تفتقد لأبسط مقومات الحياة الإنسانية.
مصادر من منظمة التحرير أكدت لـ"عربي21" المعطيات، لكنها أشارت في الوقت ذاته إلى أنّ المخططات تلك ستفشل في تذويب القضية الفلسطينية كما فشلت المخططات الأخرى، كما أنها أعلنت أنّ الفصائل كافة تتدارس خطوات عملانية لمواجهة ما يرسم ويحاك للاجئين الفلسطينيين في لبنان بالتوازي مع محاولة إسرائيلية لتفعيل مضامين ما يسمى صفقة القرن بأنماط جديدة مُتحورّة يراد منها نسف القضية الفلسطينية من وجدان الأمة.
الاشتراكي: نرفض وسنتصدى
وتحدّث مسؤول الملف الفلسطيني في الحزب التقدمي الاشتراكي بهاء أبو كروم عن حملة منظمة تتفاعل بهدف تهجير اللاجئين الفلسطينيين، وقال في تصريحات لـ"عربي21": “ننطلق بقراءتنا من الوقائع والمعطيات والحقائق التي باتت معلومة، لا بل يجاهر أصحابها بها دون خجل أو ورع وهم مجموعة محامين يروجون بأنّهم يعملون لصالح تأمين حقوق اللاجئين من خلال تعويضهم ماديا وتوطينهم في بلد ثالث وذلك بعد مصادرة وثائقهم وكل ما يشير إلى ممتلكاتهم"، لافتا إلى أن "الفصائل الفلسطينية تستنكر وتحذر من خطورة هذا المشروع جديا على حق العودة".
وحذر أبو كروم من هذه الأجندة التي "تستهدف جوهر القضية الفلسطينية"، مبديا رفضه لأي "تحركات أو نشاطات تتعلق بالترويج لمُطالبات تبدو في ظاهرها لامعة من حيث أنها تؤمن للفلسطيني حلم الهجرة إلى واقع أفضل، لكن جوهرها خبيث لأنه يستغل الواقع الحياتي والمعيشي الذي يرزح تحت وطأته اللاجئون الفلسطينيون في لبنان”، لافتا إلى أن "مكاتب المحاماة التي تتبنى هذا المشروع ما هي سوى واجهة لمشروع أكبر يتناغم مع رؤى إقليمية تهدف إلى تخفيف العبء عن لبنان في ملف اللجوء وتؤيد هذا المنحى أطراف لبنانية مشبوهة”.
اقرأ أيضا: دعوات لوقف التمييز بحق فلسطينيي لبنان بأزمة كورونا (شاهد)
واعتبر أن المسار قديم وليس حديثا وكشف عن أن "جهات رسمية لبنانية طرحت في وقت سابق تجريد اللاجئين الفلسطينيين الذين يحملون جنسية أخرى من بطاقة الأونروا وشطبهم من سجلاتها، وبالتالي فإنها ليست المرة الأولى التي يطرح فيها موضوع البحث عن وطن بديل ثالث للفلسطينيين غير لبنان، وهذا ما يتناغم مع التضييق على الفلسطينيين في لبنان للدفع بهم نحو الهجرة، وهذا ما ظهر جليا من خلال رفع مجموعات شعار الهجرة في دلالة على يأسها من الواقع المرير الذي يكابده الفلسطيني في لبنان”.
وعن مضمون مشروع التهجير، قال: "جوهر الطرح يتضمن رفع دعوى على بريطانيا باعتبارها صاحبة وعد بلفور والدولة الاستعمارية المُنتدبة على فلسطين والمطالبة بإلزامها دفع التعويضات وهذا مفهوم ومقبول"، موضحا أن "ما هو خطير ويثير الشبهات الطلب من أصحاب الدعاوى تسليم كل وثائقهم وما يملكونه من أدلة تثبت ملكياتهم وحقوقهم في فلسطين بما يعني عملانيا التخلي عن حق العودة، وهو ما حذرنا منه بمشاركة الفصائل والقوى الفلسطينية”.
وأردف: "اللجوء الإنساني حق قد يستفيد منه الفلسطيني وفق المعايير التي ترعاها المؤسسات الدولية، لكننا نرفض بشدة وسنواجه الهجرة الجماعية التي تنظم من خارج إطار الحق الفلسطيني والهيئات الممثلة له ومن قبل إدارات مشبوهة لبنانية ودولية".
وحول الدور اللبناني الرسمي والشعبي، أكد أن لبنان ملزم قانونا بحماية اللاجـئين الفلسطينيين لحين عودتهم إلى أرضهم وبما يتسق مع قوانينه ومعاهداته العربية والدولية، والتحرك الذي يهدف إلى تهجير الفلسطينيين من لبنان هو تحرك يخالف التزامات لبنان الدولية والعربية، ولذلك فإن واجب لبنان الرسمي وبمشاركة الهيئات والمجتمع المدني تحصين الفلسطينيين من عمليات الاستغلال والاحتيال التي تستهدفهم”.
المخيمات: واعون.. ولكن
وشدد أبو فراس موسى عضو اللجنة الشعبية في مخيم البداوي شمال لبنان على أن "الشعب الفلسطيني في لبنان واع لما يرسم له من مخططات تصفية قضيته، وهو لطالما اعتاد منذ زمن النكبة على مواجهة المؤامرات المتوالية التي تكسرت جميعها أمام صخرة صموده ورفضه لمحاولات انتزاع حقه في العودة إلى دياره المسلوبة على مرأى من العالم الذي يعتبر نفسه حرا وحريصا على احترام حقوق الشعوب في تقرير مصيرها".
ولفت إلى أنّ حق العودة "راسخ لا بل متجذر ولا يسقط بالتقادم وقد ورثته الأجيال الفلسطينية تواترا ولم يسقط كما تخيل كثيرون بالتقادم"، مشددا على أنّ "الحملات التي تنادي بالهجرة ونسيان مبدأ العودة عملانيا مشبوهة ويتضح جليا أنها على ارتباطات وثيقة بسفارات وأجندات دولية تحاول إيجاد منفذ إلى مجتمع اللجوء بغية تفتيته وتذويبه تماشيا مع أهداف صفقة القرن التي سقطت أصلا ومحاولة لإنقاذ نتنياهو من حرجه السياسي في كيانه الغاصب".
وأكد أنّ الفصائل الفلسطينية تدين كل طرف يروج ويدعم هذا المخطط من خلال استغلال حالة العوز والحرمان عند فلسطينيي لبنان، وأشار إلى أنّ "بعض الشبان المغرر بهم استجابوا أملا في مستقبل أفضل، لكن أغلبية الشعب الفلسطيني يتصدى ويصمد مجددا مهما كانت الهجمة خبيثة ومحكمة".
وطالب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) والقيادات الفلسطينية بالعمل على "تحصين اللاجئين من خلال تحسين ظروفهم الحياتية وتوفير سبل الحياة الكريمة لهم"، داعيا إلى "الضغط بشكل أكبر على كل من له علاقة يالملف الفلسطيني لرفع الضيم الذي يعصف باللاجئين".
مختصون: خطط متنوعة للاحتلال تهدف إلى تهجير فلسطينيي 48
أزمة الحكومة اللبنانية.. صراع "مصالح" على إيقاع الانهيار