أفادت مصادر مطلعة لوكالة رويترز، الجمعة، بأن حزب الله اللبناني، يقوم باستعدادات تحسبا لانهيار تام للبلد المتعثر.
وقالت؛ إن هذه الإجراءات تتلخص بإصدار بطاقات حصص غذائية واستيراد أدوية وتجهيز صهاريج لتخزين الوقود من إيران.
وتعد الخطوة استجابة لأزمة اقتصادية خطيرة يعيشها لبنان، ستمثل توسعا في الخدمات التي تقدمها الجماعة إلى قاعدة دعمها الشيعية، بشبكة تشمل جمعيات خيرية وشركة بناء ونظام تعويضات.
وتلقي هذه الخطوات الضوء على المخاوف المتزايدة من انهيار الدولة اللبنانية، وهو الوضع الذي تصبح السلطات فيه غير قادرة على استيراد الغذاء أو الوقود من أجل تفادي الظلام.
اقرأ أيضا: FP: العملة اللبنانية انهارت ولا أحد يعرف سعر صرفها الآن
وتبرز الدور المتنامي لحزب الله في التعامل مع الأزمة بخدمات يوفرها عادة ما تكون من اختصاصات الحكومة.
وتعكس هذه الخطة أيضا مخاوف في لبنان من أن يدفع الانهيار الناس إلى الاعتماد على الأحزاب السياسية للحصول على الغذاء والأمن، كما كان الحال مع المليشيات خلال الحرب الأهلية اللبنانية بين 1975 و1990.
وردا على سؤال حول خطط حزب الله، قالت مستشارة رئيس حكومة تصريف الأعمال ليلى حاطوم؛ إن البلاد "ليست في وضع يسمح لها برفض المساعدة" بغض النظر عن السياسة.
وقالت المصادر من الجهة المؤيدة لحزب الله، التي طلبت عدم نشر أسمائها؛ إن الخطة التي من شأنها التحضير للسيناريو الأسوأ المحتمل تسارعت مع اقتراب رفع الدعم في الأشهر المقبلة، ما يثير أشباح الجوع والاضطرابات.
وانهارت العملة اللبنانية مع نفاد الدولار في البلاد، وعدم وجود أي خطة إنقاذ للدولة في الأفق. وارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 400٪.
وأصبح الشجار في محلات السوبر ماركت شائعا الآن، وكذلك صور الأشخاص الذين ينبشون في القمامة بحثا عن الطعام. وأسفر شجار حول مساعدات غذائية هذا الأسبوع عن مقتل شخص وإصابة اثنين آخرين.
ومن شأن خطة حزب الله أن تساعد على حماية مجتمعاته -ليس فقط الأعضاء، ولكن أيضا السكان الشيعة في المناطق التي لدى الحزب نفوذ فيها- من أسوأ ما يمكن أن ينتج عن الأزمة. ويقول المحللون؛ إن الخطة يمكن أن تساعد على احتواء أي اضطراب في قاعدة حزب الله الأساسية.
اقرأ أيضا: الراعي يهاجم حزب الله بشدة.. وأنصار الأخير يردّون (شاهد)
ولم يرد حزب الله الذي يتمتع مع حلفائه بالغالبية في البرلمان والحكومة على طلب للتعليق.
وقال أحد المصادر وهو مسؤول كبير: "الاستعدادات بدأت للمرحلة المقبلة.. إنها بالفعل خطة معركة اقتصادية".
شبكة ضخمة
وقالت المصادر؛ إن بطاقة حزب الله التموينية الجديدة تساعد بالفعل مئات الأشخاص على شراء السلع الأساسية بالليرة اللبنانية، وهي عبارة عن مواد إيرانية ولبنانية وسورية بسعر أرخص إلى حد كبير وبخصم يصل إلى 40٪ بدعم من الحزب. يمكن استخدام البطاقة -التي تحمل اسم إمام شيعي- في تعاونيات بعضها جديد في ضواحي بيروت الجنوبية وأجزاء من جنوب لبنان حيث نفوذ حزب الله.
ولم تتطرق المصادر إلى تفاصيل الميزانية أو المستفيدين.
وحزب الله قوة شبه عسكرية ممولة من إيران يصفها منتقدوها، بأنها "دولة داخل دولة". وأصبح الحزب أكثر انخراطا في شؤون الدولة اللبنانية في السنوات الأخيرة.
وشددت واشنطن، التي تعتبر حزب الله منظمة إرهابية، العقوبات لخنق مصادر تمويله، بما في ذلك ما تقدره بمئات الملايين من الدولارات من طهران كل عام.
وقالت وكالة رويترز: "التمويل الإيراني يجعل حزب الله في وضع أفضل من العديد من الأحزاب المتنوعة في البلاد، بما في ذلك أولئك الذين يعارضون ترسانته. ووزعت بعض الأحزاب سلال مساعدات للمجتمعات التي ترعاها، لكن الشبكة المدعومة من إيران لا تزال كبيرة بالمقارنة".
وقال جوزيف ضاهر الباحث الذي كتب كتابا عن الاقتصاد السياسي لحزب الله: "كلهم يفعلون ذلك.. لكن نطاق حزب الله أكبر وأقوى بكثير، ولديه موارد للتعامل مع الأزمة".
وأضاف: "هذا يتعلق أكثر بالحد من الكارثة لقاعدته الشعبية. هذا يعني أن الاعتماد على حزب الله بشكل خاص سيزداد".
وبينما يعمل حزب الله على توزيع البطاقات التموينية، فإن الدولة، التي تئن تحت سياط الفساد والهدر والديون منذ عقود، تحدثت عن فكرة مثل هذه البطاقة للفقراء اللبنانيين لمدة عام تقريبا دون أن تتحرك. ويقول وزراء؛ إن الحاجة إلى موافقة البرلمان أخرت خطة الدولة لإصدار بطاقات للأشد فقرا.
العتمة والجوع
وانتشرت صور على وسائل التواصل الاجتماعي لأرفف مكدسة بالبضائع المعلبة، وقيل؛ إنها من إحدى التعاونيات التابعة لحزب الله في لبنان الأسبوع الماضي.
وقالت فاطمة حمود وهي في الخمسينيات من عمرها؛ إن البطاقة التموينية تسمح لها مرة واحدة في الشهر بشراء الحبوب والزيوت ومواد التنظيف لأسرتها المكونة من ثمانية أفراد.
وقالت؛ "إنهم يعلمون أننا في حالة سيئة... بدونهم، ما الذي كنا سنفعله في هذه الأوقات الصعبة".
وقال مصدر شيعي ثان؛ إن حزب الله ملأ المستودعات ووزع البطاقات لتقديم الخدمات إلى عائلات لا تنتمي إلى حزب الله، وسد الثغرات في السوق اللبنانية، حيث المواد البديلة عموما تعد أرخص وأكثر شيوعا من ما قبل الأزمة.
وقال؛ إن البطاقة تقدم حصة، على أساس حجم الأسرة، لاحتياجات مثل السكر والطحين.
وهذه البضائع مدعومة من حزب الله أو تستوردها شركات حليفة له، أو تأتي بدون رسوم جمركية عبر الحدود مع سوريا، حيث تتمتع قوات حزب الله بنفوذ قوي منذ انضمامها للحرب لدعم دمشق إلى جانب إيران.
وأضاف المصدر أن حزب الله لديه خطط مماثلة لاستيراد الأدوية. وقال بعض الصيادلة في الضاحية الجنوبية لبيروت؛ إنهم تلقوا تدريبات على التعامل مع ماركات إيرانية وسورية جديدة ظهرت على الرفوف في الأشهر الأخيرة.
وقال مصدران؛ إن الخطة تشمل تخزين الوقود من إيران، فيما تحذر وزارة الطاقة اللبنانية من احتمال انقطاع التيار الكهربائي. وقال المسؤول الكبير؛ إن حزب الله يسعى لإيجاد أماكن تخزين الوقود في سوريا المجاورة.
وقال المسؤول: "عندما نصل إلى مرحلة العتمة والجوع، ستجدون أن حزب الله راح على الخيار الثاني وهذا قرار خطير. عندها الحزب سيقوم مقام الدولة".
أضاف: "إذا وصلنا إلى ذلك الوقت يكون الحزب قد اتخذ احتياطاته لمنع الفراغ".
وكذلك أكد مصدر لبناني مطلع لوكالة الأناضول، أن "حزب الله" اتخذ عدة إجراءات لدعم حاضنته الشعبية استعداداً لأي انهيار إضافي في اقتصاد البلاد، في وقت رأت مسؤولة حكومية بارزة أن ذلك يعد جزءا من التضامن الاجتماعي في ظل الأزمة التي تشهدها البلاد.
ولفت المصدر إلى أن ما يشهده لبنان من تدهور اقتصادي هدفه الضغط على "حزب الله" من خلال التأثير المعيشي على البيئة (الحاضنة) الشعبية للحزب وكذلك على بيئة الأفرقاء الآخرين سواء كانوا من حلفائه أم خصومه، لكن الحزب سيحاول منع حصول ذلك.
وقال المصدر إنه ليس لدى "حزب الله" مصلحة في انهيار الدولة، لكنه حالياً ماضٍ في إجراءاته لحماية حاضنته الشعبية، وكذلك المجتمعات الأخرى حتى وإن كانت تنتمي إلى طوائف أخرى (غير شيعية)، إلى حين التوصل لتفاهمات إقليمية ودولية".
وجراء خلافات بين الرئيس ميشال عون، ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، يعجز لبنان عن تشكيل حكومة تخلف حكومة تصريف الأعمال التي استقالت في 10 أغسطس/ آب الماضي، بعد 6 أيام من انفجار كارثي بمرفأ العاصمة بيروت.
وفي السياق ذاته، قالت ليلى حاطوم، مستشارة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، إن ما يحصل (تقديم مساعدات حزبية) يعكس التضامن الاجتماعي بين المجتمع المدني والأحزاب السياسية التي تشكل جزءا من النسيج اللبناني، من أجل مساعدة المحتاجين.
وأضافت للأناضول أنه "في ظل الظروف الصعبة التي يشهدها لبنان، فإن هذا التضامن والمساعدات مرحب بها، وإن شعبنا أثبت مرة أخرى أنه يتمتع بالتضامن فيما بينه بغض النظر عن الخلافات السياسية".
ولفتت ليلى إلى أن رئيس الحكومة حسان دياب "يعمل حاليا والوزراء المعنيون على سيناريو دعم موحد إلى جانب وضع بطاقة تموينية، إلا أن ذلك يتطلب موافقة مجلس النواب".
وأوضحت أن "الحكومة لم تتوقف عن المساعدة، فهي تقوم بتوزيع مبلغ 400 ألف ليرة لبنانية شهريًا (نحو 260 دولار) على 240 ألف عائلة من الأشد فقراً في أنحاء لبنان منذ 7 أشهر، وهي تقوم بذلك عن طريق الجيش اللبناني".
الطفيلي: المذاهب يؤسسها المجرمون وحزب الله هو المؤامرة
غضب بعد تعنت رئاسي لبناني يعرقل تشكيل الحكومة
أزمة عون والحريري.. تحذيرات من جرّ لبنان إلى المجهول