نشرت صحيفة "صندي تايمز" تقريرا أعده ماثيو كامبل، عن حجم انتشار فيروس كورونا في الدول الأفريقية الذي عادة ما يتم التقليل من ضحاياه، أو لا يتم الإبلاغ عنهم، في وقت تشير فيه شهادات العاملين في المقابر إلى أنهم يعملون ليلا نهار على حفر القبور.
ونقلت عن الممرضة "مسانك"، 22 عاما، التي تعمل في مركز سوداني للحجر الصحي، سبب انشغال حفاري القبور في مقبرة مدني على النيل الأزرق في السودان، التي تصل إليها العربات ذهابا وإيابا.
فهي تعيش قرب المقبرة، وتعرف سبب انشغال حفاري القبور الذين تصل إليهم الجثث، بعد أن ينفد الأوكسجين الضروري لإبقاء الذين يعانون من مرض كوفيد-19 على قيد الحياة.
وتقول: "أشعر كأن العالم سينتهي قريبا بسبب أعداد الموتى الذين نراهم، والمستشفيات مزدحمة وترفض استقبال المرضى وضربنا هذا الفيروس بقوة".
وقالت متطوعة أخرى اسمها رنا، 24 عاما: "شاهدت الكثير من الناس يموتون، بعضهم شباب مثلي، وكان من الصعب مراقبتهم".
اقرأ أيضا: 151 مليون إصابة بكورونا.. وتوصية أمريكية لإغلاق شامل بالهند
ويعلق معد التقرير كامبل، بأن شهادات كهذه تتحدى المفهوم الذي يقول إن الدول الأفريقية تجاوزت أسوأ ما جلبه كوفيد-19 إلى أنحاء مختلفة من العالم، ومن الهند إلى أمريكا.
وقال جون نيغكانسونغ، مدير المركز الأفريقي للتحكم ومنع الأمراض في الأسبوع الماضي، إن أنظمة الصحة المتداعية ونقص الأسرة والأوكسجين وأجهزة التنفس عرضت الدول الأفريقية لموجات سريعة من الفيروس مثل الموجة التي ضربت الهند.
وقال: "لا يمكن تجاهل ما يجري في أفريقيا". ومع أن أفريقيا تظهر كنقطة جديدة ساخنة للفيروس إلا أن الدراسات الأخيرة أظهرت أن القارة فيها حالات أكثر مما تشير إليه الأرقام الرسمية. ولا يتم الإبلاغ عن حالات الوفيات من كوفيد-19 في معظم الدول الأفريقية.
وبحسب الأرقام الرسمية، فإن السودان الذي يبلغ تعداده 42 مليون نسمة عانى من 2,349 وفاة بسبب كورونا، إلا أن دراسة أشرفت عليها ميسون ذهب، خبيرة الأوبئة في كينغز كوليج بلندن، وجدت أنه في منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر العام الماضي قتل الفيروس في الخرطوم وحدها 16,000 شخص.
وقالت ذهب: "نشك في أن نسبة 97% من الحالات في الخرطوم لا يتم الكشف عنها"، مضيفة أنه "ليس تسترا، لكن المعلومات لا يتم الإبلاغ عنها ولا يذهب الكثيرون إلى المستشفى ولهذا لا يعدون الإحصائيات".
ويقول كريستوفر هيل، خبير الأمراض المعدية بجامعة بوستون، إن "الأرقام الرسمية لا تكشف عن سطح ما يحدث".
وكان واحدا من فريق قام بفحص 370 جثة بمشرحة بالعاصمة الزامبية لوساكا في أيلول/ سبتمبر العام الماضي. وخمس الحالات ماتت بسبب كوفيد-19 ولم يتم تسجيل إلا حالتين على أنهما وفاة بكورونا.
وقال: "فكرة أن أفريقيا تجنبت الفيروس هي أسطورة ونتجت عن بيانات رقابة سيئة". وأضاف: "مشرحة لوكاسا هي مجمع كبير تحت الأرض وبأعداد من جماعات ترتيب الجنازات وزحام السيارات حول المكان، وعدد الأكفان التي تخرج من المكان تجعلك تصاب بالذهول. وكوفيد مختف وسط كل هذا".
وقامت بعض الدول بعملية إغلاق وحصنت حدودها إلا أن الشك بالفيروس في عدد من الدول أدى لاندلاع موجات منه. فالرئيس التنزاني السابق جون ماغوفولي، أعلن في أيار/ مايو العام الماضي، أن بلاده تغلبت على الفيروس من خلال الصلاة ليموت متأثرا بفيروس كورونا بعد شهر. وانضم إلى عدد متزايد من المسؤولين الأفارقة البارزين من وزراء وبرلمانيين ماتوا نتيجة الفيروس.
وقال بعض الخبراء إن هذا دليل على أن كوفيد-19 يصيب الكبار. فيما قال البعض إن هذا أخفى حجم انتشار الفيروس. وعلقت ذهب بالقول: "هل يتعرض من هم في السلطة أكثر من الناس العاديين؟ أم لأنهم هم الأكثر ظهورا بسبب توفر المستشفيات والعناية الصحية لهم؟".
اقرأ أيضا: BBC: لماذا ترفض دول أفريقيا الاعتراف بإبادة الإيغور
وحتى الأسبوع الماضي كانت حصيلة الوفيات من الفيروس حتى الأسبوع الماضي في أفريقيا صغيرة، 121,891 مقارنة مع عدد سكان القارة وهي 1.3 مليار نسمة.
وحصلت أكبر نسبة للوفيات في جنوب أفريقيا (54,331) وهي من أكبر الدول المتقدمة في عملية جمع البيانات عن الوفيات. ومع ذلك فإن هناك من يشك في حصول وفيات جماعية لم يتم الكشف عنها، فلو حدث هذا فستكون مشرحة لوساكا مثلا مزدحمة بالجثث كما يقول بابك جافيد، الخبير بالأمراض المعدية بجامعة كاليفورنيا، سان فرنسيسكو.
وحذّرت منظمة الصحة العالمية من كارثة إنسانية في أفريقيا وبمئات آلاف الوفيات. ويظل تجنب الكثير من أجزاء القارة هذا الوضع لغزا كما يرى جافيد. وربما كان نتيجة للمناعة التفاعلية، أي التعرض لفيروسات أخرى أو لأن السكان في أفريقيا هم شباب بشكل نسبي، بمستوى 18 عاما. وقال: "أفكر بهذا كل يوم ولكني لا أعرف بالتحديد سبب مناعة أفريقيا".
وأهم مثال على هذه المناعة هو نيجيريا التي يبلغ عدد سكانها 201 مليون نسمة وبنظام صحي ضعيف ومدن مزدحمة ولم تسجل فيها إلا 2,063 حالة وفاة، أي أقل من السلفادور التي لا يتجاوز عدد سكانها الـ6.5 مليون نسمة.
ويعترف خبراء الصحة العامة بأن الرقم لا يعكس بالضبط الواقع، إلا أن كريستيان هابي، أستاذ الميكروبات اشتكى من أن نيجيريا لم تحصل على الثناء مما حققته في مواجهة فيروس إيبولا. وقال: "على العالم الاعتراف بما فعلناه ولسوء الحظ، لا تريد هذا".
ويرى ساني عليو، الذي عمل في العام الماضي منسقا للرد النيجيري على كوفيد-19، أن سبب انخفاض الحالات هو "الإغلاق المتشدد"، الذي أوقف الموجة الأولى.
أما في نيجيريا، فنسبة 3% من السكان هم من المعرضين لخطر الإصابة، أي فئة الـ65 عاما، مقارنة مع نسبة الـ18% في بريطانيا.
وفي المناطق الريفية لم ينتشر الفيروس بشكل واسع.
ويقول عليو، الذي يعمل مستشارا لمستشفيات جامعة كامبريدج: "تخرج من كوخك وتقضي معظم وقتك في الخارج لو كنت مزارعا" و"انتقال العدوى ليس فاعلا في الخارج". ولكنه لم يخف مخاوفه من أن ما يحدث في الهند قد يحدث بسهولة في نيجيريا، مشيرا إلى نقص اللقاحات والخطر هو الجلوس مرتاحا لأن الفيروس لا يزال موجودا.
وترك الوباء أثره على زيمبابوي التي اعتبرت مرة "سلة غذاء" أفريقيا بعد سنوات من سوء الحكم.
وتقول رشيدة فيراند، أستاذة الصحة الدولية بمدرسة لندن للاقتصاد، التي تعمل بمستشفى تعليمي في هراري: "كان علينا رفض الكثير من المرضى".
وتعتقد أن الكثير من حالات الوفاة لم يتم الإبلاغ عنها، بخاصة في المناطق الريفية أثناء الموجة الثانية.
لكن زيمبابوي لم تواجه موجة مدمرة مثل الهند، وتأمل ألا يحدث هذا في الموجة الثالثة المتوقعة.
وتعلق: "يقول البعض إن أفريقيا استطاعت التعامل مع الوضع أو أن هناك أمرا سحريا في ما يتعلق أفريقيا، ولكنني سأكون مترددة بقول هذا، ولو شاهدنا حالات أكبر لانهارت أفريقيا".
الغارديان: ملايين السوريين في خطر جراء تصاعد كورونا
نيوز ري: من يسعى لإفشال اتفاقية السودان وروسيا العسكرية؟
FT: الطلاب اللاجئون في لبنان يكافحون لتجاوز عقبات التعليم