قال مارتن شولوف، مراسل صحيفة "الغارديان"ن إن نتائج الانتخابات السورية معروفة النتائج، إذ يحاول الرئيس المخضرم استعادة خسائره، وتأكيد نفسه على أنه الشخص الوحيد الذي سيرسم الطريق من خارج أكبر دمار تشهده البلاد في عصرها الحديث.
وأضاف شلوف في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، أن حلفاء سوريا الروس والإيرانيين عملوا جهدهم لدعم بقاء النظام، وحمايته من الهزيمة في المعارك، لكن النظام التقليدي السلطة، أي بيت الأسد، ظل جزءا عضويا في الحفاظ على السلطة من الداخل؛ فما تبقى من سوريا أصبح في معظمه تحت سيطرة آل الأسد أكثر مما كان عليه الحال قبل الثورة، وظلت السلطة التي تم بناؤها على مدى أربعة عقود أو يزيد عمادا للعائلة والديكتاتورية.
وشدد على أنه في الوقت الذي دخلت فيه الحرب الأهلية حالة من الانسداد وهزم تنظيم الدولة، تحركت أسماء الأسد، زوجة الرئيس، للإطاحة بابن خال الأسد وأثرى أثرياء سوريا، رامي مخلوف، الذي ظل بمثابة مستشاره المالي، ولم يكن أحد يستطيع المساس به، حتى أصبح فجأة دون غطاء.
ففي بداية عام 2020، سيطرت أسماء الأسد على مؤسسة خيرية استخدمها مخلوف لتقديم الدعم إلى عائلات الموالين للنظام ممن قتلوا في الحرب.
وقال رجل أعمال بارز يعيش في المنفى لاتهامه بدعم الثورة ضد الأسد للصحيفة: "في تلك اللحظة، عرف بشار وأسماء من أين تأتي الأموال إلى سوريا"، مضيفا: "هناك نظام للأمم المتحدة وجمعيات خيرية، وقامت أسماء بالسيطرة على الجمعيات تحت رعاية رامي، وخسر رامي موقعه بسرعة كراع لها، والباقي كان سهلا".
وفي المرحلة القادمة، جرد رامي من أسهمه في شركة الهواتف النقالة "سيرياتل" واحدة من "البقرات" التي ظلت تحلب المال للاقتصاد المحطم بالعقوبات وانهيار النظام المالي في الجار لبنان، وتراجع سعر العملة والتضخم.
وتم أخذ المجموعة التي أنشأها كعجلة للاستثمار منه، وترك مخلوف وحيدا يشكو من وضعه عبر سلسلة من أشرطة الفيديو على صفحته في "فيسبوك"، وكان آخرها شريط وضعه قبل أسبوعين يشكو فيه حظه، ويزعم أن "معجزة" ستحدث قريبا في سوريا.
ويرى المراقبون أن المعجزة الوحيدة هي نتائج الانتخابات، ولو حصل الأسد على أقل من نسبة 90% من أصوات الناخبين.
ووصفت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي العملية الانتخابية بغير الشرعية، ذلك أن معظم شمال سوريا خارج عن سيطرة النظام، كما أن العملية لا تلتزم بأهداف نهاية النزاع.
اقرأ أيضا: صور لانتخاب الأسد على جدران أبنية دمرها النظام بحمص
ويرى الكاتب أن الطريقة السهلة التي تم التخلص فيها من مخلوف والسيطرة على الموارد المالية من شركاته قادت البعض لمقارنة البلد بـ"دولة المافيا"، والتي تستخدم البنى التحتية الضعيفة للدولة لإبقاء أتباعها تحت سيطرتها.
وقال رجل الأعمال إن "أهم لحظة لبشار جاءت عندما ماتت والدته" في عام 2016، و"فتحت الأبواب لأسماء، وشعر بشار بالحرية لعمل ما يريد، وكانت أنيسة متشددة، وأصرت على قمع المتظاهرين عام 2011".
وأصبح معروفا ما أدى إليه القمع من قتل أكثر من نصف مليون سوري، وتهجير أكثر من نصف سكان سوريا ما قبل الحرب، وتدمير معظم المدن والبلدات.
وقال رجال أعمال تحدثوا إلى الصحيفة إنهم تعرضوا للابتزاز من المسؤولين الذين جاءوا إلى مكاتبهم، وطالبوهم بدفع مبالغ مستحقة على مواد مستوردة.
وكشف رجل أعمال بارز "جاءوا إلى ورشة صديق وقسم المبيعات، وزعموا أنهم من الجمارك"، و"بدأوا بطلب غريب، ثم خفضوه إلى 400.000 دولار. وكانت عملية ابتزاز بسيطة وسهلة، فهم مفلسون، ويريدون جمع المال من أي مصدر كان. وخسروا مليارات الدولارات في لبنان، ولا موارد مالية لديهم".
وقال رجل أعمال آخر من ثالث المدن السورية، حمص، إن مسؤولين من الأمن زاروه في آذار/ مارس، وزعموا أن هناك ديونا لم يدفعها، "وقضيت أسبوعا في حل الأمر، ودفعت 180.000 دولار، وكان علي أن أعطي الميجر سيارة".
ويرى الكثيرون ممن تعاملوا مع الأسد في السنوات الأولى من رئاسته أن ظهور سوريا كدولة مافيا أدهشهم، ولكن من تعاملوا معه عن قرب لم يندهشوا، وقال إنهم لم يشكوا بالنتيجة.
ويقول ابن عم الأسد، ربال الأسد، الذي يعيش منذ عقدين منفيا في الخارج، إن المجتمع الدولي يبدو أنه استسلم لما يجري في سوريا، "ويسمح العالم له بعقد هذه الانتخابات"، و"لا شيء يدعو إلى التفاؤل عما حدث خلال السنوات العشر الماضية، وهناك الكثير من السوريين، شرفاء وأذكياء، ممن نظروا إلى المعارضة وقالوا: إذا كان هؤلاء هم الرجال الجدد، فالوضع أسوأ، ولن ننضم إلى النظام، وسنكون على قائمة العقوبات في اليوم التالي".
وينظر المنفيون السوريون بمشاعر مزيجة إلى الانتخابات، حيث تقوم الحشود في بيروت بالهجوم على قوافل السوريين الحاملين للعلم السوري إلى السفارة السورية للمشاركة في الانتخابات.
ويقول المسؤولون اللبنانيون إن من صوتوا كانوا مجبرين على عمل هذا. ومنعت ألمانيا وتركيا التصويت، ووصفه المسؤولون بالمسرحية والمهزلة.
ديلي تلغراف: انتخابات الأسد مزورة والشباب يبحثون عن مهرب
التايمز: لماذا تحاول دول عربية التقرب من الأسد؟
إيكونوميست: الديكتاتوريون العرب يحبون وضع منافسين بالانتخابات