فجّر اعتقال القوات الأمنية العراقية قائد الحشد الشعبي في غرب الأنبار قاسم مصلح، الأربعاء، توترا بين قوات "الحشد" وحكومة مصطفى الكاظمي، أدى إلى غلق مداخل المنطقة الخضراء، وانتشار كثيف للآليات العسكرية في العاصمة بغداد.
وعلى إثر ذلك، أصدرت عدد من قادة المليشيات الموالية لإيران بيانات طالبت الكاظمي بالإفراج الفوري عن القيادي في الحشد الشعبي، والاعتذار عما قامت به، رافضة اعتقاله على خلفية اتهامات تتعلق بالإرهاب.
توقيت الاعتقال
اعتقال مصلح جاء بعد يوم دام شهدته ساحة التحرير جراء مقتل اثنين من المتظاهرين وإصابة 150 آخرين، الأمر الذي أثار تساؤلات حول توقيت الاعتقال، وعلاقته بالأحداث التي رافقت الاحتجاجات التي خرجت نتيجة اغتيال عدد من الناشطين، وآخرهم إيهاب الوزني.
وكشفت والدة إيهاب الوزني، في تصريح لقناة "الحرة" الأمريكية، أن نجلها تلقى تهديدات مستمرة بالقتل من القيادي في "الحشد" قاسم مصلح، قائلا له: "سأقتلك ولو بقي في حياتي يوم واحد"، مؤكدة أن "التهديد الأخير صدر عن مصلح قبل نحو شهر من اغتيال الوزني".
وفي السياق ذاته، أظهرت مذكرة اعتقال صادرة من القضائي العراقي أن قاسم مصلح مطلوب بتهمة الإرهاب، وفق المادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب، دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.
اقرأ أيضا: ما مصير الفصائل الولائية بالعراق بعد "تخلي" إيران عنها؟
من جهته، استبعد المحلل السياسي، غانم العابد، في حديث لـ"عربي21"، وجود ربط بين اعتقال مصلح وأحداث مظاهرات الثلاثاء، والحديث عن أنها عملية تسعى الحكومة من خلالها إلى التغطية على ما جرى، واصفا اعتقاله بأنه "صيد ثمين" للحكومة بسبب الاتهامات الكثيرة.
وأوضح العابد أن "تاريخ مذكرة اعتقال قاسم مصلح صادرة يوم 21 من الشهر الجاري، وأن الأخير عليه الكثير من الاتهامات، منها اغتيال الناشطين فاهم الطائي وإيهاب الوزني في مدينة كربلاء، إضافة إلى اتهامه باستهداف قاعدة عين الأسد العسكرية في الأنبار".
وفي المقابل، رأى الكاتب والمحلل السياسي جاسم الشمري، في حديث لـ"عربي21"، أن "الكاظمي يحاول امتصاص الغضب الشعبي من خلال عملية الاعتقال، خصوصا بعد الانتهاكات الخطيرة التي حصلت أمس، بمقتل وإصابة متظاهرين، والتي حصلت بعد تعهد الكاظمي بحماية المتظاهرين".
ضوء إيراني
وبخصوص اعتقال القيادي في الحشد الشعبي بعد أيام من تقارير صحفية تفيد بتخلي إيران عن مليشيات كبيرة وقوية في العراق، رأى العابد أن "إيران بدأت ترى في الكثير من المليشيات العراقية عبئا عليها، وفشل الجنرال إسماعيل قاآني في احتواء هذه المليشيات، ولهذا بدأت بتأسيس مجاميع صغيرة".
وتابع: "إيران دولة توظف أوراقها وفق مصالحها، لكن هذه المليشيات بدأت تورط طهران في زيادة التوتر مع الولايات المتحدة في وقت تريد الأولى التهدئة، فيما تشعر المليشيات بأن رأسها قد يكون ثمنا للتفاوض الأمريكي الإيراني".
وحول ما يدور من حديث عن محاولة الكاظمي إعلان حكومة الطوارئ من خلال التصعيد، فقد استبعد العابد ذلك، ورأى أن هذه المليشيات لديها رغبة في توظيف المظاهرات والأحداث للضغط على الكاظمي من أجل تقديم استقالته قبل الانتخابات المبكرة في 10 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.
من جهته، رأى الكاتب جاسم الشمري أن "حالة الفوضى في حمل السلاح هي التي جعلت الأطراف المتضررة من محاولة الكاظمي تطبيق القانون أن تقول إنه يحاول تأجيل الانتخابات وإعلان حكومة طوارئ، فالمشكلة الكبرى بالعراق هو عدم تطبيق القانون على الجميع".
كما استبعد الشمري أن "تسعى إيران إلى مثل هذا الإجراء (السماح باعتقال مصلح) الذي يقود إلى نشر الأمن في العراق، لأنه من المعلوم أن لديها تدخلات سلبية في الشأن العراقي، وعليه فلا يمكن التصور أن طهران تتدخل إيجابيا، إلا إذا وافقت طهران واشنطن على هذا الأمر، ولا توجد مؤشرات على ذلك حتى الآن".
نهاية الكاظمي
وفي ظل عملية الاعتقال التي طالت قاسم مصلح، تضاربت الأنباء بخصوص مصيره، الأمر الذي أعاد طرح سيناريوهات استجابة الكاظمي للضغوطات والإفراج عنه، كما حصل مع عناصر مليشيات "حزب الله" و"عصائب أهل الحق"، بعد اعتقالهما في حادثتين مختلفين العام الماضي.
وتعليقا على ذلك، قال العابد إنه إذا تكرر سيناريو الإفراج، وأطلق سراح هذا القيادي في الحشد الشعبي لإسكات المليشيات، فإن الكاظمي يعتبر قد انتهى، وأن الشارع سينقلب عليه هذه المرة، ولا ينسى أن مظاهرات، يوم أمس، كان عنوانها: "من قتلني؟".
واتفق مع ذلك الشمري بالقول: "الكاظمي أمام تحد كبير جدا، ففي المرة الماضية يمكن للعراقيين أن يتقبلوا ما جرى من إفراج عن عناصر وقياديين بالحشد، فإذا تكرر ذلك بالإفراج عن قاسم مصلح، فذلك يعني إن إجراءات الحكومة سرابية ومجرد استعراض إعلامي".
اقرأ أيضا: رويترز: إيران تشكل فصائل نخبوية بالعراق موالية لها بشدة
وتابع الشمري، قائلا: "إذا أحيل ملف قاسم مصلح إلى قضاء الحشد الشعبي، فمعنى ذلك الإفراج عنه، وبذلك تكون هذه نهاية الكاظمي، وأعتقد أن الأخير عليه أن يرحل من الحكومة".
ولفت إلى أن "اعتقال قاسم مصلح ومصيره شهد تضاربا كبيرا، إذ صرح الحشد الشعبي بأنه موجود لديه، فيما أعلن رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي أنه معتقل لدى العمليات المشتركة".
وأصدر مكتب الكاظمي بيانا، قال فيه إن "قوة أمنية عراقية مختصة نفذت بأمر القائد العام للقوات المسلحة مذكرة قبض قضائية بحق أحد المتهمين صباح اليوم وفق المادة 4 إرهاب، وبناء على شكاوى بحقه".
وأضاف: "شكلت لجنة تحقيقية تتكون من قيادة العمليات المشتركة واستخبارات الداخلية والاستخبارات العسكرية والأمن الوطني وأمن الحشد الشعبي؛ للتحقيق في الاتهامات المنسوبة إليه، وهو الآن بعهدة قيادة العمليات المشتركة إلى حين انتهاء التحقيق".
وأكد البيان أن "المظاهر المسلحة التي حدثت من قبل مجموعات مسلحة تعد انتهاكا خطيرا للدستور العراقي والقوانين النافذة، ووجهنا بالتحقيق الفوري في هذه التحركات حسب القانون".
لكن المسؤول الأمني لكتائب حزب الله، أبو علي العسكري، نشر تغريدة، قال فيها إن "قاسم مصلح الآن حر عزيز بين إخوته وأحبائه، بعد أن صالت مجموعة من الغيارى على بعض أوكار الشر في المنطقة الخضراء، وجرى استقدام قوات مساندة".
واعتبر العسكري أن "عملية الاعتقال عبارة عن اختطاف من إحدى مناطق بغداد بترتيب يحاك له من 7 أيام بين رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، وأبو رغيف (رئيس لجنة مكافحة الفساد)، وخلية تابعة لوكالة المخابرات الأمريكية".
"حوارات سرية" بين قوى سياسية لإعلان حكومة طوارئ في العراق
ما حقيقة الحديث عن "صفقة" تبقي الكاظمي في ولاية ثانية؟
هل يدفع انسحاب قوى تشرين للتشكيك بشرعية انتخابات العراق؟