نشرت صحيفة "التايمز" اللندنية تقريرا للصحفي أليستير
دوبر من واشنطن قال فيه إنه من بين العديد من الأعلام الفلسطينية واللافتات المرسومة
باليد في مظاهرة مناهضة لإسرائيل في نيويورك برزت واحدة، نصها: "لا نستطيع التنفس
منذ عام 1948".
ولقد جمعت الشعار العاطفي لحركة "حياة السود مهمة"
(BLM) مع تاريخ تأسيس إسرائيل، أو النكبة، كما يتذكرها الفلسطينيون.
وأعلنت الحركة على "تويتر" قبل أسبوعين أن
"حياة السود مهمة تقف متضامنة مع الفلسطينيين"، بينما كانت الطائرات الإسرائيلية
تقصف غزة ويطلق مسلحو حماس صواريخ على إسرائيل. "نحن حركة ملتزمة بإنهاء الاستعمار
الاستيطاني بجميع أشكاله وسنواصل الدفاع عن التحرر الفلسطيني (لقد فعلنا ذلك دائما،
وسنبقى كذلك دائما)".
أدى تبني المجموعة للقضية الفلسطينية، وهي قضية هامشية وغير
شعبية إلى حد كبير في بلد شديد التأييد لإسرائيل، إلى مظاهرات أكبر وأكثر ضد إسرائيل
من أي وقت مضى في أمريكا. كما كان يعني أيضا أنه في الكونغرس، حيث تجلس الآن مجموعة
من الأعضاء الديمقراطيين اليساريين، بعضهم قضى فترة مهمة من حياته في حركة "حياة
السود مهمة"، كان هناك دعم مفتوح للقضية الفلسطينية.
انتخبت كوري بوش، 44 عاما، وهي عضو في الكونغرس من ولاية
ميسوري، لعضوية مجلس النواب لأول مرة في تشرين الثاني/ نوفمبر. ولدت هويتها السياسية
في أعمال الشغب التي أعقبت إطلاق النار المميت على الشاب الأسود مايكل براون، 18 عاما
على يد ضابط شرطة أبيض في فيرغسون، وهي بلدة في ولايتها.
وبينما تبادلت حماس إطلاق الصواريخ العشوائي مع القصف الضاري
لسلاح الجو الإسرائيلي، سعت بوش وزملاؤها إلى تحويل الخطاب السياسي الأمريكي بعيدا
عن إسرائيل وتجاه الفلسطينيين. وقالت في تغريدة في 18 أيار/ مايو: "في غضون ساعات،
قتل الجيش الإسرائيلي أربعة أجيال من عائلة فلسطينية واحدة في غزة -أكبرهم كان 90 عاما،
وأصغرهم ستة أشهر.. إن المذبحة الجارية في فلسطين هي نكبة حقوق إنسان، نكبة يجب علينا
التوقف حالا عن تمويلها. إن العالم يراقب (أيها الرئيس بايدن)".
عندما انتهت الأعمال العدائية بعد 11 يوما من إراقة الدماء
على الجانبين، كتبت: "وقف إطلاق النار ينهي القصف وليس العنف. الاحتلال العسكري
الإسرائيلي مستمر. الحصار مستمر. التطهير العرقي مستمر. يجب أن تتوقف حكومتنا عن تمويل
وضع الفصل العنصري الراهن".
يصف بعض ناشطي "حياة السود مهمة" على مستوى القاعدة
كفاحهم من أجل الحقوق المدنية في أمريكا بأنه "انتفاضة أمريكية". وقبل أسبوعين،
نظم الطلاب الذين يدعمون حركة "حياة السود مهمة" في جامعة كورنيل، وهي واحدة
من أعرق الجامعات الأمريكية، مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في إيثاكا، نيويورك.
كتب أحد المتظاهرين، راسل ريكفورد، على موقع Vox الإلكتروني: "لا يمكن أن يكون هناك شك في أن حركة حياة السود
مهمة، التي أطلق عليها البعض اسم 'الانتفاضة الأمريكية'، قد أثارت أسئلة في لب الوعي
السياسي الأسود حول حقوق الإنسان وعنف الدولة -ومبادئ الثورة الشعبية- وثيقة الصلة
بالنضال الفلسطيني".
"إن وجود كتلة حرجة من الشباب على استعداد لدعم الحرية
للفلسطينيين علانية -وهي قضية كان ينظر إليها العديد من الناشطين التقدميين على أنها
مثيرة للجدل- يعكس مدى تحول الخطاب العام حول هذه القضية. حتى في أمريكا، قلعة الدعم
للقوة الإسرائيلية، فإن بعض وسائل الإعلام الرئيسية الآن تكمل التأكيدات التقليدية
لـ"حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها' بموضوعات صريحة عن التحرر الفلسطيني".
ومع ذلك، كرر الرئيس بايدن، الذي لم يكن حليفا سياسيا لرئيس
الوزراء الإسرائيلي المتشدد بنيامين نتنياهو، دعمه الطويل الأمد لإسرائيل في مؤتمر
صحفي بعد الاتفاق على وقف إطلاق النار. وقال: "ما لم تعلن المنطقة بشكل لا لبس فيه أنها تعترف بحق إسرائيل في الوجود كدولة
يهودية مستقلة، فلن يكون هناك سلام".
قبل أيام، بايدن، 78 عاما، تم وضعه في موقف حرج في مطار ديترويت
من قبل عضو الكونغرس عن ميشيغان رشيدة طليب، 44 عاما، التي فعلت الكثير للترويج لحركة
"حياة السود مهمة"، وأول امرأة من أصل فلسطيني تخدم في مجلس النواب، حيث
تجادلت مع الرئيس لعدة دقائق، وأكدت على أهمية القضية الفلسطينية.
أشاد بايدن بها خلال خطاب ألقاه في مصنع فورد في وقت لاحق
من ذلك اليوم. "أريد أن أقول لك إنني معجب بذكائك، وأنا معجب بشغفك، وأنا معجب
باهتمامك بالعديد من الأشخاص الآخرين. وهذا من قلبي".
قبل أقل من 24 ساعة، غردت طليب قائلة: "رئيس الفصل العنصري
نتنياهو لن يستمع إلى أي شخص يسأل بلطف. إنه يرتكب جرائم حرب وينتهك صراحة القانون
الدولي".
أولئك الذين يمثلون المصالح الإسرائيلية يقولون إنه من الخطأ
استيعاب مطالب حركة "حياة السود مهمة" ومطالب الفلسطينيين. إحداهما تتعلق
بالعرق، كما يقولون، والأخرى تتعلق بالأراضي.
قال مارك ميلمان، رئيس الأغلبية الديمقراطية لإسرائيل، لواشنطن
بوست: "يدرك معظم الناس أن هناك ديناميكية مختلفة تماما تعمل بين منظمة إرهابية
تطلق 3500 صاروخ على بلدك من ناحية، والديناميكيات العرقية التي تحدث في المدن الأمريكية..
إن الفشل في إدراك هذا الاختلاف يصبح أمرا مضللا بشكل أساسي".
وسيكون من الخطأ الاعتقاد بأن أمريكا تبنت القضية الفلسطينية.
يظل الدفاع عن إسرائيل وأمنها محوريا في السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط. وأظهر
استطلاع أجرته مؤسسة غالوب مؤخرا أن ثلاثة أرباع الأمريكيين ينظرون إلى إسرائيل بشكل
إيجابي، بالإضافة إلى 30% فقط للسلطة الفلسطينية.
عندما زار أنتوني بلينكين، وزير الخارجية، المنطقة التي لا
تزال مشتعلة في الأسبوع الماضي، أعاد تأكيد دعم واشنطن للإسرائيليين ووعد بإعادة تزويد
نظام القبة الحديدية للدفاع الصاروخي.
لكن كان هناك أيضا تبرعات للفلسطينيين. ستكون هناك مساعدات
لإعادة بناء غزة، وسيعاد فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، التي أغلقتها إدارة
ترامب.
السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط لا تزال كما هي: دعم
إسرائيل لا جدال فيه. ومع ذلك، فقد تغيرت النغمة، دبلوماسيا وفي الشوارع.
اقرأ أيضا: FT: تحقيق السلام يحتاج لدور أمريكي فاعل لا التصفيق لإسرائيل
معلق أمريكي: نتنياهو مسؤول عن اهتزاز علاقة أمريكا بإسرائيل
NYT: شكوك متزايدة تجاه إسرائيل داخل الحزب الديمقراطي
WP: تحول بمواقف واشنطن والداخل الأمريكي من إسرائيل