ربما جاز أن نعطي صورا للتشبيه والاستعارة في موضوع التيار الإسلامي بالجزائر، على أنه أقرب لحالة طائر العنقاء، الذي ما إن يحترق بالنار بعد أن يضع بيضته الأولى التي تشبه في حجمها الثور الكبير، حتى يولد من رماده من جديد، ولعله ها هنا لا يسعى صوب فينيقيا ولا إلى مصر الفراعنة، حيث آلهة الشمس، وإنما إلى مغرب الأرض حيث لا تكاد تخبو جذوة التيار الإسلامي فكريا وعلى المستوى الشعبي، بسبب الإكراهات المسلطة عليه من قوى أيديولوجية معادية لها امتداداتها الاستعمارية المعادية لقيم شعوب المنطقة، حتى يعود من جديد من رماد الانقلابات والتهميش وعمليات التزوير التي تستهدفه لذاته كونه التيار الوحيد الحامل لمشروع أمة.
ولقد شكلت الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت في 12 حزيران (يونيو) الجاري بالجزائر، ما يمكن اعتباره ضمن نظرية الصبر الاستراتيجي بأنها "مقاومة النفس الطويل"، على الرغم من أن نتائجها جاءت أقل من المتوقع، بعد أن كاد هذا التيار المقاوم ينتهي جراء حقبة كاملة من المطاردات والتلفيق السياسي، بدأت أول ما بدأت بالانقلاب العسكري على فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ في تشريعيات كانون الأول (ديسمبر) 1991 بالأغلبية الساحقة، وكل ما تلا ذلك من مطاردات وقتل وتشريد كاد أن يأتي على مجمل العمل الإسلامي في الجزائر، قبل أن يتواصل القمع والتضييق بطرق "إدارية" رهيبة، مارست خلالها الإدارة هواية التزوير ضد هذا التيار لحوالي 17 مناسبة انتخابية تقريبا إلى غاية آخر انتخابات كما أكد على ذلك الدكتور عبد الرزاق مقري، واللافت أن الضحايا بعد الجبهة الإسلامية للإنقاذ كانت كلها تيارات إسلامية منبثقة عن التيار الإخواني وإن على المستوى الفكري وليس التنظيمي بالضرورة.
وتثبت نتائج تشريعيات 12 حزيران (يونيو) الأخيرة، وعلى الرغم من كل ما يكتنفها من عوار ونسب عالية من المقاطعة والعزوف الانتخابي، بسبب الظروف الاستثنائية التي تعيشها الجزائر وعدم اقتناع شريحة واسعة من الشعب بعدم وجود تغيير حقيقي بعد سقوط منظومة بوتفليقة، أن الفكرة الإسلامية على رغم الحصار والتشويه الذي تتعرض له باستمرار وبطرق مدروسة ومبرمجة، تبقى راسخة الجذور ومن الصعب اقتلاعها أو استئصالها كما عمد إلى ذلك ما يسمى بالتيار الاستئصالي في الجزائر طوال العشرية السوداء، والدليل أنها وعلى الرغم من كونها تعد دائما الضحية الأولى والوحيدة تقريبا لتلاعبات الإدارة وإرادة التزوير التي تسكن عمق الأنظمة العربية في مجملها، إلا أنها تمكنت من الحصول على 108 مقاعد (حركة حمس 64 مقعدا، وحركة البناء 40 مقعدا، حزب الحرية والعدالة مقعدان وحزب العدالة والتنمية مقعدان أيضا) من أصل 407 مقاعد تتشكل منها الغرفة السلفى للبرلمان الجديد، أي أنها حصلت على ضعف ما حصلت عليه تقريبا في تشريعات العام 2017 في حين كان الكثيرون ينتظرون سقوطها.
هذا يعني أن التيارات الإسلامية الجزائرية تواصل فكرة المقاومة السلمية سواء من داخل المؤسسات الرسمية للدولة، من خلال مشاركة عدد معتبر منها في الانتخابات، أو خارج المؤسسات عبر الشارع وهو ما جسدته قواعد الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة وتلك القريبة منها من حيث المنهج داخل الحراك الشعبي، حين شكلت رقما صعبا داخل الحراك لا يمكن تجاوزه.
إخوان الفكرة لا التنظيم
ويعتبر ناصر حمدادوش القيادي البارز في حركة مجتمع السلم وعضو المكتب التنفيذي الوطني أن التيار الإسلامي هو أكثر التيارات الفكرية مظلومية من غيره، إذ لم يعان تيار من الإقصاء والتزوير والتضييق مثله، ولم تعط له الفرصة بصناعة قصة نجاح في التسيير والتنمية بناء على الفوز في مختلف الاستحقاقات الانتخابية، ومع ذلك فهو لا يزال موجودًا في مقاومةٍ سياسية وإثباتٍ للوجود في كل انتخابات. وقد جاءت نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة لتؤكد على ذلك. وقد أرجع ذلك إلى انسجام هذا التيار مع التوجه العام للشعب الجزائري في قيمه المجتمعية.. وكذا امتلاكه رصيدًا من التجربة والتجذر والتنظيم والانتشار والحضور ما لا تملكه التيارات الأخرى.
ناصر حمدادوش.. قيادي في حركة "حمس" الجزائرية
ويفسر ناصر حمدادوش في حديث لـ "عربي21"، سر هذه القوة غير القابلة للاندثار إلى أن أهم فارق جوهري يتمتع به التيار الإسلامي ويتميز به عن التيار العلماني أنه تيارٌ نابع من عمق الشعب الجزائري، ولا يستمد خلفيته الفكرية ولا مرجعيته السياسية من أي جهة أجنبية، وخاصة إذا كانت هذه الجهات غربية تتصادم مع خصوصية الشعب الجزائري الدينية والثقافية والتاريخية..
ويشير حمدادوش إلى أنه لا يوجد هناك ما يسمى بإخوان الجزائر بالمعنى التنظيمي، إنما الإخوان في الجزائر موجودون بالمعنى الفكري، إذ يتقاسمون مع جميع الإخوان في كل دول العالم القواسم الحضارية المشتركة، مع استقلالية كل تنظيمٍ بخصوصيته الوطنية القُطْرية.
المغرب العربي مرتكز النهضة القادمة
ويؤكد ناصر حمدادوش على حقيقة هامة وهي أن التيار الإسلامي يعيش الآن إرهاصات الانتقال من مئوية الصحوة والتي كان يقودها التيار الإسلامي في المشرق إلى مئوية النهضة والانتقال من دال الدعوة إلى دال الدولة بقيادة التيار الإسلامي في المغرب العربي، للوضعية التنظيمية والسياسية للحركة الإسلامية في المغرب العربي مقارنة معها بالمشرق العربي. ولذلك فإننا نلحظ هذه التجربة السياسية التشاركية الهادئة في المغرب العربي كنموذج سياسي واقعي وعصري، يشارف على الوصول إلى الحكم بطريقة سلسة وأكثر مقبولية من غيره..
ويختم حمدادوش بأن المراقب لمسيرة وصيرورة الحركة الإسلامية المعاصرة يلحظ هذا البعد التجديدي الإرادي والذاتي لها في المغرب العربي أفضل من ذلك الجمود والسمة التقليدية للحركة الإسلامية في المشرق العربي، وهو ما يجعلها مؤهلة للعبور الآمن نحو المستقبل بأكثر أريحية.. فالمعركة الحقيقية مع الأنظمة التقليدية العربية هي معركة الحريات والانتقال الديمقراطي، مما يسمح للقوى المجتمعية الحقيقية بالوصول إلى الحكم.. إذ لا ديمقراطية ولا تنمية إلا بالتنافس النزيه والتدافع السلمي عبر الإرادة الشعبية، وهذه هي الأقل كلفة في تحقيق النهضة لهذه الشعوب والأنظمة.
أسباب البقاء والديمومة
ويعدد البروفيسور بوحنية قانوي أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية جامعة ورقلة وعميد كلية الحقوق والعلوم السياسية لـ "عربي21" الأسباب المختلفة التي جعلت الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية في الجزائر تحافظ على قوتها وديمومتها ومنها:
بوحنية قانوي.. باحث جامعي جزائري
1 ـ المزاج العام للشعب الجزائري والذي هو شعب بطبعه متدين ومتعاطف مع القضايا ذات الحساسية الدينية العالية وقد لوحظ ذلك جليا في خلال التعاطي مع قضية الإساءة للرسول الكريم في قضية الرسومات، وقضية فلسطين وغيرها كما يتصدر المشهد السياسي ذو الخلفية والطبيعة الدينية الحراك بهذا الاتجاه في الجزائر.
2 ـ إن الأحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية وعلى رأسها حركة مجتمع السلم أو التيار الإخواني سواء الذين ينادون بالاتجاه العالمي أو الإقليمي إلى حد كبير يعتمدون على نموذج تربوي يعتمد على الهياكل والقواعد والتنظيم المحكم ولذلك هناك دائما قاعدة ونواة صلبة تحكم هذا العمل، سواء في المرجعية الدينية لحركة الإخوان المسلمين أو آليات التنظيم والضبط المعتمدة من طرف التنظيمات السياسية ذات الطابع السياسي الإسلامي.
3 ـ أنها أخذت تجربة في الظل وتجربة فوق الظل، فالتجربة قبل التعددية الحزبية كان كثير من أقطابها في المعارضة السياسية للحكم.. أما ما بعد 1989 وإعلان الدستور التعددي الجديد آنذاك، فقد ظل التيار الإسلامي متواجدا في كل المراحل سواء قبل توقيف المسار الانتخابي 91 أو بعده وهو ما أكسبه خبرة في التعاطي مع النظام السياسي وكانت الاستفادة من الطرفين.
4 ـ الخبرة المتراكمة من 91 إلى 2021 بحوالي 30 سنة فوق الركح السياسي، وهذا ما أعطاها ديمومة واستمرارية وقدرة على التكيف الجيلي والتنظيمي وما مكنها من الاستمرارية رغم أن تواجدها بحسب الظروف في مرحلة معينة تماهت تماما مع السلطة في ما يسمى بالتحالف الرئاسي ثم أخذت إلى حد كبير المعارضة والآن يمكن أن نقول إنها أخذت تمارس نوعا من المشاركة الإيجابية.
5 ـ استفادة الحركات الإسلامية بشكل كبير من الآليات التي تتعاطى بها مختلف الأنظمة السياسية مع التيار الصحوي مما مكنها من الاستفادة والتكيف لضمان بقائها واستمراريتها وعدم الدخول في صدام مباشر مع النظام السياسي في الجزائر والاستفادة من حالة التعايش لضمان المشاركة في الفعل السياسي.
إسلاميون بخطاب وطني
من جانبه يقدم الدكتور روان محمد الصالح أستاذ الحقوق والعلوم السياسية قراءته لنتائج ثلاث قوائم محسوبة على التيار الإسلامي ومقارنتها بالنتائج السابقة لسنة 2017 ويلاحظ بأن "حمس" التي كانت في البرلمان السابق بـ 34 مقعدا، صارت اليوم بـ 65 مقعدا، وكذلك كان الحال مع حركة البناء الوطني التي ارتفع نصابها إلى 40 مقعدا. وهذان التياران محسوبان على الإتجاه العالمي للإخوان، كمرجعية فكرية. لكن التيار الذي فقد مقاعده ونزل إلى حدود مقعدين ممثلين بولاية واحدة، هو حزب العدالة والتنمية بقيادة الشيخ جاب الله، وقد كان هذا التيار يمثل قوة معارضة من داخل البرلمان ربما أشد من حركة البناء وحركة "حمس"، لكونه إخوانيا إقليميا.
روان محمد الصالح.. باحث جزائري
أما حول أسباب محافظة التيار الإسلامي على رصيده في التمثيل مع زيادة نسبية في عدد المقاعد ففسر الدكتور روان محمد الصالح ذلك لـ "عربي21" بالمعطيات التالية:
المعطى الأول: تمكن وانتشار هذا التيار وقوة تواجده في معظم الولايات مما خلق لنفسه وعاء انتخابيا ثابتا وفي تزايد أيضا، هذا الوعاء الذي خدمه من جهة شكل له ضمانة منافسة على المقاعد، فالقانون الانتخابي الذي يشترط على عتبة تقدر بـ 5% من نالها ضمن عملية الفرز الثاني، الأمر الذي مكن هذا التيار ونتيجة لمسار طويل منذ 89 أن يكتسبها وزيادة في معظم الولايات. ما يعني ضمان ولو مقعد واحد بموجب حصوله على العتبة في كل ولاية من ولايات الوطن. وإذا افتقد في ولاية ما حصوله على مقعد فلان تمثيله هناك ضعيف أو أثر فيه مسألة المقاطعة والعزوف الانتخابي في تلك الولاية على غرار بجاية وتيزي ويزو.
المعطى الثاني: لجوء حركة "حمس" على وجه الخصوص إلى خطاب وطني، وتسويقه بأفكار جامعة، وقد بين خطابها رغبة في إعادة بناء مؤسسات الدولة، وربما أقنع خطاب الدكتور مقري غير مناضليه حين بين مساوئ المرحلة الانتقالية، والمجلس التأسيسي الذي ظل يدعو إليه الحراك، بالإضافة إلى ردوده الشجاعة على التيار العلماني الذي أراد مؤخرا أن يكون صوت الحراك، فلعل هذه الشجاعة في الخطاب والمقدرة على المحاججة هي ما أكسبته ثقة كتلة من الناخبين صارت شعارات التخوين التي تبنتها أطراف في الحراك، سببا في كسب تأييد تيار وسط الحراك كان قد تبنى الحل الدستوري السلس.
المعطى الثالث: عمل تيار "حمس" طيلة العشرين سنة الماضية، موظفا مكتسباته في المشاركة السياسية إلى التغلغل داخل المجتمع المدني من خلال إنشائه جمعيات مدنية تقدم خدمات اجتماعية وأيضا من خلال تواجد تنظيماته الطلابية وجمعيات الطلبة داخل كل الجامعات الجزائرية.
المعطى الأخير: لعل الاستقرار التنظيمي داخل حركة "حمس" والبناء والتزامهم بأخلاقيات العمل السياسي ومقتضيات الالتزام الحزبي كان له دوره الكبير في النتائج التي حصلوا عليها، إذ تفادوا وحصنوا تنظيمهم الحزبي من أي عمليات اختراق، أو حركات تصحيحية داخلية من شأنها أن تحدث الانشطار داخل الحزب مثلما حدث لحزب الشيخ جاب الله.
هذا بالإضافة إلى القيادة الممثلة في شخص السيد مقري ومجلسهم الشورى الذي تميز بالرشادة في الخطاب والفعل السياسي ومواكبة الأحداث والتكيف معها بشكل تدرك فيه إتقان القيادة للفعل السياسي.
ويؤكد الدكتور روان محمد الصالح في معرض حديثه هذا أن المرجعية تلعب دورا في استقطاب جموع الناخبين، مشيرا إلى أن تيار "حمس" والبناء تحاشيا هذه المرة التسويق لأفكارهم باستعمال الدين رغم أن الإسلام عندهم مرجعية في الالتزام والتفكير بل سوقوا للجمهور على أنهم تيار وطني إسلامي مرجعيته بيان نوفمبر. ولعل هذا التسويق لهذه المرجعية هو ما جعل الكثير من الوطنيين يمنحون أصواتهم لـ "حمس" وللبناء، عكس تيار جاب الله الذي سوق خطابا تقليديا، لم يفرق فيه بين الخطاب الدعوي والخطاب الحزبي السياسي.
ويؤكد الدكتور روان أن "حمس" يمكنها أن تمثل نموذجا حقيقيا في العالم العربي بعكس حركة البناء، كونها تبدو ثابتة على مرجعية محددة بل أضافت إليها مرجعية تاريخية في حين أن حركة البناء بقيادة بن قرينة قد وقعت برأيه في أخطاء خطابية سيدفع ثمنها في المستقبل، معتبرا هنا أن المراجعة ضرورة وأولها التصالح مع بقية التيارات الإسلامية وخصوصا تيار الجبهة الإسلامية للإنقاذ، مع تفاديه منطق المهادنة والتي كما يبدو مع الدكتور مقري بدأت تزول تدريجيا، كما ويلزم أن يبادر بحلول اقتصادية حقيقية واعدة، يعطي فيها البديل مثلما بدأ يفعل الآن، وأن يظهر كفاءاته في الميدان.
ويختم الدكتور روان محمد الصالح بذكر حقيقة مهمة وهي أن حركة "حمس" والبناء، هذه المرة قدموا مرشحين بنوعية عالية كأساتذة وأئمة وباحثين ودعاة وأفراد منهم لهم حضور في تقديم خدمات في جمعيات، وهذه الشخصيات جلبت لهم أصواتا بالإضافة إلى انفتاحهم على التيار الوطني وترشيح كفاءات لا تنتمي تنظيميا للإخوان.
نحو تجاوز تعثرات تجربة تونس وتورطات تجربة المغرب
أما الدكتور كمال قرابة قيادي في حركة البناء فيعتقد أن محافظة الإسلاميين على وجودهم ووعائهم لم يكن دوما مرتبطا بحضور التيار المسمى بالديمقراطي الذي لا يمثل وزنا شعبيا خارج جغرافيته ونظام الكوطة / المحاصصة / وإنما هو نتيجة عدم تشكل قوى جديدة بعد الحراك وهي نفس عوامل محافظة أحزاب السلطة السابقة (جبهة التحرير والتجمع الوطني الديمقراطي) على جزء مهم من وعائهم كذلك رغم أن هذه التشريعيات هي الأولى بعد الحراك الشعبي ولم يستطع سيل قوائم المستقلين أن يتأسس كقوة منظمة بل مجرد فسيفساء بلا هوية ولون سياسي تمت صناعته وتمويله لإيجاد كتلة غير حزبية تستخدم لصناعة التوازنات داخل البرلمان.
كمال قرابة.. باحث جزائري
ويؤكد الدكتور كمال قرابة لـ "عربي21"، على أن إسلاميي الجزائر هم تجربة جزائرية ورصيد عقود من الممارسة السياسية الواعية وأبناء هذا التيار هم من خيرة كفاءات الوطن ويحظون بالمكانة الاجتماعية والاحتضان الشعبي وأياديهم نظيفة وأثبتت المحطات أن هذا التيار كان الضحية الأكثر تضررا من عمليات تزوير الانتخابات لذلك كان حجمهم الحقيقي غير ذلك الذي تظهره النتائج ونسبة التمثيل في البرلمان والمجالس المحلية وكلما زانت الانتخابات قدرا من النزاهة تجلى مدى الثقة التي يحظون بها شعبيا وهو ما يؤهلهم للاضطلاع مع كل مكونات الساحة لقيادة للمشاركة في إدارة المرحلة الحالية سواء في شقها السياسي أو تعلق الأمر بالرهانات الاقتصادية ومتطلبات التنمية..
وبهذا يضيف الدكتور كمال قرابة فإن حالة النضج والقابلية للتعايش والشراكة مع الغير التي بلغها التيار الإسلامي ـ رغم تفاوت مؤشرات هذا النضج من تشكيلة لأخرى يعكسها الخطاب والممارسة ـ سيمكنه من قيادة تجربة واعدة تتجاوز تعثرات تجربة تونس وتورطات تجربة المغرب مع التسليم باختلاف البيئة السياسية في كل بلد ومدى تغلغل التأثير الخارجي لدى التجارب القريبة وانعدامها في الحالة الجزائرية التي تظل جزائرية خالصة في المنشأ والتطور وفي المقاربة الإصلاحية ومنهج المشاركة.. وتظل جزائرية أيضا بخصوصية شعبها المحافظ الذي لا يقبل المساس بقيمه وهويته كما لا يسمح بالعبث باستقرار بلده أو استغلال شدة تمسكه بدينه لأية أغراض سياسية، خاصة وأن ما ينتظره الشعب في مجالات التنمية وفي الحرية والديمقراطية لا يمكن أن تلبيها الإيديولوجيا لوحدها أو اللون السياسي بقدر ما تتصدى له البرامج والرؤى والحلول للأزمة الاقتصادية والاجتماعية.
محددات ومرتكزات التصور السياسي للعدل والإحسان المغربية
أطروحة دكتوراه جديدة في نقد المشروع الفكري للحركة الإسلامية
"العدالة والتنمية" المغربي.. جرد عشر سنوات من تدبير الحكم