انتقد مختصون المقال المشترك الذي نشر في افتتاحية صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية أمس، لكل من وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي يئير لبيد، ووزير خارجية الإمارات عبدالله بن زايد آل نهيان.
وجاء في المقال تحت عنوان " اخترنا بشكل مختلف"، أنه "عندما وقعت الإمارات وإسرائيل على اتفاقية التطبيع التاريخية في 2020، قررتا السير في طريق أخرى، فتثبيت العلاقات الدبلوماسية هو جهد مشترك للجانبين، من أجل تحديد فكر جديد يؤثر على المنطقة بأسرها".
وقالا: "لا شك أننا نقف أمام تحديات كبرى؛ ونأمل بمواصلة الطريق لتشجيع مزيد من الدول في المنطقة لأن تختار الطريق المؤدي إلى السلام (التطبيع)".
وزعم كل من لبيد وعبدالله بن زايد، أن "فضائل إحلال سلام مستقر واضحة للجميع؛ فتثبيت العلاقات بين الإمارات وإسرائيل أدى إلى ازدهار عظيم؛ نمو اقتصادي، تبادل للثقافة وتعاون سياسي بين الجانبين، نحن نشهد نوافذ تجارية فحصت فرصا واعدة للاستثمار والتجارة في جملة من الفروع".
ازدهار كاذب ومحاولة تضليل
وأضافا: "علينا العمل بكد، لخلق فرص لاتصالات مشتركة وتشجيع آخرين للانضمام إلينا، وهذا الجهد لا يمكن التقدم به إلا من خلال تعاون متعدد الأطراف بدلا من المواجهات".
وعن قراءته لنشر مقال مشترك وما جاء فيه، انتقد أستاذ العلوم السياسية هاني البسوس هذا المقال، الذي حاول "تضليل الرأي العام" في المنطقة، من أجل الترويج للتطبيع مع الاحتلال.
اقرأ أيضا: افتتاحية "يديعوت" بقلم لابيد وعبد الله بن زايد.. ترويجا للتطبيع
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "كما أن هناك محاولة لتأكيد عمق العلاقة بين الجانبين، وتبادل الأدوار للتسويق لمشروع التطبيع على مستوى أوسع في المنطقة العربية".
ونبه البسوس، إلى عدم صحة ما جاء من مزاعم في المقال حول "ازدهار" المنطقة بعد توقيع اتفاقية التطبيع بين الاحتلال والإمارات، وقال: "الحقيقية أنه لا يوجد أي تغيير في الوضع الاقتصادي لكليهما، وأن الادعاء بالازدهار العظيم، هو محاولة لتضليل الرأي العام، ومحاولة لدفع الدول المترددة في المنطقة لاتخاذ الخطوات نفسها من التطبيع".
ولفت أستاذ العلوم السياسية، إلى أن "نشر المقال المشترك يجسد بعدا أكثر من التطبيع؛ هي الشراكة السياسية، وقد تتبع لاحقا بالشراكة في مجالات أوسع".
النفاق والكذب عنوان المقال
وأعتبر أن "المقال جزء من حملة إعلامية يقودها الجانبان لكسر حاجز الجمود في مواقف بعض الدول العربية، وتشجيعها على تبني السياسة (التطبيع) نفسها"، محذرا من "خطورة هذا الأمر وتداعياته على القضية والحقوق الفلسطينية".
من جانبه، انتقد الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف المقال بشده، وقال: "هو مقال فيه النفاق والكذب عنوان، فأين هو الازدهار العظيم الذي حدث نتيجة هذه الخيانة؟!".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "يحاول كل منهما خداع من يقرأ لهما، ولكنهم لن يخدعوا إلا الجهلاء والبسطاء؛ لأن الواقع يقول لا يوجد ازدهار عظيم، كونهم لازالوا يراوحون مكانهم ولا يتقدمون إلا كما يقول الصهاينة؛ إنهم اكتشفوا بيتا للدعارة كبيرا يمارسون فيه دعارتهم على المكشوف، فإذا هذا هو الازدهار، فبئس الازدهار"، وفق قوله.
ورأى الصواف، أن "هذا المقال كان يجب أن يعنون بالنفاق العظيم، ومحاولة لتصوير الأمر وكأنه انتصار وحضارة وازدهار، ولكن الواقع يقول لا جديد على الأرض إلا كذبهم ودعايتهم الممجوجة لخداع السذج من الناس".
وتابع: "هذا المقال لا أعتقد أنه الأول، والمتصفح له يجده مليئا بالكذب والبعد عن حقيقة الواقع، فالاحتلال ليس في وارده ازدهار، ولكنْ، امتصاص لخيرات الشعوب، وهذا لو استمر (التطبيع) سنجده خير شاهد على الواقع".
اقرأ أيضا: حملة لمقاطعة الإمارات على خلفية افتتاح سفارة الاحتلال
الكاتب والمحلل السياسي والأمني، مصباح أبو كرش، لفت إلى أنه "لا يمكننا الاستهانة بالمساحة التي منحتها الإمارات للعدو من خلال عملية تطبيعها، وخاصة أن اللقاء الأخير الذي جمع كلا من عبد الله بن زايد ولابيد، أظهر أن رهان الطرفين على إنجاح التطبيع يرتكز بشكل كبير على الجانب الاقتصادي، حيث يجد الاحتلال فرصة كبيرة لترويج ما لديه من المنتجات المتنوعة عبر الإمارات كمنفذ تجاري له".
ونبه في حديثه لـ"عربي21"، أن استخدام الاقتصاد كوسيلة لتنفيذ هذا العدو مشاريعه الاستعمارية في المنطقة ليس أسلوبا جديدا، يستخدمه العدو كأحد الركائز التي يستند عليها حتى في أمريكا وأوروبا إلى جانب الإعلام"، مضيفا: "هذا الأمر يدفعنا للتساؤل: ما الذي يدفع الإمارات لخوض مثل هذه المخاطرة، التي قد تؤثر على مستقبل هذا البلد المستقر سياسيا وأمنيا والمتطور اقتصاديا؟".
التطبيع انتصار للمشروع الصهيوني
وخلص إلى أن "عملية التطبيع بين كل من الإمارات والعدو، التي روج لها المقال المشترك، ستؤسس لواقع استعماري عميق في المنطقة، خاصة أن السلاح المستخدم في هذا الغزو هو سلاح اقتصادي يملك العدو الكثير من أسراره"، مضيفا: "أعان الله شعب الإمارات بشكل خاص وشعوبنا العربية والأحرار في هذا العالم، على تلك المصائب التي ستعود على الإمارات ودول المنطقة في حال مضت عملية التطبيع".
ومن جهته، قال رئيس مركز القدس للدراسات المستقبلية التابع لجامعة القدس، أحمد عوض: "حينما قرأت هذا المقال، شعرت بالحزن الشديد والغيظ"، مضيفا: "هذا مقال مرفوض، ومن كتبه كأنه لا يعيش في منطقتنا، أو يستخف ويستهين بنا، وهو لا يعبر عن شعب الإمارات الشقيق".
وأوضح في حديثه لـ"عربي21"، أن "هذا مقال فيه حرف لكل القضايا والأساسية في المنطقة، مثل؛ الاحتلال والعدوان والتمدد الاستيطاني والتدخل في شؤون الدول العربية وضربها عسكريا ومحاولة تفكيكها، كما يوجد به تبسيط شديد لمفهوم السلام؛ لأنه لا يمكن للإمارات ان تقيم سلاما من هذا النوع دون أن تأخذ بعين الاعتبار متطلبات الإقليم ومخاوفه، فهي تعيش في منطقة حساسة جدا".
ورأى عوض، أن الأهم والأخطر، أن الإمارات من خلال هذا المقال الذي شارك فيه وزير خارجيتها، "تدعو الآخرين للتطبيع دون أن يكون هناك أي ثمن لهذا التطبيع؛ كالانسحاب مثلا من الأراضي المحتلة العربية؛ الفلسطينية والسورية واللبنانية وحتى الأردنية".
وأضاف: "هذا سلام مجاني، فيه انتصار للمشروع الصهيوني وتطلعاته وأوهامه"، منوها إلى أن "المقال تحدث عن عديد من العلوم، وإسرائيل ليس متميزة وحدها في هذه المجالات، يمكن للإمارات أن تصنع هذا السلام لهذه الأسباب مع كثير من الدول"، مؤكدا أن هذا "النموذج من السلام (التطبيع) لن يخلص الإمارات من مشاكلها، وكذلك الاحتلال".
حي "بطن الهوى" المقدسي يخوض معركة جديدة ضد التهجير
ماذا تعرف عن بلدة سلوان؟.. هذه أبرز مشاريع التهويد فيها
بلدة حزما تصارع الاستيطان.. مصادرة الأراضي بحجج "أمنية"