قال موقع "
ذا
انترسيبت" إن القيادة المركزية في أفريقيا "أفريكوم"، تجاهلت
الانتهاكات الجنسية، التي يرتكبها عناصرها داخل القوات الأمريكية هناك.
وقال في تقرير ترجمته "عربي21" إن
جندية نقلت إلى فرقة ألفا المعروفة بانتشار التحرش الجنسي داخلها والتي تعمل من
القاعدة الأمريكية الكبيرة ليومونير في دولة جيبوتي. ولم تكن الجندية التي بدأت
عملها في حزيران/يونيو 2017 راضية عن نقلها إلى جيبوتي والوحدة بالتحديد لأنها
ستتعامل مع
جنود لا تعرفهم وللشائعات حول سمعة فرقة ألفا.
وفي منتصف الليل طلب
منها الذهاب إلى واجبها العسكري وحراسة موقع مع ضابط صف رتبته أعلى من رتبتها.
وأخبرها أنه يراقبها منذ تسعة عشر يوما وبعد مشاهدته لها في حفلة قبل نشر القوات وأنه
قرر أن "عبارة جنسية بذيئة".
وهو ما سبب لها عدم
الإرتياح ولكنها لم ترد خشية أن يتحول الجندي إلى العنف. وأخبرت المحققين لاحقا
أنه عندما طلب منها التحرك بعد ذلك إلى الموقع الآخر، طلب منها البقاء وأن تمارس
معه الجنس الشفوي. وقالت إن الجندي لم يكن يتوقع منها الرفض بل كان أمرا. وحذرها
من الإبلاغ عن الحادث لأن أحدا لن يصدقها وبسبب قلة خبرتها العسكرية. وخوفا على
سلامتها قامت بما أمرها به.
ويعتبر الحادث واحدا
من 158 جريمة بما فيها جرائم اغتصاب واعتداءات جنسية واتصالات جنسية مسيئة يتهم
بها جنود أمريكيون نشروا في أفريقيا وحدثت على مدى العقد الماضي. وهو ما ورد في
سجلات البحرية والقوات الجوية وحصل عليها موقع "ذي انترسيبت" وموقع
"تايب للتحقيقات" بناء على قانون حرية المعلومات.
ورغم تظليل أسماء
الجنود والضباط المتورطين في هذه الإنتهاكات إلا أنها تلقي الضوء على ممارسات
القيادة المركزية لأفريقيا التي طالما تورط جنودها في فضائح. والمثير للدهشة أكثر
هو أن عدد الحوادث التي وصفت في الملفات هي ضعف الأرقام للإعتداءات الجنسية في القارة الأفريقية المسجلة في الملفات
الرسمية مما يؤكد مستوى عدم متابعة الجيش الهجمات الجنسية ويعطي صورة عن خطورة
المشكلة.
ويقوم مكتب منع
الهجمات الجنسية والرد عليها في البنتاغون بتقديم تقارير سنوية للكونغرس والتي
تكون مدعمة بكل الحالات التي وصلت إلى علمه وتورط فيها أفراد في الجيش الأمريكي.
وذكر تقرير البنتاغون 74 حادثا مرتبطا بالقيادة المركزية لأفريقيا وذلك في الفترة
ما بين 2010- 2020. لكن الملفات التي حصل عليها الموقعان تظهر أن العدد هو 185 في
مراكز عمل أفريكوم.
وتكشف الملفات أن سوء
التصرفات من الجنود حدثت في 22 دولة بأفريقيا على الأقل، بما فيها 13 دولة لا تذكر
في تقارير البنتاغون السنوية. وبعض المزاعم تتهم أفرادا من الجيش وأخرى تشير إلى
هجمات من المدنيين ضد عناصر في الجيش قرب مواقع عملهم.
وقالت إرين كورك- كومو
التي عملت مصورة في وحدات المارينز وأنشأت منظمة غير ربحية "ليس في داخل
وحدتي من المارينز" لكي تؤكد على موضوعات العنف الجنسي "أتخيل أن الرقم
هو خمسة أضعاف هذه الهجمات، فقط مما نعرف عن الحالات التي لا يتم الإبلاغ عنها
بشكل عام".
وتظل قيادة أفريكوم
غير استثنائية فالإنتهاكات الجنسية مزمنة ومنتشرة بين القوات التي يتم نشرها في
الخارج، بشكل يجعلها خطيرة. وأظهرت دراسة أنه من المحتمل قيام الجنديات بخبرة
قتالية في أفغانستان والعراق بالإبلاغ عن التحرش الجنسي أو كل من التحرش الجنسي
والإنتهاك الجنسي معا. وتقدر البنتاغون عدد حالات اللاتي تعرضن للهجوم الجنسي كل
عام بحوالي 20.500 عنصر.
وتم الإبلاغ عن 6.290
حالة انتهاك جنسي في عام 2020 إلى المكتب الخاص بالبنتاغون. ووجد مكتب المحاسبة
الحكومي هذا العام أن البنتاغون فشلت بتوثيق نسبة 97% من الإنتهاكات ضد موظفيها
المدنيين. وترى وزارة الدفاع أن الناجيات من انتهاكات كهذه يترددن بالإبلاغ عما
تعرضن له لعدة أسباب منها الرغبة بنسيان ما حدث والتمسك بالخصوصية وتجنب العار.
وحتى من تقرر الحديث
عما حدث يواجهن بثقافة الجيش وعدم التعامل مع معاناتهن بجدية وبمحاسبة قليلة. ولم
يتم تقديم سوى حالات قليلة إلى المحاكمة وبإدانات لا تتجاوز 0.9% حسب أرقام 2020.
ومعظم الحالات الواردة في السجلات التي حصل عليها الموقع تشير إلى محاولة الضحايا
أو من تعرض لهجوم الحصول على العدالة من خلال نظام الجيش. وكون عدم شمل عدد من
الحالات في تقارير البنتاغون السنوية يكشف عن فشل الجيش بمتابعة الحالات واتخاذ
الإجراءات المناسبة.
ويرى العقيد دون
كريستنسن المدعي العام السابق في سلاح الجو ومدير منظمة "احموا من
يحمونا" "لا يثير الإستغراب على الإطلاق"، مضيفا أن عملية المتابعة
"معيبة، ولديك بيانات غير مكتملة وحالات لم تتابع وليس لديك معلومات والتقارير
لا تضيف شيئا".
وقال المتحدث باسم
البنتاغون سيزار سانتياغو إن وزارة الدفاع تجمع البيانات عن الهجمات الجنسية خدمة
للسياسة وتطوير البرامج واتخاذ التحركات المتعلقة بالموضوع. وقال إن مكتب منع
الهجمات الجنسية والرد عليها يقوم كل سنة بدراسة تراكمية للبيانات عن الإعتداءات
الجنسية وتحليل النتائج ثم يقدمها إلى الوزارة كي تشمل في تقريرها السنوي عن
الهجمات الجنسية.
ويأتي الكشف عن
الملفات وسط اهتمام إدارة جوزيف بايدن بمواجهة الهجمات الجنسية في داخل الجيش.
وكان أول قرار اتخذه لويد أوستن وزير الدفاع بعد تعيينه في كانون الثاني/يناير
دعوة قادة البنتاغون وكبار الجنرالات "لمواجهة الأعداء داخل صفوفكم"
ومحو "آفة الإعتداء الجنسي". ويفكر القادة في الوقت الحالي بتقديم
المشبته بارتكابهم جرائم جنسية إلى محاكمة عسكرية.
ويرى النقاد أن النظام
تنتشر فيه تضارب المصالح مثل شركة تجارة يقرر المدير هذا أو ذاك القضية التي تحول
على التحقيق أو تلك التي يتم التحفظ عليها. ويفتقد الجنرالات الخبرة القانونية
وعادة ما يضغطون على الناجين من الإعتدءات الجنسية لعدم تقديم بلاغ. وأوصت لجنة
المراجعة المستقلة للإعتداءات الجنسية في 2 تموز/يوليو والتي شكلها أوستن بناء على طلب من بايدن بتحويل الحالات إلى
التسلسل القيادي وهو تغير طالما قاومه القادة العسكريون.
وأوصت اللجنة بتعيين
قاض مستقل ومحام يتبعون مكتبا يقوده المدنيون "مكتب المدعي العام الخاص
بالضحايا". ودعم بايدن وأوستن التوصية وبقوة. وفي بيان للرئيس قال فيه
"أدعم وبقوة إعلان الوزير أوستن عن دعمه التوصيات الجوهرية التي قدمتها هيئة
المراجعة الخاصة للإعتداءات الجنسية في الجيش". ويعود الأمر للكونغرس لتعديل
قانون العدل في الجيش الأمريكي.
وجعل أوستن جمع
المعلومات مركز جهوده. وفي تقرير للجنة استشارية للجيش صدر في آذار/مارس 2020 تحدث
عن مشكلة جمع المعلومات الدقيقة والكاملة عن الهجمات الجنسية في داخل الجيش. وهذا
يفسر التباين بين أرقام البنتاغون وتلك التي حصل عليها الموقع من ملفات أفريكوم.
وبالعودة إلى جيبوتي اشتكت الجندية من أن نفس الجندي حاول الإعتداء عليها مرة
ثانية وتقبيلها وطلب إقامة علاقة معها و"سيغمرها بالهدايا". وبعد تقدمها
ببلاغ صدر أمر بحمايتها ومنع الجندي من الإقتراب منها أو التواصل معها.
وبعد ذلك تم تحويل
القضية للتحقيق ولكن لا يعرف إن حدث ضبط بالقضية أم لا، ذلك أنه جرى تظليل الأسماء
في الملفات. ولكن زيادة الحالات تعطي صورة عن تساهل القادة بثقافة ازدهرت فيها
الإعتداءات التي لم يتم اتخاذ إجراءات ضدها.
وذكر التقرير أن مسؤول
مكافحة الإرهاب في القرن الأفريقي الجنرال رالف بيكر عزل من منصبه بعد محاولته
التحرش بمسؤولة في السياسة بالقيادة المركزية. وعزل أول قائد للقيادة الجنرال
ويليام وورد في 2012 بعد إساءته استخدام المال. وتكشف السجلات أن قاعدة ليومونير
كانت مركز أكبر نسبة للتحرشات الجنسية المزعومة وشملت تعليقات وتصرفات غير
مناسبة من رقيب في سلاح الجو تحرش ولمس جندية في رتبة أقل منه.
وفي آذار/مارس 2015
قام جندي بتقديم خمر أكبر من المسموح به لجندية ثم تبعها إلى سكنها واعتدى جنسيا
عليها وغير ذلك من الهجمات التي تمت على جنديات أو عاملات مدنيات، ولم يظهر أي
منها في تقرير البنتاغون السنوي عن الإعتداءات الجنسية في داخل المؤسسة العسكرية.
وبحسب مكتب منع الهجمات الجنسية والرد عليها فقد تم الإبلاغ عن هجمات جنسية في تسع
دول أفريقية: جيبوتي، كينيا، غانا، الصومال، جنوب أفريقيا، تونس، جزر السيشل،
يوغندا وزيمبابوي.
لكن الملفات التي حصل
عليها الموقعان تظهر أن هجمات جنسية على الجنديات حصلت في دول أخرى وهي الجزائر،
بوركينا فاسو، الكاميرون، تشاد، مدغشقر، ليبيريا، ملاوي، المغرب، النيجر، رواندا،
السنغال، جنوب السودان وإثيوبيا، ولم تظهر هذه الدول الـ13 في تقرير البنتاغون
السنوي. ومن الحالات التي لم تذكر في التقرير اعتداء حصل على جندية أمريكية من
سنغاليين أثناء عملها في عام 2015 لمواجهة فيروس إيبولا.
وعند عودتها إلى
فندقها اعترضها شبان ودفعوها نحو الحائط حيث تداولوا على اغتصابها. ولم يذكر اسم
السنغال في ملفات التحقيقات والمزاعم. وتكشف السجلات أيضا عن الضغوط التي يتعرض
لها الضحايا بعدم الإبلاغ عن الحالات أو تغيير الرواية. واعتقد البعض من الضحايا
أن الإبلاغ عن الحادث عبثي ولن يؤدي إلى نتيجة. وتم تجاهل آخريات والإستهزاء بهن
واتهمن بالمبالغة واتهمن بالكذب أو المبالغة بالحديث عن انتهاك.