مع تفاقم حالة الجدل والأزمة السياسية الداخلية لدى الاحتلال الإسرائيلي حول ما يعرف بـ"قانون المواطنة" أو "لم الشمل"، تسلط "عربي21" الضوء على أهم وأبرز مخاطر القانون المزعوم على الشعب الفلسطيني.
ويقضي هذا القانون الإسرائيلي العنصري، بوقف عمليات لمّ شمل العائلات الفلسطينية، التي يحمل أحد الزوجين فيها "الهوية الإسرائيلية" في حين يحمل الآخر الهوية الفلسطينية، على العيش سويا داخل الأراضي المحتلة عام 1948.
وبمقتضى هذا القانون الذي فشل الكنيست الثلاثاء الماضي في تمديد العمل به، يمنع أيضا دخول العرب من دول يعدّها الاحتلال معادية؛ مثل لبنان وسوريا والعراق وإيران، من أجل لم الشمل.
أبرز المخاطر
وعن أبرز مخاطر ما يعرف بـ"قانون المواطنة" الإسرائيلي، أوضح الباحث السياسي والمختص بالشأن الإسرائيلي إبراهيم خطيب، أن "خطورة هذا القانون، تكمن في أنه يمنع عشرات آلاف الفلسطينيين (الداخل المحتل 1948) المتزوجين من الضفة الغربية وغزة وبلدان أخرى من مثل؛ سوريا ولبنان وإيران وغيرها، من أن يكونوا ضمن إطار قانوني يأخذ بعين الاعتبار لم شملهم مع عائلتهم التي تحمل بطاقة الهوية الإسرائيلية، وهم فلسطينيون بالأصل".
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "الاعتبارات الأساسية حينما سن هذا القانون عام 2003، كان مرتبطا بالأمن الإسرائيلي، إضافة لاعتبار آخر قالت به الجهات الأمنية الإسرائيلية، بأنه يمكن أن يكون هناك خطر ديمغرافي".
اقرأ أيضا: ماذا تعرف عن قانون "لم الشمل" الذي سقط بالكنيست؟
ولفت خطيب، إلى أن "الجهات الأمنية الإسرائيلية، تتحدث عن نحو 200 ألف فلسطيني، يمكن أن يدخلوا إلى داخل الخط الأخطر (الأرضي المحتلة عام 48) بناء على توجه توحيد العائلات"، منوها إلى أن "المخاوف الإسرائيلية (المزعومة) مرتبطة برؤيتها للفلسطينيين وعلاقتها معهم بين شقي الخطر الأخطر".
ونبه إلى أن "هذا القانون يؤثر كثيرا على العائلات الفلسطينية التي اختارت أن تكون عائلات واحدة من خلال الزواج لتكوين أسرة واحدة، وهذا أمر فريد من نوعه، بأن يمنع الفرد من أن يختار عائلته وزوجته والعكس".
وقال الباحث السياسي: "هذا يؤثر كثيرا على حقوق أساسية للفرد، مرتبطة بحقه في اختيار زوجته وبناء أسرته، إضافة للتأثير على حقه في التنقل إذا كان هو من داخل الخط الأخضر مقابل الآخرين الذين يسكنون خارج هذا الخط".
وأكد أن الاحتلال من خلال رؤيته التي يعبر عنها القانون، "أولا؛ يريد منع الفلسطينيين من التواصل بعضهم مع بعض، ثانيا؛ توجد فعليا محاولة لوضع حدود وحواجز بين الفلسطينيين المقيمين بين شقي الخطر الأخضر، ثالثا؛ هناك توجه يرى في الفلسطيني خطرا ديمغرافيا لكونه فلسطينيا فقط".
وتابع: "من ثم، كل مفهوم المواطنة بعيد كل البعد عن هذا القانون؛ لأن المواطنة يجب أن تحترم المواطن لذاته، دون الحديث عن خلفيته وهويته القومية أو الدينية، وهنا يتضح أن إسرائيل تضرب بعرض الحائط كل هذه المواثيق".
خطر ديمغرافي
من جانبه، توافق المحامي الفلسطيني المقيم في الداخل المحتل، عمر الخمايسي مع الباحث خطيب، وأكد أن "هذا القانون جاء ليحد من التخوفات الإسرائيلية من التغيير الديمغرافي، بالموازنة بين الفلسطينيين واليهود في حدود الداخل الفلسطيني، علما بأن هناك آلاف العائلات الفلسطينية؛ الزوج من الضفة أو غزة والزوجة من الداخل، وهذا يعطيه الإمكانية للحصول على المواطنة الإسرائيلية، ومن ثم، فهذا يشجع النسب والزواج بين الداخل والضفة وغزة".
وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21": "إسرائيل أرادت أن تحد من هذه الظاهرة وتضع المعوقات والحواجز لمنع مثل هذا الأمر، بالفعل نجحت في ذلك، وعليه نسبة الزواج من الداخل مع الضفة وغزة بعد هذا القانون تقلصت جدا".
وأوضح الخمايسي، أنه "عندما تم الطعن في القانون أمام المحكمة العليا الإسرائيلية، أقرته المحكمة بصوت قاض واحد فقط، وتم بذلك شرعنة (بالنسبة للاحتلال) القانون بقرار من تلك المحكمة، وعليه يتأكد أن هذا القانون يميز بشكل واضح، أن موضوع المواطنة بها بعد إثني قومي؛ فاليهودي الذي يأتي (مهاجرا) من الخارج، يمكنه بشكل أوتوماتيكي الحصول على المواطنة، بينما الفلسطيني (صاحب الأرض) المتزوج من فلسطينية لا يمكن له ذلك".
اقرأ أيضا: محكمة إسرائيلية ترفض إلغاء قانون "القومية"
وبحسب ما سبق، أكد المحامي الفلسطيني أن هذا "القانون؛ عنصري أبارتايدي من الدرجة الأولى"، منوها إلى أن فشل المصادقة على تمديد العمل بالقانون قبل أيام داخل الكنيست، "يرجع إلى خصومات سياسية بحتة داخل المعسكر الصهيوني، علما بأن من أفشل تمديده هو اليمين الإسرائيلي؛ وفي مقدمتهم الليكود، نكاية في الحكومة بزعامة نفتالي بينيت".
ونبه إلى أن فشل تمديد القانون حتى الآن، "لا يعني أننا في الأيام القادمة سنشهد موافقة بالجملة على طلبات لم شمل العائلات الفلسطينية التي وصلت نحو 15 ألف طلب، بل سيستمر رفض تلك الطلبات؛ لأن الهاجس الإسرائيلي ديمغرافي وليس أمنيا كما يدعون، والحديث عن بعد أمني كذبة، وإسرائيل ستبقى دولة عنصرية".
ولفت إلى أن "المنظومة الإسرائيلية باتت متماثلة ما بين السلطات الثلاث؛ القضائية والتنفيذية والتشريعية، وهي تذهب أكثر لترسخ التمييز العنصري وتشرعنه".
وعن نظرته في تصوبت بعض النواب العرب لصالح هذا القانون وهما النائبان منصور عباس ووليد طه، قال: "هذه طامة كبرى، وهذا أمر مخز ومعيب؛ لأن رفض مثل هذا القانون يجب أن يكون مبدئيا، ولا يمكن أن يخضع الأمر في مثل هذه المواضيع العنصرية لموازين شخصية إنسانية"، مضيفا: "هذا تصويت مستهجن وغريب، فيه طعنة للقضية الفلسطينية وللعائلات الفلسطينية التي تطلب لمّ الشمل".
واستنكر المحامي، "وضع الحقوق الفلسطينية في ميزان العرض والطلب وكأننا في سوق خضار، هو أمر جدا مؤسف لتوجهات السياسيين عندما يدخلون الكنيست"، مؤكدا أن "الدخول في لعبة الكنيست، يصل بالشخص إلى المساومة على الحقوق الفلسطينية".
بلدة حزما تصارع الاستيطان.. مصادرة الأراضي بحجج "أمنية"
ما سيناريوهات الوضع بغزة مع إغلاق المعابر واشتداد الحصار؟
هل حققت مسيرة المستوطنين الاستفزازية بالقدس أهدافها؟