قضايا وآراء

الدرس القطري الأولمبي في الحصول على أول ميدالية لفريق عربي

1300x600
فازت دولة قطر وهي من أصغر الدول العربية بأكثر الميداليات على مستوى الجامعة العربية، حيث فازت بذهبيتين وبرونزية، وبذلك سجلت اسمها في المرتبة العالمية الأولمبية الـ39 وكأفضل دولة عربية من ناحية وزن الميداليات، تليها من العالم العربي مصر في المرتبة 53 بذهبية وفضية وأربع برونزيات، ثم تونس في المرتبة 57 بذهبية وفضية، والمغرب في المرتبة الأولمبية الـ63 بذهبية، والأردن في المرتبة 74 بفضية وبرونزية، والبحرين والسعودية بمرتبة 76 بفضية لكل منهما، ثم الكويت وسوريا بالمرتبة 85 ببرونزية لكل منها.

ولكن قد تكون أهم نتيجة في أولمبياد طوكيو 2020 هي فوز أول فريق عربي بميدالية، وهي برونزية قطر لفريق كرة الطائرة الشاطئية، وهي أول مرة في تاريخ الأولمبياد الحديثة التي يفوز فيها فريق عربي بأي ميدالية جماعية، في حين فاز العرب في كل جولة سابقة بميداليات فردية، كما هو الآن حيث فاز العرب بمجموع 17 ميدالية فردية وميدالية جماعية واحدة.

ويبقى السؤال: ما هو سبب نجاح دولة قطر التي لا يزيد عدد سكانها على 2,934,127 غالبيتهم العظمى أجانب، حيث لا يزيد عدد المواطنين القطريين على 11 في المائة من مجموع القاطنين فيها؟ ولماذا تفشل دول وتنجح قطر بهذا المستوى، وخاصة في كسر الجليد للحصول على ميدالية لفريق عربي؟

يقول البعض إن قطر تبحث عن لاعبين وتقوم بتجنيسيهم، وقد يكون هذا صحيحا، ولكن الكثير من الدول تفتح أبوابها للمهاجرين وخاصة ذوي المهارات. فلقد كان واضحة الأسماء العربية والإسلامية للعديد من اللاعبين في فرق دول كبيرة. وفي أولمبياد ريو 2016 شارك 50 لاعبا في الفريق الأمريكي ولدوا خارج الولايات المتحدة، ستة منهم فازوا بميداليات.

نظام الألعاب الأولمبية لا يمانع تجنيس أي لاعب من أي دولة، ولكن يجب أن يكون ذلك ضمن الشروط القانونية الأولمبية.

هناك دول عربية أكبر عددا وأغنى في المجال المادي ولكنها لم تتفوق في نفس النجاح الذي أحرزته قطر. فما هو سر نجاح قطر في حين أن دولا أخرى لم تحصد نفس النتائج المتقدمة؟

لا شك أن الدولة القطرية وفرت البنية التحتية الكاملة للأبطال، ووفرت أفضل المدربين والحوافز الشخصية والجماعية للهيئة الأولمبية القطرية لكي تستطيع أن تنافس كبرى دول العالم وتنجح في ما نجحت.

طبعا يبقى السؤال المقلق هو غياب الفرق العربية عن نهائيات الألعاب الأولمبية. فإضافة إلى فوز قطر، كان الفريق المصري قاب قوسين من الحصول على إحدى الميداليات إلا أنه في النهاية فشل. فما هو سبب ذلك الفشل وكيف يمكن أن تتم معالجته في الدورات القادمة؟

من المعروف أن نجاح الفرق (عكس الافراد) يتطلب العديد من الأمور، ومنها دوريات محلية قوية وفرص للتنافس الإقليمي والدولي على مدار السنين، وليس فقط في المواسم الكبيرة مثل كأس العالم (حيث أيضا لم يصل أي فريق عربي إلى دور الثمانية فما بعد) أو الألعاب الأولمبية أو غيرها.

كما يتطلب الأمر إدخال منافسات قوية في كافة مراحل التعليم الابتدائي والثانوي والجامعي. ففي العديد من الدول تكون المدارس والجامعات الموقع المفضل لاكتشاف المواهب، والتي قد تشكل جزءا من فريق وطني يعمل بصورة تشاركية حقيقية وفي غياب الأنانية الفردية؛ التي تسبب للفرق الفشل رغم وجود عناصر قوية فنية على المستوى الفردي ولكنها غير قادرة على العمل الجماعي التشاركي.

يتطلب نجاح الفرق تغييرا كبيرا في البيئة الاجتماعية والفكرية في بلداننا العربية. نحن بحاجة إلى بيئة تشجع المشاركة والتعاون وعمل الفريق، وعلينا أن نكافئ ونحفز الفرق الناجحة ونوفر لها كل متطلبات النجاح. وهذا يتطلب إدخال أفكار تشاركية في كافة مجالات الحياة؛ الاجتماعية والسياسية والثقافية والمجتمعية.

ورغم عدم قناعة البعض فإن الأمر له جانب سياسي، فمن المستحيل أن نصل إلى مراحل متقدمة في نجاح فرقنا الرياضية في المسابقات الجماعية، وفي نفس الوقت نرى غياب العمل الجماعي على كافة المستويات من المستوى التجاري (نجاح شركات عائلية وتقهقر شركات عامة مساهمة) والحزبي، وحتى في مجال العمل التطوعي، فنرى أمناء سر أحزاب في السبعينات والثمانينات من عمرهم وكذلك المؤسسات الفردية في مجال المجتمع المدني.

كما لا بد من التفكير في المجال العام، فالسياسيون غير مستعدين للعمل الجماعي. أين الحكومة الائتلافية في العالم العربي؟ وأين مبدأ الانتقال السلمي للسلطة؟ وأين قدسية الانتخابات بغض النظر عمن سيفوز؟ وأين الاجتماعات المستمرة على مستوى القمم لحل المشاكل العربي من خلال العمل المشترك؟

يقول الخبراء الاقتصاديون إن التجارة البينية العربية لا تتجاوز خمسة في المائة، فأين العمل العربي المشترك في تبادل السلع ورفض تسييس الحدود بسبب خلافات سياسية تكون أحيانا مبطنة على أسس شخصنة لا على أسس المصالح العليا؟

إن درس قطر في الفوز - ولو المتواضع - بميدالية فريق توفر فرصا للاستفادة من التجربة القطرية، لعل وعسى أن نرى في المسابقات القادمة أعلامنا العربية ترفرف وأنشودتنا الوطنية تصدع بفوز فرق عربية إضافة إلى استمرار فوز الأفراد.