أعلن مستشار السيسي لشؤون الصحة والوقاية الدكتور محمد عوض تاج الدين عن ظهور أعراض ما أسماه "ضبابية المخ" على نسبة عشرة إلى خمسة عشر بالمائة من متعافي كورونا في مصر.
فقدان في التركيز وصعوبة في جمع المعلومات، هي أبرز أعراض ضبابية المخ التي أعلن عنها تاج الدين في مداخلة هاتفية مع إحدى القنوات الفضائية المصرية تعليقا على بدء الموجة الرابعة لوباء كورونا في مصر بسبب التراخي الذي حدث على نطاق واسع في الفترة الأخيرة.
يبدو أن وباء كورونا قد ضاق ذرعا بما يفعله القوم في مصر من تخبط وانعدام للرؤية وإهمال جسيم على كافة المستويات الرسمية وغير الرسمية فقرر أن يوصف لنا حالة مصر بنظامها ووزارة صحتها ومسؤوليها في عبارة واحدة "ضبابية المخ".
سياسيا ومنذ اللحظة الأولى أصيب نظام السيسي بهذه الضبابية، ففقد التركيز على الأولويات ولم يلتفت لاحتياجات المستشفيات في الداخل، فقرر أن يرسل بطائرات المساعدات الطبية إلى دول أوروبية مختلفة إبان الموجة الأولى والثانية لوباء كورونا، في الوقت الذي كان فيه أطباء مصر وجيشها الأبيض يقدمون حياتهم ثمنا لتلك الضبابية السياسية وانعدام الرؤية لدى السيسي ووزيرة الصحة المصرية هالة زايد.
"حالات الإصابات والوفيات ربما تكون أضعاف الأرقام الرسمية المعلنة"، هكذا وبكل بساطة تحدث محمد عوض تاج الدين في تصريح ربما كان صادما لو صدر للمرة الأولى من مسؤول مصري ولكننا اعتدنا على هكذا تصريحات، أثناء الموجة الأولى نشرت صحيفة الجارديان البريطانية تقريرا نقلا عن دراسة بحثية كندية أشارت إلى أن أعداد الإصابات في مصر أكبر بكثير من الأرقام الرسمية وهو ما ينذر بكارثة حقيقية إذا لم تتحرك السلطات المصرية.
في التو واللحظة ظهرت أعراض ضبابية المخ على نظام السيسي بإعلامه وأجهزته الأمنية فقرروا فورا في حالة انعدام للتركيز وصعوبة في التأكد من المعلومات التي نشرتها الغارديان، قرروا إغلاق مكتب الغارديان في القاهرة وسحب الترخيص الرسمي من روث ماكيلسون مراسلة الصحيفة في مكتب القاهرة ثم طردها خارج البلاد فورا بدعوى نشر أخبار كاذبة وإثارة الرأي العام.
من لم يمت بكورونا مات غرقا، ومن لم يمت في رحلة الهجرة غير الشرعية مات في حوادث تصادم القطارات، ومن حالفه الحظ ونجا من كل هذا مات مقتولا بالإهمال الطبي داخل زنزانة ضيقة ثمنا لموقف سياسي أو رأي معارض لمنظومة الحكم العسكرية في مصر.
في دائرة معارفي الشخصية في مصر في أكثر من محافظة أصيب العشرات بوباء كورونا على مدار العام والنصف الماضي، بعضهم دخل إلى المستشفى وبعضهم مكث داخل العناية المركزة لأسابيع وللأسف بعضهم لم يستطع جسده الضعيف مقاومة كورونا فلقي حتفه على الفور، المحزن في الأمر أنه لا يوجد شخص واحد فقط ممن أصيبوا من دائرة معارفي الضيقة تم تسجيله في بيانات وزارة الصحة المصرية سواء في أعداد مصابي كورونا أو حتى في كشوف الوفيات. والسبب أن الناس قد فقدوا الثقة في تلك الحكومة وهذا النظام لأنهم غير جادين بتوثيق أو نشر وإعلان الأعداد الحقيقية للمصابين أو المتوفين بسبب وباء كورونا.
ضبابية المخ التي يعاني منها نظام السيسي لم ولن تتوقف فقط عند تعامله الفاشل مع انتشار وباء كورونا وإنما امتدت لتشمل ضبابية اقتصادية وقرارات أثارت حفيظة ملايين المصريين ممن يعيشون تحت خط الفقر، ابرز تلك القرارات ما يتعلق برغيف الخبز وإعلان السيسي نيته رفع السعر فورا ثم تأجيله لتنفيذ هذا القرار.
انعاكاسات الضبابية الاقتصادية التي يعاني منها السيسي ونظامه تجلت نتائجها في الكارثة التي استيقظت عليها قرية تلبانة التابعة لمركز المنصورة، الأسبوع الماضي، عقب الإعلان عن غرق المركب الذي كان يقل العشرات من أبنائها في رحلة هجرة غير شرعية إلى ليبيا، حيث تم الإعلان عن وفاة أحد عشر شابا من أبناء القرية وأطفالها الذين كانوا ضمن رحلة الموت هذه.
من لم يمت بكورونا مات غرقا، ومن لم يمت في رحلة الهجرة غير الشرعية مات في حوادث تصادم القطارات، ومن حالفه الحظ ونجا من كل هذا مات مقتولا بالإهمال الطبي داخل زنزانة ضيقة ثمنا لموقف سياسي أو رأي معارض لمنظومة الحكم العسكرية في مصر.
نظام عسكري مصاب بضبابية المخ بكافة أعراضها الحميدة والخبيثة ولا يبدو أنه سيجد علاجا لها وليس لديه النية حتى للتداوي، لتبقى الحقيقة المرة التي لا ملاذ منها ولا مفر أنه أينما تكونوا يدرككم الموت تحت حكم السيسي.
ظاهرة الانتحار في السجون المصرية!!
خيرت الشاطر.. التنظيم والإنسان