توقّع محلّل أمريكي حربا باردة بين الولايات المتحدّة والصين في ظلّ احتدام التنافس بين الدولتين على الساحة العالمية وسعي بكين لإثبات نفسها كقوة عالمية كبرى، وضغوط واشنطن عليها لعرقلتها عن تحقيق ما تصبو إليه.
ويقول المحلل الأمريكي بول هيير، المسؤول السابق عن شرق آسيا بجهاز
الاستخبارات الأمريكي، والكاتب بموقع "ناشيونال انتريست"، إنه من الواضح أن حربا
باردة بين الولايات
المتحدة والصين ليست
مرغوبة، كما أنها ليست حتمية بالضرورة. ولكن من الصعب جدا أن نرى كيف ستتخذ بكين
وواشنطن، سواء بشكل فردي أو مشترك، الخطوات اللازمة لتجنب ذلك.
وأعلن العديد من الخبراء والمعلقين أن الولايات المتحدة والصين تتجهان
نحو حرب باردة جديدة أو تنخرطان فيها بالفعل. وينطبق هذا المصطلح في تحليلهم على
المنافسة الاستراتيجية ثنائية القطب بين القوتين العظميين النوويتين
وأيديولوجيتيهما.
ويرى هيير أنّه في حال حدوث حرب باردة بين أمريكا والصين فإنّه سيكون تكرارا لسيناريو الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي كسباق
للتفوق العالمي من شأنه أن يلزم الدول الأخرى باختيار بين الديمقراطية
والاستبداد.
ولكن الحرب ستظل "باردة" لأن أيا من الجانبين لا يسعى إلى
المواجهة العسكرية المباشرة أو الغزو. والواقع أن الحرب الباردة بين الولايات
المتحدة والصين سوف تشن في المقام الأول في المجالات الاقتصادية والتكنولوجية
والسياسية، وفقا لما يقوله هيير.
ومع ذلك، أعلن مراقبون آخرون بثقة مماثلة أنه لن تكون هناك حرب باردة بين الولايات المتحدة والصين لأن واشنطن وبكين لا تخوضان في الواقع صراعا أيديولوجيا من أجل التفوق العالمي.
ويعتبر هيير أنّ الصين لا تسعى للهيمنة على العالم أو تدمير
الرأسمالية وأسلوب الحياة الأمريكي بل تسعى إلى تعظيم ثروتها وقوتها ونفوذها، خاصة
بالمقارنة مع الولايات باعتبار أن أمريكا كانت لفترة طويلة المعيار العالمي للثروة
والسلطة والنفوذ.
بل وذهب هيير إلى أبعد من ذلك واعتبر أنّ العالم لن يقسم نفسه إلى
معسكرات أمريكية وصينية.
وتخلص بكين إلى أن واشنطن تبنت سياسة احتواء فعلية لمقاومة زيادة
النفوذ الصيني عبر العالم ما يدفع القادة الصينيين إلى إضعاف قدرة الولايات
المتحدة على عرقلة الطموحات الصينية.
كما يسعى القادة الصينيون أيضا إلى استغلال خطوط الصدع بين الولايات المتحدة والدول الأخرى التي قد تتعاون بطريقة أخرى مع جهود واشنطن للقيام بذلك.
من جهة أخرى، يرى أن الاعتقاد الأمريكي بأن الصين تشكل تهديدا على
الطريقة السوفيتية للولايات المتحدة هو جزئيا نتيجة ثانوية للخلل السياسي
والاستقطاب والضائقة الاقتصادية، التي تتطور منذ أكثر من عقد، لكنها تفاقمت بسبب
تأثير إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب وجائحة فيروس كورونا.
وبالإضافة إلى إلقاء اللوم على الممارسات التجارية الصينية في
النكسات أو نقاط الضعف في الاقتصاد الأمريكي، فإنّ الجانب الأمريكي ينظر إلى
عمليات النفوذ الخارجي للصين على أنها تهديد للديمقراطية الأمريكية، كما ينظر إلى
قدراتها الفضائية والسيبرانية على أنها تهديد للأمن الداخلي الأمريكي. وتمثل كل
هذه التكتيكات والأدوات الصينية تحديات حقيقية وكبيرة للولايات المتحدة، ولكن
الخطر الذي تشكله على أسلوب الحياة الأمريكي كان مبالغا فيه إلى حد كبير.
ويشكل هذا المعطى- طبقا لتحليل هيير- منافسة أيديولوجية منهجية ومنافسة هيكلية بين قوتين عالميتين على النفوذ الدولي، حتى لو لم يكن من الضروري
أن تكون مجالات نفوذهما متعارضة. وتصعد الدولتان المنافسة الاقتصادية والعلمية
والتكنولوجية بينهما لاعتقادهما الواضح بأن امتلاك ريادة العالم في كلا المجالين
أمر حيوي لأمنهما القومي، وأن الاعتماد المتبادل غير مقبول.
وجهات نظر مختلفة
ويرى هيير أن بكين وواشنطن غير قادرتين على ما يبدو على فهم وجهة
نظر كل منهما للأخرى أو الاعتراف بالعنصر التفاعلي لسلوك كل منهما بشكل كامل، أو
غير مستعدتين لتقدير وجهة نظر كل منهما. وهذا الافتقار إلى الفهم المتبادل والثقة
يغذيان المعضلة الأمنية الكامنة وسوء توزيع الطرفين للدوافع والنوايا الاستراتيجية
للطرف الآخر.
ويضيف بول هيير أن الوضع السياسي الداخلي
في كل من الولايات المتحدة والصين يدفعهما نحو نهج تصادمي صفري تجاه بعضهما البعض.
والتساؤل الذي يطرحه هيير هو، إلى أين سيقودنا هذا الوضع؟ وفي إجابة
على هذا التساؤل، يقول هيير إنّ النتيجة ستكون منافسة صفرية ظاهريا على الثروة
والسلطة والنفوذ بين أكبر قوتين في العالم، واللتين لديهما بشكل أساسي نظامان سياسيان
واقتصاديان متعارضان، وكلاهما يسعى إلى الحصول على الدعم الدولي لهذين النظامين.
وعلاوة على ذلك، فإن الديناميكية السياسية الداخلية من كلا الجانبين تضمن عدم سعي
بكين أو واشنطن بنشاط إلى اتباع نهج أكثر معقولية أو تيسير تجاه الآخر مما هو
سائد الآن.
وخلص هيير في ختام تقريره إلى أن التوصل إلى حل وسط أمر محفوف
بالمخاطر ولا يمكن الدفاع عنه سياسيا، فضلا عن كون أن التفاهم المتبادل والثقة
المتبادلة عقيمان أو هزليان. وبدلا من ذلك، سيركز كلا الجانبين في المقام الأول
على السعي إلى الحصول على مزايا استراتيجية وهيكلية وتنافسية على حساب الطرف
الآخر. لكنهما على الأقل سيبذلان الجهود لتجنب نشوب صراع عسكري صريح، لأن كلا
الجانبين يدركان التكاليف الكارثية المحتملة لذلك، ولا يثق أي منهما تماما بقدرته
على الانتصار.
قلق أمريكي من أنشطة الجيش الصيني قرب تايوان
ميلي: لم أشك بقدرات ترامب الذهنية.. وأبلغت إدارته باتصال الصين
القوات الجوية الأمريكية تخشى تفوق الصين عليها عام 2035