لا شك أن قانون القومية العنصري ويهودية الدولة التي يطرحها الكنيست الإسرائيلي للمداولات والإقرار، تعبر عن المفهوم العنصري لدولة الاحتلال القائم على ممارسة الإرهاب والقتل والعداء للآخر، وبكل تأكيد تتناقض هذه القوانين مع حقوق أبناء الشعب الفلسطيني التي يعترف بها العالم، وخاصة حقوقهم داخل أراضي العام 1948 وحريتهم وحقهم في تقرير مصيرهم وعدم ربط هذه الحقوق بالمسار اليهودي العنصري، القائم على تشكيل أكبر تكتل عنصري بتاريخ دولة الاحتلال، ودعم هذه الممارسات التي باتت تشكل تهديدا مباشرا لهم، وتكرس سياسة العنصرية الصهيونية في التعامل معهم ومع حقوقهم في وطنهم.
لا يمكن لقانون يهودية الدولة بمفهومه الاستعماري أن يعكس سوى تلك العقلية والنهج القائم على ممارسة الاستعمار والاستيطان والعداء للشعوب؛ كون يهودية الدولة تحصر حق العودة باليهود بينما تحرم أصحاب الأرض الأصليين من حقهم في العودة، كما أنها تهدف لتكريس نظام الأبارتهايد والاحتلال العنصري الذي تمثله دولة الاحتلال بكل مؤسساتها العسكرية، القائمة أساسا على فرض نظم وحماية الاحتلال العسكري في فلسطين.
بات من يدعم هذه المواقف يشكل خطورة فعلية على المستقبل الفلسطيني والظروف الخاصة التي يعايشها أبناء الشعب الفلسطيني؛ من تشرد وقمع وعدوان وحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية الأساسية، وهذا الموقف يحمل دلالات خطيرة تمس بالحقوق الوطنية التاريخية لشعبنا الفلسطيني، وتهدد باستهداف أهلنا في أراضي 48 بعملية تهجير واسعة يخطط لها اليمين الإسرائيلي المتطرف، كما أنها تستهدف اللاجئين وحق العودة وتتناقض كليا مع التشريعات والقوانين الدولية.
محاولة البعض للعب على التناقضات ومساندة هذه القوانين، تعد محاولات مارقة وعابرة وتجارة بمعاناة الشعب الفلسطيني، ولا يمكن أن تجد أي شخص عاقل يدعم هذه التوجهات القائمة على العنصرية والعدوانية، وأن هذه القوانين التي تمس الحقوق الفلسطينية وتشرع توسع الاحتلال الإسرائيلي وجيشه وشرطته في ممارسة القمع، باتت تعبر عن المستوى الذي وصل إليه بعض المرتزقة في التماهي والانخراط في سياسة «بينت وشاكيد» اليمينية العنصرية المتطرفة، من خلال محاولتهم التساوق مع الاحتلال تحت مسميات ومشاريع مختلفة، لا تعبر عن الواقع بأي صلة، متنكرين للتاريخ الوطني والإسلامي الفلسطيني العريق، وتلك القيم الحضارية التي تعبر عن تضحيات ونضال شعب فلسطين ضد الاستعمار الاستيطاني، وتثبت الأحداث أنهم مجرد أوراق سوف تتساقط ولا يمكن لهم النيل من إصرار وعزيمة وتضحيات شعبنا المناضل أينما وجد، وما هم إلا أبواق للمتطرفين العنصريين الصهاينة والمستوطنين، وهم لا يمثلون إلا أنفسهم، والشعب الفلسطيني بريء من تلك الحثالة العابرة.
تشكل هذه المواقف الخطيرة لبعض العابرين خطورة بالغة على المستقبل الفلسطيني بشكل عام؛ كونها باتت تتساوق مع الرواية الصهيونية وأهدافها القائمة على اقتلاع الشعب الفلسطيني من أراضيه وتهجيره، وهي استكمال لمشاريع ومؤامرات النكبة الفلسطينية، علاوة على أنها تحرمه من أبسط حقوقه القومية وتتساوق مع أدنى درجات الاستهتار، ولا بد من محاصرتها ووضع حد لمثل تلك الممارسات، وعزل الاحتلال وفضح ممارساته على المستوى الدولي الذي يتنكر لأبسط قيم حقوق الإنسان والعدالة والمساواة؛ كون أن هذه القرارات باتت تشكل خطرا كبيرا على حقوق الشعب العربي الفلسطيني في مواجهة اليمين الإسرائيلي المتطرف والتكتل العنصري الإسرائيلي بكل مسمياته المختلفة، ولا مجال هنا إلا لتسمية الأشياء بمسمياتها ووضع النقاط على الحروف، وفضح مؤامرة استهداف الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية.
"تغيير النظام" في المفهوم الأمريكي: ألعاب الربح والخسارة