ما
زالت عمليات المقاومة في الضفة الغربية في الأسابيع الأخيرة تزيد من توتر الساحة
الأمنية الإسرائيلية، وتطرح مزيدا من التساؤلات حول عجز الإجراءات الأمنية عن وقف
منفذي تلك الهجمات الذين يتجاوزونها، وينجحون في استهداف الجنود والمستوطنين، سواء
بالطعن أو الدعس أو إطلاق النار.
من
التساؤلات التي يتداولها الإسرائيليون في الأسابيع الأخيرة بالتزامن مع تفاقم
الهجمات المسلحة، حول قدرة الفلسطينيين على بسط سيطرتهم الميدانية على الطرق الرئيسية
في الضفة الغربية، لاسيما المناطق الجبلية، رغم التواجد المكثف لقوات الاحتلال،
حيث تمر تجمعات المياه من الشمال إلى الجنوب، وعلى طولها تمر الممرات الجبلية، من
بئر السبع عبر الخليل إلى نابلس، وهي ذاتها المناطق التي أقام فيها البريطانيون
نقاطا استيطانية لمحاربة التنظيمات الفلسطينية.
اقرأ أيضا: تزايد عمليات المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي مع نهاية 2021
الكاتب
اليميني آرييه إلداد قال في مقاله بصحيفة معاريف، الذي ترجمته "عربي21"، إن "هذه الطرق المحورية تعتبر "العمود الفقري" للحدود الإسرائيلية
غربي نهر الأردن، لأنه بعد اتفاقيات أوسلو، عندما تم تصنيف مدينتي نابلس وجنين
بأنهما منطقة (أ)، وأصبح الريف المحيط بهما في الغالب منطقة (ب)، فقد ظل الطريق في
المنطقة (ج) تحت المسؤولية المدنية والأمنية الكاملة لإسرائيل، لكن مع تنفيذ خطة
فك الارتباط في 2005، وتم كسر هذا العمود الفقري لدينا".
وأضاف:
"من بين المناطق التي تمت إعادة الانتشار فيها بعد تلك الخطة مستوطنة شوماش
التي شهدت الهجوم الفلسطيني الأخير، وطوال السنوات الماضية دفع المستوطنون ثمناً
دموياً مقابل بقائهم في هذه المناطق الأمنية الحساسة، مع العلم أن خطة فك الارتباط
لم تغير وضع المنطقة، بدليل بقاء هذه المستوطنات مصنفة منطقة (ج)، وتخضع لسيطرة
إسرائيلية مدنية وأمنية كاملة، لكن دخول الإسرائيليين أصبح محظورا".
اقرأ أيضا: صعوبات تواجه الاحتلال للتعامل مع المواجهة القادمة بغزة
تثير
الهجمات الفلسطينية الأخيرة مطالبات إسرائيلية، تظهر وتختفي، بين حين وآخر، بإلغاء
قانون فك الارتباط من خلال الكنيست، خاصة في ما يتعلق بمناطق شمال الضفة الغربية،
وهي مطالبات جاءت على هيئة مشاريع قوانين تحظى بتأييد جميع الأحزاب اليمينية
الإسرائيلية، وفي الوقت ذاته واصل المستوطنون الصعود إلى قمم تلك الجبال الذي يظهر
منه الجليل وجبل الشيخ والكرمل والسهل الساحلي لأسدود، رغبة منهم بفرض الأمر
الواقع على أي حكومة إسرائيلية قائمة.
العملية
الفلسطينية الأخيرة التي أسفرت عن مقتل أحد المستوطنين أثارت لدى قادتهم استنكارا
موجها ضد الجيش لعدم توفير إجراءات حماية أمنية للمستوطنين المارين من هذه الطرق،
التي وصفتها وزيرة الداخلية أييليت شاكيد ذات مرة بأنها "منطقة استراتيجية من
الدرجة الأولى"، وطرد المستوطنين منها وهمي، وعديم الجدوى، وهي ذاتها كانت
مواقف رئيس الحكومة الحالي نفتالي بينيت حين كان في المعارضة، لكنه بعد موقعه
الجديد ربما اضطر لتغيير موقفه لاعتبارات سياسية.
أما
وزير القضاء غدعون ساعر، فقد سبق له أن أعلن أن خطة فك الارتباط يجب أن تفرق بين
مستوطنات غوش قطيف في قطاع غزة، ومستوطنات شمال الضفة الغربية، لأنها تعتبر أساسا
لتنفيذ الهجمات ضد قوات الاحتلال والمستوطنين، فيما يطالب قادة التجمعات
الاستيطانية بإعادة المستوطنين "المرحلين" إلى مستوطناتهم التي رحلوا
منها في 2005، لكن وجود ائتلاف حكومي اليوم مختلف المشارب والأيديولوجية قد يحول
دون تنفيذ هذه المطالب، ما يعني استمرار الوضع على حاله.
ويرى
الإسرائيليون أن تفاقم الهجمات المسلحة، يثبت للفلسطينيين أن "اليهود"
يفرون تحت الضغط الأمني، ويبدون قابلية للتراجع في مواقفهم، والخلاصة أنه إذا غادر
الاحتلال هذه المناطق الجبلية، فإن شمال الضفة الغربية سيصبح نموذجا مكررا من قطاع
غزة، ما يتطلب، وفق القراءة الإسرائيلية، إعادة ربط "العمود الفقري"
المقطوع على الفور، من خلال تكيف تواجد قوات الجيش في حركة مرور المستوطنين
المستمرة، وإلا سيصبح هذا المحور غير المستخدم منطقة للمهاجمين الفلسطينيين.
رئيس الشاباك الأسبق: نواجه مشهدا إقليميا أكثر عداء وتهديدا
خطة لبناء حي استيطاني جديد بالقدس يحاصر الأحياء الفلسطينية
الكشف عن أطماع إسرائيلية في حوض البحر المتوسط