تطرح عمليات القصف المحدود والمتبادل بين القوات الأمريكية في سوريا، والمليشيات المدعومة من إيران، تساؤلات حول احتمالية تطورها لمواجهة عسكرية مباشرة.
وعلى
مدار اليومين الماضيين، شهدت مناطق ريف دير الزور الشرقي موجات قصف متبادل، إذ
قامت طائرات مسيرة تابعة لـ"التحالف الدولي" بقيادة واشنطن، يومي
الأربعاء والخميس، بقصف مواقع تابعة للمليشيات الإيرانية، وذلك بعد استهداف
المليشيات حقل "كونيكو"، الذي تتخذه القوات الأمريكية قاعدة لها شرقي دير
الزور، إلى جانب حقل العمر.
وحسب
مصادر محلية، استهدفت طائرات مسيرة تابعة لـ"التحالف الدولي" بالصواريخ
مواقع لمليشيا "النجباء"، بالقرب من بلدة "حطلة"، غرب دير
الزور، إلى جانب مواقع أخرى.
وقالت
وزارة الدفاع الأمريكية، إن الهجمات على قواعدها جاءت بالتزامن مع الذكرى السنوية
الثانية لاغتيال قائد "فيلق القدس" الجنرال قاسم سليماني، مضيفة أنه
"من الصعب أن نعرف بدقة كبيرة ويقين ما الذي يفسر تكرار هذه الهجمات"، كما أبدت
الدفاع الأمريكية استعدادها للتصعيد في سوريا والعراق من قبل مليشيات إيران.
اقرأ أيضا: هل تأثرت إيران بضربات الاحتلال بسوريا.. وما سبب غياب روسيا؟
الاستعراض من جانب إيران
وحول
احتمالية تطور التصعيد إلى مواجهة مباشرة، يعتقد أستاذ العلاقات الدولية في جامعة
باريس، خطار أبو دياب، في حديث خاص لـ"عربي21"، أن ما يحصل من تصعيد لا
يخرج عن إطار الاستعراض الذي تمارسه إيران بمناسبة الذكرى الثانية لاغتيال قاسم
سليماني.
ويرى
أبو دياب أنه يمكن قراءة التصعيد في إطار رغبة إيران بتنويع أوراق القوة في
مفاوضات فيينا النووية.
ويقول:
"طالما أن المفاوضات مستمرة، فمن المؤكد أن المناوشات في سوريا والعراق
ستستمر، بحيث تحاول طهران من خلال التصعيد عبر جماعة "الحوثي" وخطاب
أمين عام "حزب الله" ضد السعودية، وعبر هذه العمليات في سوريا والعراق،
أن تقول إن مشروعها الإمبراطوري ما زال قائما في المنطقة، وإنها غير مستعدة عن
التخلي عنه".
ويتابع:
"الجانب الإيراني يود التذكير بقدرته على إيذاء القوات الأمريكية المتواجدة
في المنطقة، من خلال القصف وحرب العصابات".
ويعني
ذلك، حسب أبو دياب، أن التصعيد الحالي لن يصل إلى مواجهة مباشرة بين إيران
والتحالف بقيادة الولايات المتحدة في سوريا أو العراق، مستدركاً: "لكن على
الجانب الآخر، أي بين إيران وإسرائيل، هناك حسابات أخرى، بمعنى أنه لا يمكن حصول
مواجهات أكبر دون أن تكون إسرائيل طرفاً".
اقرأ أيضا: قصف صاروخي يستهدف قاعدة للتحالف شرق سوريا
ومثل
أبو دياب، يربط المحلل السياسي فراس علاوي، التصعيد المحدود بين الولايات المتحدة
وإيران في سوريا والعراق، بتعثر مفاوضات فيينا النووية، مضيفاً
لـ"عربي21"، أن الجانبين يرغبان بتحقيق شروطهما في فيينا، وعدم حدوث
تقدم في المفاوضات يدفع بسوريا إلى أن تكون صندوق الرسائل.
ويستبعد
علاوي أن يصل التوتر إلى مواجهة مباشرة، مبيناً أن "المعطيات على الأرض تؤشر
إلى استمرار الحال على ما هو عليه، أي عمليات استفزازية من المليشيات، والرد عليها
من الجانب الآخر".
ويضيف
في حديثه لـ"عربي21": "غير أن الملاحظ أن الرد الأمريكي الأخير كان
قوياً، حيث تم استهداف أكثر من موقع وقاعدة إيرانية".
واستناداً
إلى ذلك، يعتقد علاوي أن مآل التوتر هو رهن التطورات في مفاوضات فيينا، مختتماً
بقوله: "في حال تقدمت المفاوضات، فغالباً سيخيم الهدوء في سوريا والعراق،
والعكس".
وفي
قراءة أخرى، يعتقد الصحافي السوري عبد العزيز الخطيب، أن هدف إيران الأول من
استفزاز القوات الأمريكية، من خلال إطلاق صواريخ في مناطق مفتوحة وخالية، هو توجيه
رسائل للداخل الإيراني، مفادها أن طهران عازمة على الرد على مقتل سليماني.
ويؤكد
في حديثه لـ"عربي21" أن "رد الفعل المحدود من جانب القوات
الأمريكية على القصف أن الجانبين يحرصان على عدم الانزلاق نحو مواجهة شاملة".
قصف صاروخي يستهدف قاعدة للتحالف شرق سوريا