ما زالت أحداث هبة مايو الماضية، التي انخرط فيها فلسطينيو48 بالهبة الشعبية التي شهدتها كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة، تشغل الأوساط الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، إلى الحد الذي دفع عضو الكنيست يوآف كيش لتقديم مشروع قانون بإنشاء حرس وطني في إسرائيل، وهو اقتراح قيد المناقشة حاليًا في أروقة صنع القرار الإسرائيلي، مع الأخذ بعين الاعتبار عددا من النقاط الأساسية.
مع العلم أن مراكز الشرطة
الإسرائيلية المحترقة في المدن الفلسطينية المحتلة في الداخل، والهجوم على
المستوطنين، وما أظهرته شرطة الاحتلال من عجز في مواجهة فلسطينيي48، الذين قاموا
بإغلاق الشرايين المركزية للطرقات الرئيسية، كلها مشاهد لا تقدم سوى وصف جزئي
للغاية للوضع الذي شهده الربيع الماضي، ويخشى الإسرائيليون أن يتكرر في أي مواجهات
إسرائيلية قادمة في غزة أو الضفة أو القدس.
يائير أنسباخر الباحث في
منتدى الأمن القومي، وينخرط مع آخرين لإعداد إسرائيل لحالة طوارئ واسعة النطاق
والحرب القادمة، ذكر في مقاله بصحيفة "مكور ريشون"، الذي ترجمته "عربي21"، أن "مشروع قانون عضو الكنيست يوآف كيش لإنشاء الحرس الوطني في إسرائيل، من
المفترض أن يكون بمثابة قوة استجابة واسعة لجميع أنواع المواجهات المفاجئة التي لا
تتوقعها قوات الأمن الإسرائيلية، مع العلم أن المحفز لهذه المبادرة هو الوضع
الخطير الذي تم اكتشافه خلال أحداث حرب غزة الأخيرة، وما شهدته المدن العربية في
الداخل، بالتوازي مع قتال الجيش الإسرائيلي ضد حماس في غزة".
وأضاف أن "الموجة
الواسعة من أعمال المواجهات والاحتجاجات التي قام بها فلسطينيو48، دفعت المحافل
الأمنية والسياسية الإسرائيلية للحديث بأن هؤلاء المتظاهرين والمحتجين، ومن يوجههم،
يحملون هويات انفصالية ومعادية لإسرائيل، وبالتالي فإنه بالإضافة لدور "الحرس
الوطني" في الحفاظ على النظام والأمن، فسيكون هو الجهة الموثوقة للحفاظ على
طرق النقل المفتوحة، وتنفيذ جميع احتياجات اقتصاد الطوارئ، وسيكون بمثابة سلاح
حكومي فعال لأية مهمة تطلبها إسرائيل داخل حدودها".
اقرأ أيضا: الاحتلال يتخوف من تداعيات "شعور النكبة الجديدة" بالنقب
يبدو مشروع قانون إنشاء
الحرس الوطني جديرا بالدراسة والتأمل، فالاحتلال لديه جيش عسكري مدرب يقاتل في
أراضي "العدو"، الأمر الذي يطرح نقاشا حقيقيا عن القوة التي ستختارها لصالح
مهمة إنشاء الحرس الوطني، حيث تميل أوساط من المؤسسة العسكرية إلى دعم الاقتراح
بأن تتولى شرطة حرس الحدود هذه المهمة، طالما أنها موجودة بالأساس، ولا داعي
لتشكيل حرس جديد، في حين أن أوساطا نافذة في ذات المؤسسة العسكرية تريد من الجيش
الإسرائيلي القيام بهذه المهمة.
على كل الأحوال، من الواضح
أن مشروع القانون هذا يضع المسؤولية على عاتق ذراع أمني جديد، على اعتبار أن كلا
من الأجهزة الأمنية المذكورة أعلاه له منطقه الخاص، ولكل اتجاه مزايا وعيوب، مع أن
تشكيل هذا الحرس الوطني الإسرائيلي قد يتطلب وفق بعض القراءات الإسرائيلية مراعاة
جملة من النقاط الأساسية، أهمها الحجم الأساسي والاحتياطي، وهذا هو الشرط الأول
والأساسي، كما أنه لا يمكن لحرس الحدود أو الجيش أن يؤدي دورين في وقت واحد، أو أن
يكون في أكثر من مكان في الوقت ذاته.
في الوقت نفسه، وبما أن
الحرب واسعة النطاق، أو "الجيش الشعبي المستقبلي" الخاص بإسرائيل سيتطلب
تحشيد كل القوى والموارد، فإن المؤسسة العسكرية تدعي أنه من الأهمية بمكان أن يكون
لإسرائيل قوات إضافية على تلك الموجودة بالفعل تحت تصرفها، وعند التعامل مع حالة
طوارئ واسعة النطاق، فمن الضروري إنشاء بنية تحتية واسعة قدر الإمكان وغير محدودة، كما هو معتاد خلال الأوقات الروتينية.
مع العلم أن إسرائيل تمتلك
اليوم قوة عاملة لا يتم استخدامها بشكل جيد في حرب واسعة النطاق، أو في الجيش
الشعبي، ما قد يستدعي ضمان التدريب والتطوع وملاءمة القوات المسلحة، كي تكون
جديرة بتنفيذ مهام الحرس الوطني، من خلال اختيار الأشخاص المناسبين، ذوي والخبرة
والدافع، ويتلقون التدريب والمعدات، وفي المجالات ذات الصلة مثل: تقديم الإسعافات
الأولية، الحفاظ على النظام، الشرطة الأساسية، التعاون مع مختلف قوات الأمن،
الإنقاذ ومساعدة الإسرائيليين في حالة الطوارئ، وكل ذلك قد يعطي الإسرائيليين
إحساسا بالأمن في جبهتهم الداخلية التي تتعرض لانتقادات واسعة بسبب عدم جاهزيتها
لأي حرب.
معهد إسرائيلي: ثقتنا تراجعت بالجيش للحد الأدنى منذ 2008
تخوف إسرائيلي: استمرار الهجمات سيكرر نموذج غزة في الضفة
رئيس الشاباك الأسبق: نواجه مشهدا إقليميا أكثر عداء وتهديدا