أصعب
ما يواجه أي كاتب أن يشعر أنه في حاجة لتبرير ما يكتب. هكذا شعرت وأنا أفكر في الكتابة
عن المطرب العربي، وسألت: هل كف الواقع عن أن يمدك بمادة للكتابة كي تعود إلى ما قد
يكون "ذكريات"؟ هل تهرب من حكايات وموضوعات تنهال كل يوم أمامك، وتدعوك؟
ماذا عن 25 يناير؟ أو "أصحاب ولا أعز"؟ أو ملابسات وفاة الإبراشي؟ أو
حتى ذكرى السندريلا؟ وعشرات، وربما مئات، غيرها؟
وفي
الواقع، ظهر ما هو أعمق، ربما قلق من جدوى الكتابة نفسها، أية كتابة، وأية موضوعات.
وقلت فلتترك القارئ يحكم، ما إذا كان الحديث عن المطرب العربي، سيلقى قبولا، وسط كل
هذا.
وهكذا
مضيت، أسمع، وأقرأ ما يعينني على تدبر أمر المطرب العربي. وقلت فلتكن أغنية واحدة أرشحها،
وأعتبرها أفضل ما غنى.
ولكن
فلأقل أولا من هو: المطرب العربي.
سألته
المذيعة: ماذا تفضل أن يقال عنك، فأجاب محمد عبد المطلب: المطرب العربي.
استغربت
الإجابة، لكن أبو نور حكى ما يؤهله بحق لذلك، كنت أعرف أنه أقام فترة في العراق، لكنني
لم أكن أتصور أنها خمس سنوات، وكنت أعرف أنه غنى وأقام فترة في فلسطين، لكني أيضا،
تصورت أنها أسابيع، أو أشهر، لكنها كانت سنوات، هي الأخرى.
وهذا
هو الحديث الشيق:
لا أتهرب
من الكتابة عزيزي القارئ، لكنى أجد أن الاستماع للمطلب وهو يحكي متعة لا تضاهيها أية
كلمات أكتبها، فماذا سأفعل كي أنقل هذه العفوية والتلقائية والثقة بالنفس، والشخصية
والتجربة الباهرة.
راجعت
عددا هائلا من أغنيات عبد المطلب، ودهشت من تفرده، الذي حافظ عليه أيا كان الموضوع
والمناسبة والكلمات واللحن.
واحدة
من أشهر أغنياته "بتسأليني بحبك ليه" ظل جمهوره يطلبها طوال أربعة عقود على
الأقل، وقصتها طريفة، وها هي:
ما أرشحه،
وما أفضله هي أغنية "باصعب على روحي" الكلمات لمرسي جميل عزيز واللحن لأحمد
صدقي، وكل منهما قامة ومنجز كبير للغاية، وطلب يبدع في الأغنية، بأداء ولا أروع.