تونس تعيش خرقا جسيما للدستور والاعتداء على المؤسسات المنتخبة
هناك إفلاس مالي غير معلن وأزمة اقتصادية غير مسبوقة وعزلة دولية شاملة
أتواصل مع البرلمانات والمنظمات الدولية بتوافق مع أحكام الدستور ومقتضيات القانون والنظام الداخلي للبرلمان
البرلمان احتفل بذكرى الدستور للتأكيد على أن تونس ومؤسساتها المنتخبة والدستورية لا تزال قائمة
إقالة الغنوشي لا تتم إلا عبر سحب الثقة، والمعارضة فشلت مرتين في الإطاحة به، ولن تفلح
قال ماهر مذيوب، مساعد رئيس البرلمان التونسي، إن البلاد تعيش على وقع خرق جسيم للدستور وانقلاب على الشرعية الدستورية، بعد 6 أشهر من إعلان الرئيس قيس سعيّد تدابيره الاستثنائية في 25 تموز/ يوليو الماضي.
وفي مقابلة خاصة مع "عربي21"، أشار إلى أنه وقع تخريب النظام الدستوري كاملا، والاعتداء على الدستور والمؤسسات المنتخبة والأسس العميقة للدولة التونسية.
كما شدّد مساعد راشد الغنوشي بالبرلمان على أن "مجلس النواب عائد إلى نشاطه دون شك"، في حين أن "الإجراءات الاستثنائية ذاهبة إلى زوال"، على حد تعبيره.
وعن تخلي رئيس عن منصبه بالبرلمان، أوضح مذيوب أن "إقالة الغنوشي لها جسر دستوري واحد، وهي آلية سحب الثقة عبر البرلمان"، مشيرا إلى أن مسألة استقالة راشد الغنوشي "أمر يتعلق به دون غيره".
وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":
كيف تقيمون أول ستة أشهر بعد إعلان قيس سعيّد إجراءاته في 25 تموز/ يوليو؟
باختصار شديد، وبعد ستة أشهر من الخرق الجسيم للدستور والانقلاب على الشرعية الدستورية من السيد قيس سعيد رئيس الجمهورية التونسية، نسجل الحصاد المر كالآتي: تخريب النظام الدستوري كاملا، والاعتداء على الدستور والمؤسسات المنتخبة والأسس العميقة للدولة التونسية، والحكم الفردي المطلق وغياب تام لأي شكل من أشكال الحوار الجدي، وضرب الأجسام الوسيطة في المجتمع، وبوادر حرب أهلية كامنة "لا قدر الله" نتيجة لتأجيج مشاعر البغضاء والكراهية والعداء بين السكان.
بالإضافة إلى إفلاس مالي غير معلن وأزمة اقتصادية غير مسبوقة وثورة جياع على الأبواب، فضلا عن عزلة دولية شاملة لم تعرفها تونس منذ الاستقلال.
تقومون بمجهود كبير على المستوى الدولي بالتواصل مع المنظمات والبرلمانات الدولية، هل هذه التحركات جاءت بمجهود فردي أو بتنسيق مسبق مع رئاسة البرلمان أو بعض النواب مثلا؟
نقوم بواجبنا كاملا، دفاعا عن سيادة تونس واستقلالها ودستورها وحريتها وديمقراطيتها، التي ضحت من أجلها الأجيال المتعاقبة للشعب التونسي الأبي. نحن نقوم بذلك بحرية تامة وإرادة صلبة وتشاور وتبادل للخبرات مع الزميلات والزملاء النواب الأفاضل.
الأستاذ راشد خريجي الغنوشي رئيس مجلس نواب الشعب بالجمهورية التونسية، الذي تشرفنا بالعمل معه طيلة سنة كاملة في رحاب مجلس نواب الشعب، لا يؤمن بالتعليمات أو التوجيهات، بل هو يدفع بكل المبادرات، المهم أن تكون ضمن الدستور والقانون والنظام الداخلي للمجلس.
هناك من يعتبرون ذلك دعوة للتدخل الأجنبي في الوضع القائم بتونس، ما ردكم على هذه الادعاءات؟
عملي وكل تحركاتي كنائب شعب عن دائرة الدول العربية وبقية دول العالم، وكمساعد السيد رئيس مجلس نواب الشعب مكلفا بالإعلام والاتصال، يتم في توافق تام مع أحكام الدستور ومقتضيات القانون وأحكام النظام الداخلي للبرلمان.
ثم إن تونس دولة حرة وديمقراطية، صادقت ووقعت على أغلب الصكوك والمواثيق الدولية والإقليمية، الخاصة بحقوق الإنسان والحريات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما أن مجلس نواب الشعب بالجمهورية التونسية، عضو مؤسس وعامل في أغلب البرلمانات العربية والإقليمية والدولية.
وإنني أستغرب، كيف أننا لم نر أي استهجان، عندما تقدم فريق الشابة بشكوى بالاتحاد التونسي لكرة القدم للفيفا، أو شكوى الاتحاد العام التونسي للشغل الدولية، ضد الحكومة التونسية إبان أزمة وأحداث 27 كانون الثاني/ يناير 1978، في حين لا يحق لنا كنواب التقدم بشكوى للاتحاد البرلماني الدولي الذي تأسس قبل حوالي 140 سنة، وتونس عضو نشط فيه.
هل تتوقعون أن تتحرك المنظمات والبرلمانات التي تواصلت معها في بعض الملفات التي تخص، وعلى رأسها ملف نائب رئيس حركة النهضة نور الدين البحيري؟
الاتحاد البرلماني الدولي أقر في قرار من أعلى هيئة قيادية برلمانية في العالم، المجلس الحاكم، في 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2021 بمدريد الإسبانية، بأن قرارات السيد قيس سعيّد رئيس الجمهورية التونسية غير دستورية، وجدد اعترافه بشرعية البرلمان التونسي، كما أنه قبل شكاو 24 نائبا، شكلا ومضمونا.
كما أن الاتحاد الدولي يقوم بدور كبير في التعريف بالقضية التونسية والدفاع عن الديمقراطية في جميع أنحاء العالم، كما أنه على تواصل مع الحكومة التونسية.
من جهة أخرى، قبلت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، الشكوى التي تقدمت بها شخصيا بتاريخ 7 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، وبعد شكاوى عدة من السيدات والسادة النواب الأفاضل، مما جعل معالي الأمين العام للأمم المتحدة يعبر عن خشيته من تدهور حقوق الإنسان، وأمله الكبير في عودة الديمقراطية لتونس في أول تصريح من نوعه للأمين العام للأمم المتحدة الخاص بتونس في هذا المجال.
عن ملف النائب نور الدين البحيري أيضا، تقدمتم بعديد الشكاوى لدى المنظمات الحقوقية والبرلمانات من أجل تقديم آخر المستجدات حول وضعه، فكيف تفاعلوا مع المعطيات التي قمتم بتقديمها؟
الأستاذ نور الدين البحيري النائب في مجلس نواب الشعب بالجمهورية التونسية، يخوض منذ اختطافه بقوة يوم 31 كانون الأول/ ديسمبر 2021، وتعنيفه ثم إخفائه قسريا وبعدها اعتقاله تعسفيا دون دستور ولا قانون ولا تهمة قضائية، صراعا شديدا مع الظالمين.
وعرفت قضيته العادلة والإنسانية، نظرا لحالته الصحية الخطيرة وشديدة الحساسية، تضامنا كبيرا في الأوساط السياسية والحقوقية في تونس وخارجها، حيث تبنى الاتحاد البرلماني الدولي والمفوضة السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة قضيته، وكذلك "هيومن رايتش ووتش" ومنظمة "العفو الدولية" التي دعت الحكومة التونسية لإطلاق سراحه فورا مع السيد فتحي البلدي المحترم.
باعتبار أن نور الدين البحيري عضو مجلس نواب، لماذا لا توجد تحركات أخرى من بقية زملائه البرلمانيين في هذا الاتجاه؟
السيد راشد خريجي الغنوشي رئيس مجلس نواب الشعب وثلة من النواب المحامين نذكر منهم الأستاذ سمير ديلو، والأستاذة زينب براهمي، والأستاذة لطيفة حباشي، والأستاذ بشر الشابي يقومون بجهد قانوني وحقوقي كبير في الداخل والخارج للدفاع عنه ودعم عائلته والتعريف بقضيته المحقة.
كما أن البيان الختامي للاحتفال بالذكرى الثامنة لختم الدستور الذي انعقد يوم 27 كانون الثاني/ يناير 2022، تضمن دعوة لإطلاق سراح الأستاذ نور الدين البحيري فورا.
منذ أيام، عقد مجلس النواب أول جلسة منذ 25 تموز/ يوليو، لماذا انتظرتم كل هذا الوقت لعقد جلسة في وقت كان من الممكن فعل ذلك منذ الوهلة الأولى التي تلت إجراءات سعيّد؟ وهل ستكون هناك جلسات مماثلة مستقبلا؟
لم تكن جلسة عامة، بل احتفالا بالذكرى الثامنة لختم الدستور، وهي رسالة قوية لجميع التونسيين والعالم، مفادها بأن الدستور لم يأكله الحمار، بل "غص" به المنقلب، وأن تونس ومؤسساتها المنتخبة والدستورية لا تزال قائمة، وأن الإجراءات الاستثنائية إلى زوال.
بعض الأحزاب تشترط استقالة رئيس مجلس النواب راشد الغنوشي من منصبه من أجل الالتقاء مع النهضة ضد سعيّد، ما تعليقكم؟
إقالة السيد راشد خريجي الغنوشي رئيس مجلس نواب الشعب بالجمهورية التونسية، لها جسر دستوري وحيد، وهي آلية سحب الثقة عبر البرلمان. حاولت الأقلية المعارضة على مدار دورتين برلمانيتين القيام بذلك، لكنها فشلت فشلا ذريعا وغير مسبوق، فركب بعضها قطار الانقلاب والخروج عن المسار الدستوري، كانت خيبتها مضاعفة، لذا عليها الكثير من المراجعات وليس إعطاء الدروس للغنوشي، أو غيره.
بالحديث عن رئيس البرلمان، الغنوشي كان قد صرّح في وقت سابق أنه مستعد للتنازل عن رئاسة البرلمان لكن بعد عودة نشاط البرلمان، لماذا يتمسك بالرئاسة؟
السيد راشد خريجي الغنوشي رئيس مجلس نواب الشعب بالجمهورية التونسية، انتخب رئيسا للبرلمان للمدة النيابية الكاملة 2019- 2024، وإن شاء الله تعالى يعود مجلس نواب الشعب للعمل والعطاء في رحاب المجلس في أقرب الأوقات، أما مسألة الاستقالة، فهذا يعود له، وليس لأي إنسان آخر.
باعتبارك مساعد الغنوشي في البرلمان، كيف يجري التنسيق معه خلال هذه الفترة؟ هل يوجد تواصل دائم؟
كما أسلفت لكم، الأستاذ راشد خريجي الغنوشي رئيس مجلس نواب الشعب بالجمهورية التونسية، رجل مرن وكيس ولين والمجال للعمل مفتوح، لديه فقط مرجع هام جدا لا يحيد عنه، مخافة الله، ثم مصلحة تونس واحترام الشرعية والدستور والقانون والنظام الداخلي للمجلس.
هناك من يعتبر أن البرلمان وطريقة تسييره من الأسباب التي أدت إلى الأوضاع الحالية، ما تعليقكم على هذا الكلام؟
لكل إنسان الحق في تقييم عمل البرلمان خلال الفترة الماضية، ولكن الأستاذ راشد خريجي الغنوشي رئيس مجلس نواب الشعب، لا يزال يحظى بثقة أغلبية أعضاء المجلس. وإذا كان هنالك عريضة للسحب فليتقدم بها أصحابها الذين فشلوا في مرتين سابقا، ولن ينجحوا في الثالثة، حتما.
كيف تتقبلون أن بعض النواب رحبوا بقرار تجميد المؤسسة التي ينتمون لها ويدعون لحل البرلمان؟
كل شخص يدرك جيدا مصلحته، لكن إذا كان بعضهم لا يحبون هذه المؤسسة، فلماذا خانوا ثقة ناخبيهم قبل الانتخابات بدعوى التجميد أو الحل بطرق غير دستورية؟
رئيس مجلس القضاء بتونس لـ"عربي21": نتعرض لتشويه ممنهج
الشواشي لعربي21: هذه محطات "مواطنون ضد الانقلاب" بتونس
مخلوف يكشف في مقابلة مع "عربي21" تطورات الوضع بتونس