دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الحكومة
العراقية إلى اتخاذ جميع التدابير الممكنة لإنهاء التداعيات الخطيرة لظاهرة "
تشابه الأسماء"، والتي تسببت في السنوات الأخيرة باحتجاز أشخاص أبرياء وتقييد حريّتهم، ووصلت في بعض الحالات إلى إعدام أشخاص أبرياء لمجرد تشابه أسمائهم مع آخرين مشتبه بهم.
وقال المرصد الأورومتوسطي ومقرّه جنيف في بيان صحافي اليوم الإثنين، أرسل نسخة منه لـ
"عربي21": "إنّ ظاهرة تشابه الأسماء تتسبب بتقييد حرية وحركة آلاف العراقيين على نقاط التفتيش وفي المطارات ومراكز التوقيف نتيجة لتشابه أسمائهم مع أسماء مطلوبين على ذمة جرائم متعددة، إذ تقوم الجهات الأمنية في بعض الأحيان بالتعسف في احتجازهم، وتعذيبهم بما يُفضي إلى الوفاة".
ولفت المرصد الانتباه إلى أنّ ظاهرة "تشابه الأسماء" منتشرة منذ سنوات في مختلف المحافظات العراقية، ولكنّها تصاعدت على نحو لافت عقب انتهاء العمليات العسكرية ضد تنظيم "داعش"، إذ أصبح يعاني العراقيون منها بشكل أكبر نتيجة التشديدات الأمنية التي أعقبت العمليات العسكرية.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ ضحايا تشابه الأسماء في العراق يواجهون صنوفًا متعددة من
الانتهاكات، تشمل التوقيف والاحتجاز وخصوصًا على نقاط التفتيش، والاتهام بالانضمام لجماعات إرهابية، والتعرض لمضايقات في المنافذ الجوية والبرية من خلال التحقيق والاستجواب الذي يتخلله في بعض الأحيان عمليات تهديد وتعذيب جسدي ونفسي.
وذكر المرصد أنه لم يتسن لفريقه التأكد من عدد الأشخاص الموقوفين على خلفية "تشابه الأسماء"، غير أنّ مصادر محلية تقدر أعدادهم بعشرات الآلاف في مختلف المحافظات العراقية.
وقال الباحث القانوني في المرصد الأورومتوسطي عمر العجلوني: "إنّ استمرار هذه الظاهرة يعد مؤشرًا واضحًا على عدم اكتراث السلطات العراقية في العديد من الأحيان بأبسط
حقوق المواطنين، فمسألة تشابه الأسماء لا ينبغي أن تتسبب بهذا الكم من المآسي مع أن حلّها التقني بسيط وسهل خاصة في ظل تطور تقنيات التعرّف على الأشخاص".
وأضاف العجلوني: "إنّ السلطات العراقية توفّر مخصصات مالية كبيرة للمؤسسة العسكرية والأمنية، إذ خصصت في موازنة العام الماضي نحو 18.7 مليار دولار للمؤسسة العسكرية (تشمل وزارة الداخلية بجميع مؤسساتها الأمنية)، ما يعني أنّ المشكلة مرتبطة بأولويات صنّاع القرار أكثر من كونها مرتبطة بصعوبات مالية أو لوجستية".
وأكّد المرصد الأورومتوسطي أنّ استمرار مثل هذه الانتهاكات الخطيرة في ظل عدم وجود أي محاولات جادة لإنهائها -على الرغم من كونها لا تحتاج إلى جهود استثنائية- يدلل على تجاهل رسمي معيب للحقوق الأساسية للعراقيين، وفي مقدمتها الحق في الحياة، والحق في الحرية والسلامة الشخصية.
ودعا المرصد الأورومتوسطي السلطات العراقية إلى فتح تحقيق عاجل في ملف ضحايا "تشابه الأسماء"، وفقاً لأحكام الدستور العراقي والقوانين النافذة تمهيدًا لتحقيق المساءلة القضائية، ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم الناتجة عن هذه الظاهرة وتوفير سبل الإنصاف للضحايا.
وحث الأورومتوسطي السلطات العراقية على ضرورة تفعيل الطرق الحديثة في التعرف على المطلوبين والمشتبه بهم منعًا لحدوث أي لبس قد يضر بحقوق الأبرياء، والتأكد من تطبيق المعايير المحلية والدولية ذات العلاقة بظروف التفتيش والتوقيف والاحتجاز.
وتقول تقارير إعلامية إنه وعلى الرغم من إصدار السلطات العراقية تعليمات مشددة حول مشكلة تشابه الأسماء، فإن أفراد الأمن و"الحشد الشعبي" ما زالوا يعتمدون في عمليات الاعتقال على الإسم الثلاثي للعراقيين.
وتشير تقارير إلى وجود 60 ألف مطلوب للقضاء بتهم الإرهاب، بينهم العشرات من الطلقاء، الذين تبحث بغداد عنهم، من خلال نشر أسمائهم على حواجز التفتيش المنتشرة في العراق، والتي تجاوز عددها عتبة العشرة آلاف حاجز أخيراً، عدا عن تلك التابعة إلى مليشيات "الحشد الشعبي"، التي تبلغ نحو ألفي حاجز وتتميز بكون أغلبها متحركا وليس ثابتاً.
ولا تتوفر لدى القوات العراقية قاعدة بيانات كاملة عن المتورطين بجرائم إرهابية والقتال مع تنظيم "داعش" أو مساعدته، إذ بالعادة يكون أفضل ما لديها هو اسم المتهم واسم والده أو جده بلا تفاصيل أخرى.
وتحولت الظاهرة إلى كابوس حقيقي، فهناك من لا يزال معتقلاً بانتظار رد دائرة الجنسية للتأكد من حقيقة أنه ليس الإرهابي المقصود، وهو أمر قد يتطلب شهرا إلى إثنين بسبب الروتين، وهناك من تمكن من الخروج سريعاً بعد دفع رشاوى أو استخدام وساطات لمتنفذين.