رغم التحديات التي تواجهها دولة الاحتلال على الأصعدة السياسية والدبلوماسية في الخارج، لكن وزارة خارجيتها تواصل معاناتها من إشكاليات هيكلية وإدارية متفاقمة، ما دفع بعدد من الدبلوماسيين والسفراء للإعراب عن انتقادهم لأداء وزير الخارجية يائير لابيد، الذي لا يمنح الوزارة الوقت الكافي لحل مشاكلها.
وتعيش وزارة خارجية الاحتلال أزمة عميقة ومستمرة، بعد أن استلبها رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو، حين تسلم مهامها بجانب ترؤسه للحكومة، دون أن تتمكن من أداء مهمتها المركزية في التصدي لمشاكل الأمن القومي للاحتلال.
آرثر كول السفير والدبلوماسي السابق، ذكر في مقاله بموقع زمن إسرائيل، ترجمته "عربي21" أن "سياسة نتنياهو في وزارة الخارجية تسببت بخفض ميزانيتها بلا رحمة، وحرمانها من الصلاحيات، ودفع كبار مسؤوليها عن طاولة صنع القرار، مما أسفر عن إحباط عميق بين موظفيها، ورحيل عدد منهم، ولكن حتى الآن، لم ينجح وزيرا الخارجية اللاحقان له سواء غابي أشكنازي أو يائير لابيد في ترميم وضع الوزارة، رغم اتخاذهما عدة خطوات لإعادة تأهيلها، لكن الوضع ما زال غير مرضٍ".
وأضاف أن "الهالة التي تمتع بها موظفو وزارة الخارجية في الماضي، ليست كما كانت من قبل، رغم أن الدبلوماسية أداة حاسمة في سياسة إسرائيل الخارجية، وتؤثر على حياة كل إسرائيلي، ولعل الجهود المبذولة لمنع اندلاع صراع عسكري بين روسيا وأوكرانيا، وحل أزمة الطاقة في أوروبا، ومنع الأسلحة النووية من الوصول لإيران، ومكافحة الاحتباس الحراري، كلها أمثلة قليلة حديثة تسلط الضوء على مركزية الدبلوماسية اليوم، كما في الماضي، دون أن يقابلها في الوقت ذاته اهتمام إسرائيلي".
اقرأ أيضا: الغارديان: مخاوف إسرائيل من صورتها داخل أمريكا بدأت تتحقق
ويزداد القلق الإسرائيلي من الإهمال الحاصل لوزارة الخارجية بالتزامن مع توجه دولة الاحتلال لتعزيز مصالحها في المنطقة، خاصة مع التغييرات الاستراتيجية بعيدة المدى في الشرق الأوسط، لاسيما اتفاقيات التطبيع الإبراهيمية، مما يستدعي توسيع دائرتها، وتعزيز التعاون مع الدول المطبعة على جميع المستويات، فضلا عن التعامل مع الإدانات الدولية الصادرة ضد جيش الاحتلال، وآخرها تقرير منظمة العفو الدولية الذي يتهم الاحتلال بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وتطبيق نظام الفصل العنصري.
يستذكر الإسرائيليون كيف أن إنشاء دولتهم على أنقاض فلسطين المحتلة جاء بالأساس نتيجة عمل دبلوماسي مكثف استجلب اعترافا دوليا، الأمر الذي يجعل اليوم من عدم وجود وزارة خارجية ذات جودة عالية ومتطورة، ولها نفوذ سياسي، ينتقص من إحدى دعامات الأمن القومي لإسرائيل، مما يعني أن اتساع الفجوة بين التطلعات الإسرائيلية وتواضع أداء وزارة خارجيتها سوف ينعكس على تدهور سمعتها الدولية، وما لذلك من انعكاسات على أمنها القومي.
ولا تخفي المحافل الدبلوماسية الإسرائيلية إحباطها من الواقع القائم في الوزارة، ويتمثل بأن جاذبية العمل فيها تتراجع، حيث تركت سنوات من النزاعات العمالية، والصراعات حول الأجور، وشروط الخدمة، بصماتها السلبية على سمعتها بين قطاع الموظفين الحكوميين، حيث تدرك مجموعة المرشحين المحتملة للانضمام لوزارة الخارجية جيدا تآكل الأجور في السلك الدبلوماسي، وصعوبات نمط الحياة، التي غالبا ما تتكبد أسعارا باهظة.
خلافات إسرائيلية داخلية حول كيفية مواجهة حركة المقاطعة
"الليكود" يحبط قرارا بإبقاء نتنياهو رئيسا مؤقتا للحزب