كتاب عربي 21

أربكان وحزب الشعب الجمهوري

1300x600
أربك مشروع قانون الانتخابات الجديد المقدم إلى البرلمان التركي حسابات الأحزاب الصغيرة المتحالفة مع حزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد المعارضين. ومن المتوقع أن يمر المشروع في البرلمان هذا الأسبوع بفضل أصوات حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، ليُعمل به في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقرر إجراؤها في صيف العام القادم.

القانون الجديد يضع حزب السعادة برئاسة تمل كاراموللا أوغلو، وحزب الديمقراطية والتقدم برئاسة علي باباجان، وحزب المستقبل برئاسة أحمد داود أوغلو، والحزب الديمقراطي برئاسة غولتكين أويصال، أمام خيارين: إما أن تخوض الانتخابات البرلمانية بقوائمها الخاصة بها تحت مظلة تحالف الملة، أو إنها ستقدم مرشحيها ضمن قوائم حزب الشعب الجمهوري أو الحزب الجيد. وإن اختار أي واحد من تلك الأحزاب أن يخوض الانتخابات البرلمانية بقوائمه فلن يتمكن غالبا من الحصول على أي مقعد في البرلمان. وبالتالي، فإن كثيرا من المحللين يروْن أن رؤساء الأحزاب الأربعة وبعض قادتها سيترشحون ضمن قوائم حزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد كي يتمكنوا من دخول البرلمان.
القانون الجديد يضع حزب السعادة برئاسة تمل كاراموللا أوغلو، وحزب الديمقراطية والتقدم برئاسة علي باباجان، وحزب المستقبل برئاسة أحمد داود أوغلو، والحزب الديمقراطي برئاسة غولتكين أويصال، أمام خيارين: إما ستخوض الانتخابات البرلمانية بقوائمها الخاصة بها تحت مظلة تحالف الملة، وإما ستقدم مرشحيها ضمن قوائم حزب الشعب الجمهوري أو الحزب الجيد

تحالف الأحزاب الصغيرة مع حزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد وترشح قادتها ضمن قوائمهما الانتخابية؛ يعني أن تلك الأحزاب ستطلب من مؤيديها أن يصوتوا في الانتخابات لصالح حزب الشعب الجمهوري أو الحزب الجيد، وأنها بحاجة ماسة إلى إقناع الناخبين المتعاطفين معها بـ"جواز" التحالف مع كليتشدار أوغلو وآكشنير، والتصويت لصالح حزبيهما.

رئيس حزب السعادة، تمل كاراموللا أوغلو، قال قبل أيام في برنامج تلفزيوني، إن رئيس الوزراء التركي الأسبق ومؤسس حركة "مللي غوروش"، نجم الدين أربكان، كان سيتحالف مع حزب الشعب الجمهوري ويؤيده لو كان اليوم على قيد الحياة. وأثارت هذه التصريحات ضجة كبيرة، ودفعت محبي أربكان من مؤيدي حزب العدالة والتنمية إلى نشر مقاطع فيديو يعبر فيها الراحل عن رأيه في حزب الشعب الجمهوري.

أربكان في أحد تلك المقاطع يدعو الناخبين إلى عدم الانخداع بوعود حزب الشعب الجمهوري، وعدم "التعلق بذيله"، مضيفا أن تصويت المواطنين لصالح هذا الحزب سيكون بمثابة انتحارهم وسيؤدي بهم إلى الندم. وفي مقطع آخر، يتحدث عن رأي عموم الشعب التركي في حزب الشعب الجمهوري، وأنه لا يمكن أن يحصل على 25 في المائة من أصوات الناخبين، بسبب ما ارتكب في الماضي من أخطاء وجرائم. ويضيف أن رئيس حزب الشعب الجمهوري السابق، دنيز بايكال، اعترف بذلك، قائلا إن مهمته صعبة للغاية، لأن امرأة عجوز ذات 80 عاما في منطقة البحر الأسود سألت الشابة التي صبت لها الماء لتتوضأ "أي حزب تنتمي إليه؟"، ولما أخبرتها بأنها تنتمي إلى حزب الشعب الجمهوري، قالت: "إذن، لا بد أن أتوضأ من جديد"، في إشارة إلى اعتقادها بفساد وضوئها بسبب انتماء من صب لها الماء إلى ذاك الحزب.

قد يقول قائل إن أربكان شارك في حكومة ائتلافية مع حزب الشعب الجمهوري، على الرغم من رأيه السلبي فيه، إلا أن مشاركة أربكان في حكومة ائتلافية في النظام البرلماني تختلف تماما عن تحالف حزب السعادة مع حزب الشعب الجمهوري في النظام الرئاسي المعمول به حاليا في تركيا.
حقيقة يسعى حزب السعادة وحزب الشعب الجمهوري إلى إخفائها من خلال خطوات التقرب الصورية بين الحزبين، كتصريحات كاراموللا أوغلو، والكلمة التي ألقاها كليتشدار أوغلو في فعاليات ذكرى وفاة أربكان ليثني على الراحل. إلا أن مهمة قادة الحزبين ليست سهلة

الحزب المشارك في حكومة ائتلافية في النظام البرلماني، مهما كان صغيرا، يملك ورقة الانسحاب منها وإسقاط الحكومة. ولذلك، يمكن أن يفرض على الحكومة بعض آرائه أو يحول دون تطبيق سياسات يرفضها. وأما في تحالف حزب السعادة مع حزب الشعب الجمهوري فإن مرشح تحالف الملة لرئاسة الجمهورية هو الذي سيشكل الحكومة في حال فوزه في الانتخابات، كما أن حزب الشعب الجمهوري والحزب الجيد سيقودان الحكومة دون غيرهما. ولن يتمكن حزب السعادة أو أي من الأحزاب الصغيرة من فرض سياسة على الحكومة، حتى وإن كانت هناك تفاهمات بينها، لأن تلك التفاهمات ليست ملزمة قانونيا، ويمكن أن يتنصل حزب الشعب الجمهوري منها بسهولة. وبعبارة أخرى، فإن حزب السعادة سيقدّم دعما مجانيا لحزب الشعب الجمهوري.

حزب السعادة لن يتمكن -على سبيل المثال- من منع حزب الشعب الجمهوري من تحويل مسجد آيا صوفيا إلى متحف أو من إعادة تطبيق اتفاقية إسطنبول التي يرفضها رفضا قاطعا، إن فاز مرشح التحالف المعارض برئاسة الجمهورية، لأنه لن يملك أي ورقة يهدد بها بعد الانتخابات. هذه حقيقة يسعى حزب السعادة وحزب الشعب الجمهوري إلى إخفائها من خلال خطوات التقرب الصورية بين الحزبين، كتصريحات كاراموللا أوغلو، والكلمة التي ألقاها كليتشدار أوغلو في فعاليات ذكرى وفاة أربكان ليثني على الراحل. إلا أن مهمة قادة الحزبين ليست سهلة، لأن استطلاعات الرأي تشير إلى أن حوالي نصف مؤيدي حزب السعادة غير مقتنعين حتى الآن بضرورة التصويت لصالح حزب الشعب الجمهوري وجوازه.

twitter.com/ismail_yasa