باب العامود أو "باب دمشق" ويقال له أيضا "باب نابلس" من أهم وأجمل أبواب مدينة القدس المحتلة في فلسطين.
وهو الباب الأكثر فخامة بين أبواب القدس من ناحية الزخارف والارتفاع، وكان على مر العصور الممر الرئيسي لجميع القوافل التجارية والأفواج السياحية المتجهة إلى القدس.
ويكتسب الأهمية لكونه المدخل الرئيسي للـمسجد الأقصى وكنيسة القيامة وحائط البراق، ومنه إلى الأسواق التجارية الشهيرة في القدس، ويمكن عبره الوصول إلى الحي المسيحي والمسمى "حارة النصارى" من الجهة اليمنى و"الحي الإسلامي" إلى اليسار والأمام. ومن بين الأسواق يعتبر سوق "باب خان الزيت" الشارع الرئيسي الذي يقطع البلدة القديمة، ومن وسطها تقريبا من الشمال ويتجه نحو الجنوب.
يقع باب العامود في الجهة الشمالية من السور المحيط بالبلدة القديمة في القدس، عند بداية انحدار الوادي الذي يقطع البلدة القديمة من الشمال إلى الجنوب، والذي يعرف حاليا عند أهل القدس باسم "طريق الواد".
مشهد لباب العمود يعود إلى عام 1900 تقريبا
وسمي باب العامود، نسبة إلى عمود من الرخام الأسود ارتفاعه 14 مترا، وضع في الساحة الداخلية للباب في الفترة الرومانية والبيزنطية، ويظهر العامود في خريطة الفسيفساء التي عثر عليها في الكنيسة البيزنطية في مادبا بالأردن، عن طريق هذا العمود كان يتم قياس بعد المسافات عن القدس، بواسطة حجارة ميل التي وضعت على طول الطرق وقد بقي هذا العامود حتى الفتح الإسلامي.
ويطلق على باب العمود باللغة الإنجليزية اسم "باب دمشق" لأن القوافل كانت تخرج منه متجهة إلى دمشق، وباللغة العبرية "باب نابلس" كونه على الطريق المؤدية إلى نابلس.
ومن المعروف أن مدينة القدس بنيت حوالي 4000 قبل الميلاد بواسطة اليبوسيين وهم فرع من القبائل الكنعانية العربية، وأطلقوا عليها اسم يبوس.
وهدمت المدينة في العهد الروماني عام 70 ميلادية في حروب لإخماد ثورات داخلية، وأعاد بناءها الإمبراطور هادريان، وبنى ثلاث بوابات متجاورة أوسطها كان نواة لباب العامود الحالي.
وعثر على باب العامود القديم هذا في حفريات عامي 1936 و1966، وموقعه تحت الباب الحالي ولكنه أصغر بكثير من باب العمود الحالي العثماني وأقل فخامة.
وتعرض هذا الباب للتدمير الكامل أثناء الحروب، وأعيد بناؤه بأمر من سليمان القانوني سلطان الخلافة العثمانية، وتم الانتهاء من بنائه عام 1538.
وقد أوكلت مهمة عمادة محلة باب العامود إلى عائلة الهدمي التي شغلت هذا النصب من عام 1890 وحتى أواخر القرن العشرين.
وفي العهد العثماني فتحت ستة أبواب في سور القدس، سميت الأبواب غالبا بأسماء المدن أو الجهات التي تطل عليها، ومنها باب العامود وباب النبي داود وباب الرحمة.
وعانى باب العامود من اعتداءات الاحتلال الإسرائيلي الذي استهدف إجراء تغييرات ديمغرافية تعسفية بالمنطقة، حيث بدأت مع اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000 محاولات تقليص عدد المارة من باب العامود لتصل ذروتها مع انطلاق الهبة الشعبية مطلع تشرين الأول/ أكتوبر عام 2015 حيث بدأ باب العامود ومحيطه يتحولان إلى منطقة عسكرية تدريجيا.
قوات الاحتلال تقمع الفلسطينيين في باب العامود
أصبح باب العامود رمزا للسياسات الإسرائيلية التعسفية والانتقامية بالمدينة، بدءا من القمع والاغتيال، مرورا بمحاولات الأسرلة، والتضييق على ساكنيه.
وتمنع شرطة الاحتلال المقدسيين بشكل عام والشبان بشكل خاص من الجلوس على مدرجاته، ومعاقبة من يفعل ذلك بالضرب بالهراوات والأسلحة أو الاعتقال في محاولة للتقليل من أهميته وتفريغ البلدة القديمة.
وخلال العامين الماضيين بات الفلسطينيون يطلقون على ساحة باب العمود لقب "ساحة الشهداء" نظرا إلى ارتقاء العديد من الشهداء في المنطقة برصاص شرطة الاحتلال بحجة تنفيذ أو محاولة تنفيذ عمليات طعن.
وتشير تقديرات فلسطينية إلى أن أكثر من 20 فلسطينيا استشهدوا برصاص الشرطة الإسرائيلية في ساحة باب العمود خلال العامين الماضيين.
ويرى الفلسطينيون أن الاحتلال الإسرائيلي يهدف من وراء إجراءاته في باب العامود إلى السيطرة الكاملة على البلدة القديمة باعتباره المدخل الأساسي للبلدة. وخفض عدد المارين عبر الباب إلى البلدة القديمة إلى الأماكن الدينية الإسلامية والمسيحية والمحال التجارية والسكان، وبالتالي محاولة للضغط بالإمكانات كلها من أجل تفريغ البلدة القديمة من سكانها الأصليين لمصلحة المستوطنين الإسرائيليين الذي يسعون للاستيلاء على مزيد من المنازل العربية في البلدة، وتحديدا طريق الواد.
وفي شهر رمضان تتسلط أنظار الفلسطينيين على ساحة باب العامود بمدينة القدس المحتلة بشكل خاص بفعل ما تشهده من انتهاكات إسرائيلية.
ومنذ بداية رمضان وحتى اليوم، تشهد هذه المنطقة، مواجهات واعتداءات مستمرة من قبل الشرطة الإسرائيلية التي اعتقلت عشرات الفلسطينيين من محيطه.
وفي شهر رمضان عام 2021، شهدت القدس اعتداءات متصاعدة من جانب الشرطة الإسرائيلية والمستوطنين، تركزت بمحيط المسجد الأقصى وباب العامود وحي "الشيخ جراح" وسط المدينة، وأصيب خلالها مئات الفلسطينيين وجرى اعتقال العشرات.
وتطورت تلك الاعتداءات إلى مواجهة عسكرية بين الجيش الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة استمرت 21 يوما في أيار/ مايو عام 2021، أسفرت عن استشهاد وجرح مئات الفلسطينيين، فيما ردت الفصائل بإطلاق آلاف الصواريخ باتجاه المدن الفلسطينية المحتلة.
ساحة باب العامود كما بدت عام 1965
المراجع
ـ باب العامود.. أحد أبواب القدس 13، الجزيرة نت، 21/8/2017.
ـ باب العامود: أجمل أبواب القدس و موقع للمقاومة ومساعي لتهويده، موقع إذاعة "حسنى" الأردن، 24/4/2021.
ـ باب العامود.. معلم مقدسي يتحول لساحة صراع فلسطيني-إسرائيلي، صحيفة الغد الأردنية، 11/4/2022.
ـ عبد الرؤوف أرناؤوط، وكالة أنباء لأناضول، باب العامود... "وسط البلد" وقلب القدس العربية، 23/4/2021.
حائط البراق.. وقف إسلامي خالص يتحدى سيطرة المتباكين
المسرح.. أحد دعائم الهوية الفلسطينية
قلقيلية.. مدينة محاصرة بالكامل بالجدار العنصري