رغم
تقديرات الاستخبارات الأمريكية باستبعاد نشوب صراع نووي بين روسيا والغرب، إلا أن
الباحث مالكولم تشالمرز يرى أن الأمور قد تنزلق إلى نقطة حاسمة يمكن أن تؤدي إلى
ذلك.
تشالمرز
أشار في تحليل له في صحيفة " فاينانشال تايمز" إلى أن شبه جزيرة القرم
يمكن أن تشكل النقطة الحاسمة في ما أطلق عليها "لعبة الدجاجة النووية".
ويشير
مصطلح "لعبة الدجاجة النووية" أو ما يعرف أيضا بـ"سياسة حافة الهاوية"
إلى تصعيد بين القوتين العظميين في العالم إلى ما قبل اندلاع حرب نووية شاملة، ثم التوصل
إلى تهدئة تحفظ ماء وجه الطرفين.
وكان الكرملين قد
تحدث بوضوح أنه لن يستخدم الخيار النووي إلا إذا تعرضت الدولة الروسية لتهديد
وجودي.
ومن
هنا فإن تشالمرز يرى أن ما يمكن اعتباره تهديدا وجوديا للدولة الروسية هو أحد احتمالين،
أولهما هو القتال المباشر بين القوات المسلحة الروسية ونظيرتها الأمريكية، حيث إنه
بمجرد أن يندلع الصراع العسكري المباشر سيكون من الصعب تجنب التصعيد.
مشيرا
إلى أن ذلك لم يحدث طيلة العقود السبعة الماضية، بسبب ضبط النفس المتبادل من الجانبين
على الرغم من حدوث تدخلات عسكرية دعم فيها كل طرف خصم الطرف الآخر بأسلحة على نطاق
واسع، بداية من الحرب الكورية وحتى الحرب الدائرة حاليا في أوكرانيا.
أما
الاحتمال الثاني لاندلاع صراع نووي هو التقدم العسكري الأوكراني في ساحة المعركة بما
يهدد الأراضي الروسية، حيث "تجلب الهجمات المضادة الأوكرانية الناجحة فرصًا جديدة
لشن هجمات محدودة عبر الحدود".
وأضاف:
"إذا كان هناك خطر تصعيد، فمن المرجح أن يأتي في الأراضي التي خسرتها أوكرانيا
في عام 2014، والتي تلتزم كييف الآن بتحريرها. من المهم هنا التمييز بشكل واضح بين
دونباس وشبه جزيرة القرم"، يقول تشالمرز.
"في
دونباس، اعترفت موسكو، حتى شباط/ فبراير، بالجمهوريتين الانفصاليتين على أنهما ينتميان
اسميًا إلى أوكرانيا. القرم في وضع مختلف. حتى انتقالها إلى جمهورية أوكرانيا الاشتراكية
السوفيتية في عام 1954، كانت جزءًا من الإمبراطورية الروسية لما يقرب من قرنين من الزمان".
"باعتبارها
موطن أسطول بوتين في البحر الأسود، فإن احتمال خسارة شبه الجزيرة في المعركة سوف يُنظر
إليه على أنه تحدٍ أساسي لوحدة أراضي روسيا".
ومع
ذلك، في حالة عدم وجود وقف لإطلاق النار، ستكون القوات الأوكرانية حريصة على منع شبه
جزيرة القرم من أن تصبح ملاذًا، يمكن للكرملين من خلاله إعادة إمداد قواته في بقية
أوكرانيا.
"تفتح
إمدادات أنظمة الأسلحة بعيدة المدى من الدول الغربية إمكانيات استهداف جديدة (من جانب
الجيش الأوكراني). قد يكون جسر كيرتش جائزة مغرية، مثلها مثل القاعدة البحرية الروسية
في سيفاستوبول".
"إذا
تم اعتبار الهجمات على هذه الأهداف بمثابة مقدمة لغزو شامل لشبه جزيرة القرم، فقد يزيد
ذلك من خطر التصعيد النووي. هذا هو أحد أكثر السيناريوهات إثارة للقلق".
ورأى
الكاتب أنه في حال حدوث هذا السيناريو سيتعين على روسيا أن توضح أن غزو القرم يشكل
خطا أحمر.
"في
مواجهة خسارة شبه جزيرة القرم، قد يعتبر بوتين هذه مقامرة جديرة بالاهتمام، معتقدًا
أن أوكرانيا (بتشجيع من الغرب) سوف تبدأ (بالهجوم) أولاً. ستكون هذه لحظة محفوفة بالمخاطر".
ويتوقع
تشالمرز أن يؤدي ذلك إلى تهديد بوتين، بشكل جدي وعلى خلاف التهديدات السابقة، باستخدام
الأسلحة النووية.
ويقول:
"ستسهل الأزمة النووية على القادة تقديم تنازلات صعبة. شريطة انتهاء الحرب ورفع
الحصار عن البحر الأسود، قد تترك أوكرانيا شبه جزيرة القرم للروس في الوقت الحالي".
"في
غضون ذلك، يمكن لبوتين أن يخفف من الإذلال الناجم عن غزو فاشل من خلال القول إن ترسانة
روسيا الاستراتيجية نجحت في ردع الناتو. قد يكون هذا كافياً لكلا الجانبين لتجنب أسوأ
النتائج على الإطلاق".
واختتم:
"وبقيامهم بذلك، فإنهم سيعززون الاستنتاج، الذي أكدته جميع الدول الخمس الحائزة
للأسلحة النووية المعترف بها في بيان مشترك في شباط/ فبراير، بأن (الحرب النووية
لا يمكن الانتصار فيها أبدًا ويجب عدم خوضها أبدًا)".
"NI": ما مستقبل السفن الحربية بعد غرق الطراد الروسي؟
العالم سيواجه تداعيات هائلة إذا لم تنته الحرب في أوكرانيا؟
WP: في دونباس تملك روسيا كل جوانب القوة إلا جانبا واحدا