تعرض رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون لضغوط جديدة لدفعه للاستقالة، مع نشر التقرير النهائي لتحقيق رسمي بشأن حفلاته خلال فترة الإغلاق في فترة كورونا في العامين الماضيين، لكن جونسون ما يزال يرفض هذه الضغوط رغم تأكيده أنه يتحمل المسؤولية كاملة.
وكشف استطلاع حديث أن غالبية البريطانيين يرغبون في استقالة جونسون، مع تزايد الضغوط عليه بسبب فضيحة "بارتي غيت".
وبحسب الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة "يوجوف"، فإن ٥٩ في المائة من البريطانيين يرون أن على جونسون الاستقالة، مقابل ٣٠ في المائة قالوا إن عليه البقاء، في حين قال ١١ في المائة إنهم لا يعرفون.
وبين مؤيدي حزب العمال، قال ٨٨ في المائة إن على جونسون الاستقالة، مقابل ٢٧ في المائة من حزب المحافظين.
وجاءت نتائج هذا الاستطلاع الذي أجري عشية نشر التقرير النهائي لكبيرة موظفي الحكومة سو جراي؛ حول فضيحة الحفلات في مقر رئاسة الوزراء ومقرات حكومية أخرى خلال فترات الإغلاق بسبب كورونا عامي ٢٠٢٠ و٢٠٢١، أقل بقليل من تلك التي أظهرها استطلاع آخر نشر بالتزامن مع التقرير الأولي لتحقيق جراي في كانون الثاني/ يناير الماضي، حيث قال حينها ٦٣ في المائة إن على جونسون الاستقالة.
اقرأ أيضا: صور تفضح جونسون.. اتُهم بالكذب على البرلمان
والأربعاء، رفض جونسون الدعوات للاستقالة، بعدما خلص تحقيق جراي الذي نشرت نتائجه اليوم؛ إلى انتشار ثقافة بين موظفي رئاسة الوزراء أتاحت إقامة حفلات تخللها تناول كثيف للكحول خلال فترات الإغلاق لمكافحة كورونا. وقال جونسون إنه شعر بالصدمة بسبب ما تخلل بعض هذه الحفلات.
وكان جونسون من بين عشرات الأشخاص في داونينغ ستريت الذين فرضت الشرطة غرامات عليهم لخرقهم قواعد مكافحة كورونا، ليصبح مقر رئيس الحكومة البريطانية العنوان الأكثر عرضة لهذا النوع من العقوبات على مستوى البلاد.
وقال جونسون أمام البرلمان، في ردّه على تقرير جراي: "أتحمّل المسؤولية كاملة عن كل ما حصل تحت أنظاري"، مضيفا: "أشعر بالخجل وقد تعلّمت".
لكنه شدد على أنه كان غائبا عن معظم هذه الحفلات، ونفى بأن يكون كذب على البرلمان أو حض جراي سرا على عدم نشر تقريرها الواقع في 37 صفحة.
ولاحقا، وحول سؤال جونسون خلال مؤتمر صحفي عما إذا كان فعلا قد حاول عرقلة نشر تقرير جراي التي التقى بها هذا الأسبوع، قال جونسون إنه تلقى التقرير صباح الأربعاء فقط. وتجنب جونسون الإجابة عن سؤال عما إذا كان فريقه قد طلب حذف بعض الأجزاء من التقرير قبل نشره، لكنه لم ينف صحة تقارير قالت إنه أثار مع جراي مسألة وضع التقرير على الرف.
وكانت صور مسربة نشرت هذا الأسبوع قد كشفت أن جونسون كان حاضرا في حفلة لوداع مدير الاتصال في رئاسة الوزراء، لي كين، في تشرين الثاني/ نوفمبر ٢٠٢٠، وظهر وهو يرفع كأسا مملوءا بالكحول، رغم نفيه سابقا علمه بهذه الحفلة. ولم يتم تغريم جونسون بسبب هذه الحفلة، في حين تم تغريم آخرين حضروها.
كما نشرت جراي صورا أخرى لجونسون وهو يتناول الكحول مع الموظفين، وتحدّثت عن حفلات كانت تستمر أحيانا حتى ساعات الصباح الأولى علا خلالها صوت الموسيقى من جهاز كاريوكي.
وكتبت جراي: "ما كان ينبغي السماح بإقامة العديد من تلك الفعاليات"، فيما كشفت أن بعض موظفي الأمن وعمال النظافة في داونينغ ستريت كانوا محط سخرية لدى محاولتهم الاحتجاج على سلوك الموظفين.
وبعد حفلة وداع لمدير الاتصالات الأسبق جيمس سلاك، في نيسان/ أبريل ٢٠٢١ لاحظ عمال التنظيف الكحول وقد سكبت على الجدران، كما ترك الموظفون المحتفلون خلفهم ملاحظات مكتوبة تذكرهم بضرورة الخروج من الباب الخلفي لمقر الحكومة.
وكانت هذه الحفلة الأكثر إثارة، حيث أنها جاءت عشية تشييع جثمان الأمير فيليب، زوج الملكة إليزابيث الثانية. وقد أقيمت الجنازة في ١٨ نيسان/ أبريل ٢٠٢١ بحضور الملكة بمفردها بسبب إجراءات الإغلاق، في مشهد وثقته الصور.
ورغم هذا الكشف، إلا أن جونسون لا يخطط للاعتذار من الملكة، بحسب مصادر في حزب المحافظين. ونقلت وكالة برس أسوسييشن عن مصدر في الحزب قوله: "ما الذي على جونسون الاعتذار عنه للملكة؟".
وكان سلاك قد اعتذر عن هذه الحفلة سابقا. وقال في بيان في كانون الثاني/ يناير الماضي: "أود الاعتذار بدون تحفظ عن الغضب والأذى اللذين تسببت بهما" الحفلة.
ولفتت جراي في تقريرها إلى أن المكتب الإعلامي التابع لداونينغ ستريت نظّم تجمّعات لتناول المشروبات بشكل دوري اعتبارا من الساعة 16,00 كل يوم جمعة.
وأظهرت صورا لكبار المسؤولين وهم يناقشون كيفية التعامل مع مختلف الدعوات. وفي إحدى المحادثات على "واتساب"، أشار مدير الاتصالات السابق لي كين إلى "المخاطر الصحية الكبيرة" لتنظيم حفل وداع لمسؤول في حزيران/ يونيو 2020. وذكرت جراي أن الحفل أقيم واستمر لساعات.
وكتبت: "كان هناك استهلاك مفرط للكحول من قبل بعض الأفراد. شعر أحد الأفراد بالغثيان.. وقعت مشاجرة صغيرة بين شخصين آخرين".
وفي حديث آخر بعد حفل أقيم في حديقة في أيار/ مايو 2020، قال مسؤول رفيع يدعى مارتن رينولدز للموظفين: "اجلبوا معكم مشروباتكم الكحولية". وقال لزميل لم يتم الكشف عن هويته إن الإعلام يركّز على "خبر ليس بخبر" دون أن يحدده. وأفاد حينها أن ذلك "أفضل من أن يركزوا على مشروباتنا التي يبدو أننا أفلتنا بجلدنا منها".
وخلص التقرير إلى أن الموظفين الأقل درجة الذين غرّمتهم شرطة مدينة لندن (ومعظمهم من النساء) حضروا هذه المناسبات بأوامر من المسؤولين عنهم. وفي المجمل فرضت الشرطة ١٢٦ غرامة.
وقالت جراي: "ينبغي أن يتحمل القادة سواء كانوا سياسيين أو رسميين، مسؤولية هذه الثقافة"، مشيرة إلى التضحيات الصعبة التي قدمها سكان المملكة المتحدة من أجل احترام قواعد الإغلاق التي فرضتها حكومة جونسون.
وجاء التقرير بينما أظهرت صورة أخرى نشرتها صحيفة "ديلي ميرور" طاولة في مقر رئيس الحكومة البريطانية مليئة بالنبيذ والكعك. وقالت إن ذلك ترافق مع رسالة عبر "واتساب" موجّهة للموظفين جاء فيها: "حان وقت رفع حاجز أمان كوفيد".
وتحدّى رئيس الوزراء الدعوات المطالبة باستقالته بعدما غرّمته الشرطة في نيسان/ أبريل. لكن تساؤلات أثيرت حول الأساس الذي استندت إليه الشرطة في تغريمه عن حفلة واحدة فقط، رغم وجود دلائل على أنه شارك في حفلات عدة.
وأشار حزب العمال المعارض إلى أن "قائمة الجرائم" التي كشف عنها التقرير تبرر دعواته لاستقالة جونسون.
وقال زعيم الحزب كير ستارمر: "لا يمكنك أن تكون مشرّعا وأن تخرق القانون. حان الوقت ليحزم أمتعته"، علما أن ستارمر نفسه تعهّد بأن يستقيل لو أن الشرطة غرّمته بعد مزاعم عن خرقه قواعد كورونا خلال تجمّع انتخابي في شمال شرق إنكلترا، في نيسان/ أبريل ٢٠٢١.
وفي وقت تظهر نتائج الاستطلاعات رفضا عميقا من البريطانيين لما يسمى "بارتي غيت"، سيتعيّن على النواب المحافظين دراسة إن كان ما زال لجونسون ثقله في الانتخابات أم أنه بات عبئا، وذلك قبيل انتخابات تكميلية مهمة الشهر المقبل.
وخسر المحافظون الشهر الماضي المئات من مقاعد المجالس المحلية، رغم أن السبب الأساسي بالنسبة للمراقبين كان الغضب حيال الارتفاع الكبير في تكاليف المعيشة.
وينتظر أن يلتقي جونسون نوابا متمردين في حزبه اليوم. وكان العديد من هؤلاء النواب قد أرجأوا النظر في طرح تصويت على الثقة بجونسون ضمن اللجنة الحزبية المعروفة باسم ١٩٢٢، حتى الانتهاء من تحقيق جراي.
وشدد توبياس إلوود، الذي يعد شخصية محافظة بارزة، على مطلبه باستقالة جونسون، محذرا من أن الحزب قد يخسر الانتخابات العامة المقبلة المقررة بحلول 2024.
وقال في البرلمان: "هل ما زال بإمكاننا الحكم من دون تشتيت رغم تراجع ثقة الشعب البريطاني (فينا)؟".
لكن جونسون رد بالقول: "نعم قطعا، سنمضي قدما وسنفوز في الانتخابات العامة المقبلة لأننا سنؤدي مهمتنا".
اقرأ أيضا: أوبزيرفر: حزب المحافظين تكبد خسائر فادحة بالانتخابات المحلية
وكرر جونسون اعتذاره وقال إنه يتحمل المسؤولية كاملة عن حفلة عيد الميلاد التي حضرها وتم تغريمه من قبل الشرطة بسببها، لكنه عبر عن أمله في أن يتم تجاوز القضية بعد نشر تقرير جراي، للتفرغ لقضايا مثل تبعات الحرب في أوكرانيا، وأزمة غلاء المعيشة.
وقد رد عليه أعضاء في حزبه بأن عليه الاستقالة فور الانتهاء من حرب أوكرانيا.
ودافع جونسون عن حضوره بعض هذه الحفلات قائلا إن "واحدة من أهم مسؤوليات القيادة" كانت الحضور "القصير في حفلات وداعية لتقديم الشكر للموظفين المغادرين على ما قاموا به".
وفي موقف طريف خلال اعتذاره عن هذه الحفلات، قال جونسون "نحن متواضعون"، ووسط صيحات استهجان في البرلمان، عاد ليقول: "أنا متواضع".
وتضمن تقرير جراي تسع صور لمناسبات حضرها جونسون، وهي لحفلة وداع كين، وحفلة عيد ميلاد في مقر مجلس الوزراء حضرها وزير المالية ريتشي سوناك ومسؤولون آخرون.
وقد غرمت الشرطة جونسون وسوناك بسبب هذه الحفلة فقط، لكنها تجاهلت مطالب بالتحقيق في حفلة أخرى يُزعم أنها أقيمت في شقة جونسون لاحقا. كما امتنعت جراي عن التحقيق في هذه الحفلة أيضا.
ويصر جونسون على أنه كان يحضر اجتماعات عمل، باستثناء حفلة عيد ميلاده في مقر الحكومة.
وأعلنت شرطة لندن الأسبوع الماضي انتهاء تحقيقاتها في قضية الحفلات، وأصدرت الشرطة ١٢٦ غرامة لموظفين ومسؤولين حكوميين، بينها واحدة لجونسون، في حين تلقى عدد من الموظفين غرامات متعددة بسبب حفلات عدة حضروها.
اقرأ أيضا: الغارديان: جونسون ووزير خزانته خرقا القانون والغرامة ليست كافية
صور تفضح جونسون.. اتُهم بالكذب على البرلمان
وزير بريطاني: جونسون لم يتدخل في تحقيق حفلات الإغلاق
نشطاء يهاجمون وزيرة داخلية بريطانيا بسبب اللاجئين (فيديو)