سلطت صحيفة عبرية الضوء على سلسلة الاغتيالات المنسوبة لـ"إسرائيل" والتي استهدفت شخصيات إيرانية، مؤكدة أن "إسرائيل" باتت تخوض "حربا علنية وقائية" ضد إيران.
وقالت "يديعوت أحرنوت" في مقال للخبير العسكري والأمني رونين بيرغمان: "ضابطان كبيران صديقان في الوحدة السرية للغاية في الحرس الثوري، مهندسان جويان للطائرات والصواريخ يعملان في مكانين مختلفين وعالم، كلهم توفوا بشكل غامض في غضون أسبوع ونصف، إضافة إلى هجمات سايبر حادة على بنى تحتية هامة في الدولة، وهجمة حوامات على منشأة عسكرية سرية".
وبالتوازي، نشرت في وسائل الإعلام الدولية وثائق سرية من الأرشيف النووي الايراني والتي كانت تعد سرية للغاية، ورئيس وزراء الاحتلال نفتالي بينيت، فتح ملفا في "غوغل درايف" بعد يومين من ذلك وأودع فيه وثائق ودعا العالم إلى الاطلاع عليها.
ورأت أن كل ما ذكر سابقا يتعلق "بقلب حرب الظلال التي تجري بين طهران وتل أبيب، والتي تستهدف المشروع النووي، إنتاج وإطلاق الحوامات، تطوير الصواريخ المتطورة والشبكات العملياتية في العالم"، منوهة إلى أن الاستخبارات الإسرائيلية تعمل ضمن مفهومين هما؛ "بدهاء نصنع لك حربا" و "درع لا يرى"؛ لكن أحدا ما قرر تبني الأول بشكل أكبر والثاني بأقل.
وفي الأسابيع الأخيرة، "ظهرت منشورات في أرجاء العالم، تعظم ما يوصف كأحداث سرية في إيران، تحرج النظام وتخدم اسرائيل وكفيلة بأن تؤثر دوليا" بحسب الصحيفة التي نوهت إلى أن "قرار تغيير اتجاه الحرب، نبع من أن العالم في القرن الـ21؛ علني ومكشوف".
وزعمت أن "النظام الإيراني يتعرض لضربات حادة للغاية، تعرضه داخليا بأنه عديم الوسيلة، وهو يحاول القتال ضد ذلك، لكنه يقوم بذلك في الغالب بشكل فج".
قناة "إيران الدولية" التي تعمل بتمويل سعودي، "نشرت فيديو يوثق تحقيقا أجراه عناصر "الموساد" داخل ايران، مع شخص يدعى "رسولي"؛ اعترف بأنه جند للقيام باغتيال إسرائيليين، ولكن بعد وقت قصير وبضغط من السلطات الإيرانية، حرر الرجل شريطا يؤكد أن الاعتراف نزع منه بالقوة".
وقالت "يديعوت": "ما كان للحرس الثوري ألا ينشر أمر وفاة الرجل الذي تثق إسرائيل بأنه جند "رسولي" لتنفيذ عمليات ضد إسرائيل، لكنهم حاكوا له سيرة ذاتية مختلفة، فهو ليس نائب قائد وحدة "840" المرتبطة بمخططات قتل الإسرائيليين في تركيا، بل رجل نقليات في سوريا".
وأشارت إلى أن طهران زعمت أن ما جرى في منشأة "برتشين" هي "حادثة عمل"، لكن إطلاق لقب "شهيد" على المهند القتيل "ألمح بأن الحديث يدور عن شيء آخر، منوهة إلى حادثة "موت العقيد إسماعيل زاده، الذي دفن بسرية في جنازة يستحقها الخونة فقط"، وفق وصفها.
واعتبرت "يديعوت" أنه "في حال كان زاده بالفعل جاسوسا لإسرائيل، فالأمر محجر جدا للحرس الثوري، ومن جهة أخرى، هذه ضربة قاسية لجهاز "الموساد"، لأن ضخ المعلومات سيتوقف، وهذا سيمس بقدرة "الموساد" على إحباط العملية التالية للوحدة".
وأشارت إلى ما جري الحديث عنه حول "الموت الغامض لعالمين إيرانيين؛ أحدهما على الأقل سمم من قبل شخص نجح في الفرار من إيران"، موضحا أن "جملة هذه الأحداث، والتصريحات القاطعة من جهة رئيس الحكومة بينيت ووزير خارجيته لابيد، تظهر أن الأمر الذي حذر منه قادة الاستخبارات في الماضي، وبسببه تستخدم الرقابة العسكرية صلاحياتها منذ سنوات طويلة "بأننا لن نزق لهم أصبعا في العين" تحول من الأمر الذي يخاف منه الجميع إلى موضوع مرغوب فيه ومتصدر في المواجهة".
وأكدت الصحيفة، أن "سلسلة العمليات، تثبت أن "الموساد" في عهد دافيد برنياع يواصل فكر مئير داغان ويوسي كوهين، فالحديث يدور ليس فقط عن جهاز استخبارات بل عن استخبارات وقائية؛ دوره ليس فقط جمع المعلومات بل القيام بأعمال تكبح مخططات الخصم، وما كان يمكن لحملة كهذه أن تخرج لحيز التنفيذ دون مصادقة من بينيت ولابيد".
وأفادت بأن حملة الاغتيالات تطرح العديد من التساؤلات والملاحظات منها؛ "هل تمتلك إسرائيل القدرة على منع عمليات الثأر الإيرانية؟ وهل أخذنا الرد الإيراني في الحسبان؟ وما هدف تلك الحملة؟ وهل ضرب عناصر إيرانية معينة يعطل البرنامج النووي وتطوير الصواريخ والحوامات، علما بأن محاولات سابقة فشلت في ذلك؟".
وبعد وفاة اثنين من كبار ضباط الحرس الثوري الإيراني، ومهندسي طيران وصواريخ، وعالم نووي، بشكل غامض في غضون أسبوع ونصف في إيران، لا أحد يعرف ما إذا كانت دولة الاحتلال قد غيرت مسار عملها ضد طهران، لكن الاعتقاد السائد فيها أنه في حال أعلنت المسؤولية عن تنفيذها، فإن دوافع الإيرانيين للانتقام ستزداد، لاسيما أنهم خلال أيام قليلة تعرضوا لضربة تلو ضربة من عمليات الموساد على أراضيهم.
ومن حيث المبدأ، ربما لا يوجد تغيير جوهري في السياسة الإسرائيلية ضد إيران، رغم أنها لم تعلن مسؤوليتها عن أي من الوفيات الخمس التي تراكمت في الجدول الزمني القصير، ولذلك فهي تحتفظ بالغموض، باعتباره مهماً للغاية، لأن ما قد يحدث إذا تحملت المسؤولية أن دافع الإيرانيين للانتقام سيزداد، وسيحاولون ردع إسرائيل عن المزيد من الإجراءات، ما قد يؤدي أيضًا إلى استهدافات ضد الإسرائيليين حول العالم.
الجنرال عاموس يادلين الرئيس الأسبق لجهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، أكد في حوار مع صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ترجمته "عربي21" أن "إيران قد تتحرك ضد إسرائيل، حتى لو لم تتحمل مسؤولية الاغتيالات التي استهدفت الكثير من علمائها النوويين، وفي هذه الحالة قد تستهدف المجموعات الإيرانية الدبلوماسيين الإسرائيليين حول العالم، وهم هدف سهل نسبيًا لأنهم في نفس المكان طوال الوقت، وعلينا أن نتذكر ما الذي قاموا به في بلغاريا والأرجنتين، رغم أن الإجراءات الأمنية بعد أحداث 2001 لم تعد بسيطة، كما كانت في التسعينيات".
اقرأ أيضا: هآرتس: الاغتيالات الإسرائيلية فشلت في وقف نووي إيران
وأضاف أن "المناطق المرشحة لتنفيذ عمليات انتقام إيرانية فيها من الإسرائيليين تتركز في تركيا والهند، رغم أن الإيرانيين لا يريدون أن يدفعوا الثمن الدبلوماسي للعمل في دولة أخرى، ولو تم ذلك من خلال مبعوثين أو وكلاء، ما سيعقد العملية أيضًا، وما يستدعي من الإسرائيليين أن يكونوا في حالة تأهب شديد هذه الأيام، والأخذ بتحذيرات السفر، خاصة أنهم لا يأخذون التحذير من السفر إلى تركيا على محمل الجد، وبما فيه الكفاية، رغم خطورة ما تصدره الاستخبارات الإسرائيلية من مخاوف، لأنها مبنية على معلومات أمنية جمعتها في إيران ذاتها، ولأن الإيرانيين مصممون جدًا على محاولة الانتقام من إسرائيل".
تجدر الإشارة أن الجمع بين كل هذه الحوادث الأمنية والعسكرية في إيران، بجانب تصريحات نفتالي بينيت ويائير لابيد، تدل على أن دوائر صنع القرار في تل أبيب تتجاوز أوامر الرقابة العسكرية بالكشف عن بعض المستور من عمليات الموساد المحاطة دائما بجانب من التعتيم والضبابية، لكنها في الوقت ذاته تثبت أنه في عهد رئيسه الجديد ديفيد بارنياع يواصل درب رئيسيه السابقين مائير داغان ويوسي كوهين، والتأكيد أنه ليس مجرد منظمة استخباراتية، ولكن أيضًا، جهاز وقائي، مهمته ليست فقط لجمع المعلومات، بل تضمينها خططا لمواجهة الخصم.
في الوقت ذاته، فإن هذه الحملة الإسرائيلية تثير بعض التساؤلات والمخاوف، أولها أن إيران تطالب بالانتقام، والآن فورا، فهل لدى إسرائيل القدرة على منع ذلك، وهل تم أخذ مثل هذا الرد الإيراني في الاعتبار؟ وثانيهما هل أن بعض كبار الوزراء وأعضاء الكنيست لم يتلقوا تحديثًا بتفاصيل العمليات الأخيرة، لأنهم زعموا أنهم لم يعرفوا أو لم يفهموا النطاق الكامل للحملة؟ وثالثها معرفة الغرض من العمليات الجارية، فهل تستهدف المصفوفات النووية، أم الصواريخ أو المسيرات؟
وبالتالي فهي تسعى لإضعاف النظام الإيراني مع مرور الوقت، ما يعني أن المحاولات الإسرائيلية السابقة قد باءت بالفشل.
هناك تخوف رابع من العمليات الإسرائيلية الأخيرة ضد إيران يتمثل في أن كبار السياسيين مثل بينيت ولابيد، ربما تراجع تركيز اهتمامهم بالأمن القومي ومصلحة الدولة، لحسابات حزبية داخلية، بحيث يتم تجيير مثل هذه العمليات لاعتبارات مصلحية، أما التخوف الخامس فقد حان الوقت لكي نعرف أن دولة الاحتلال آخر دولة في العالم الغربي تمارس الرقابة قبل النشر، في ضوء تدهور قيم الشفافية وحرية المعلومات والرقابة العامة، فيما يكمن التخوف السادس في عدم قدرة من يوصفون بـ"أساتذة" العمليات السرية، على إجراء التلاعب في عالم الإعلام والتسريبات.
هآرتس: هذا ما يخيف في العلاقات الإسرائيلية الإماراتية
ECO: قطب ألماس إسرائيلي قدم خدمات كبيرة للموساد بأفريقيا
اعتراف إسرائيلي: جيشنا غير قادر على الانتصار لهذا السبب