عقدنا لقاءات مع قوى وهيئات وشخصيات سورية لتنظيم "الملتقى التشاوري الوطني الأول"
مؤسسات الائتلاف وهيئة التفاوض والحكومة المؤقتة واللجنة الدستورية وصلت إلى طريق مسدود
أغلب أطراف المعارضة لم تتغلب على التحديات التي تواجهها منذ انطلاق الثورة وحتى الآن
نقوم بتسليط الضوء على الفشل والعجز والفساد داخل صفوف المعارضة السورية
العملية العسكرية التركية الجديدة في سوريا ستتم لكن حدودها ليست واضحة وهناك تأييد لها
كشف رئيس حركة العمل الوطني من أجل سوريا، أحمد رمضان، عن "تنظيم سلسلة لقاءات، خلال الفترة الماضية، مع عدد من القوى السياسية، والهيئات المدنية، والشخصيات المستقلة (لم يسمّها) بهدف عقد (الملتقى التشاوري الوطني السوري الأول) الذي سيتولى دراسة وضع المؤسسات الوطنية ووضع رؤية حول البديل الوطني".
وتوقع في مقابلة خاصة مع "عربي21"، عقد هذا الملتقى الأول من أجل بناء تحالف وطني عريض في غضون شهر آب/ أغسطس المقبل، في حال أقرت اللجنة التحضيرية ذلك، مؤكدا أنهم يعملون على "تحاشى الوقوع في أخطاء الماضي، وتصحيح المسار، وتحرير القرار، وإعادة بناء منظومة العلاقات الخارجية للثورة السورية".
ورأى رمضان أن "ساحة العمل الوطني في سوريا تعاني من فراغ خطير تقوم قوى النفوذ الخارجية بملئه"، مشددا على أن "مؤسسات الائتلاف، وهيئة التفاوض، والحكومة المؤقتة، واللجنة الدستورية، كلها وصلت إلى طريق مسدود، يتعذر معه إعادة إحيائها"، وفق قوله.
اقرأ أيضا: ما خيارات المعارضة بعد إلغاء جولة "الدستور السوري"؟
وأضاف أن "التوجه العام لدينا هو تشكيل (التحالف الوطني السوري) الذي سيضم القوى السياسية النشطة والفاعلة في المشهد السوري، والشبكات التي تضم الهيئات المدنية ذات الخبرة والكفاءة، والتي أثبتت نفسها على مدى عقد من الآن، إضافة إلى المجالس المحلية للمحافظات المنضوية في إطار المجلس الأعلى للإدارة المحلية، والشخصيات المستقلة التي تملك التأثير".
وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":
لماذا أنت دائم الهجوم على الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية رغم أنك كنتَ جزءا من هذا الائتلاف في السابق؟
نحن جزء من تيار عريض في الثورة السورية، يتبنى مفهوم الإصلاح والحوكمة ويدعو إليه، ومنذ 2011 وحتى الآن نتبنى العمل من خلال المؤسسات الوطنية، وقد كانت حركة العمل الوطني من أجل سوريا (التي تأسست في 18 شباط/ فبراير 2011) صاحبة المبادرة لتشكيل المجلس الوطني السوري بالشراكة مع لقاء التنسيق الديمقراطي وناشطين آخرين قبل دعوتنا الأحزاب التقليدية للانضمام للمجلس في 2011.
وكنَّا مؤسسين في الائتلاف الوطني السوري (2012) ومن ثم الحكومة السورية المؤقتة (2013)، وضمن رؤيتنا السياسية، فإن الحفاظ على المؤسسات وإصلاحها ركنٌ أساس من خطة عملنا.
لذا فإن ما نقوم به تسليط الضوء على الفشل والعجز والفساد، وكشف الفاسدين والمتسلقين والمرتهنين، والعمل على إبعادهم، وما نتحدث عنه في حركة العمل الوطني أو تيار الإصلاح في الائتلاف يندرج في هذا الإطار.
ما تقييمكم لأداء المعارضة السورية اليوم؟
من المؤسف أن أغلب أطراف المعارضة السورية لم تتمكن من التغلب على التحديات التي تواجهها منذ انطلاق الثورة وحتى الآن، وفي مقدمة ذلك ضعف العمل المنظم وتفكك معظم الهياكل التي تأسست بفعل الصراعات الداخلية.
كما أن القوى التقليدية ذاتها أصيبت بالترهل والضعف ولديها صراعاتها البينية والشخصية، ولم ينجُ من ذلك إلا قلَّة قليلة، وفي المقابل لم تنشأ تحالفات متينة مبنية على قواسم مشتركة، أهمها أولوية التخلص من الاستبداد وبناء الدولة المدنية الديمقراطية المبنية على المواطنة والعدالة والحرية.
وهناك أشخاص تصدّروا المشهد، ولكن لم يكن لهم أي تاريخ في الثورة والمعارضة، ولا يملكون كفاءة أو خبرة، وقد جرى دفعهم بفعل قوى ذات نفوذ في الشأن السوري، وهؤلاء ساهموا في تدمير المؤسسات الوطنية وحرفها عن مسارها، وتحويلها إلى مؤسسات مرتهنة لا تعبر عن الثورة السورية ولا أهدافها، ولا صلة لها بالشعب وطموحاته.
دعوتم القوى الوطنية للتكاتف وأخذ زمام المبادرة، وعقد لقاء لبحث ما آلت إليه تلك المفاوضات.. فهل هناك جديد في هذا الصدد؟
نحن في حركة العمل الوطني من أجل سوريا -ويشاطرنا العديد من الشركاء الوطنيين برأينا- نعتقد أن ساحة العمل الوطني في سوريا تعاني من فراغ خطير، تقوم قوى النفوذ الخارجية بملئه.
ونرى أن مؤسسات الائتلاف، وهيئة التفاوض، والحكومة المؤقتة، واللجنة الدستورية، كلها وصلت إلى طريق مسدود، يتعذر معه إعادة إحيائها على الشكل الذي يمكن أن يحقق الهدف الأساس من إنشائها، وهو تحقيق انتقال سياسي كامل في سوريا، وفق قرارات الأمم المتحدة.
ومن هنا بدأنا، خلال الفترة الماضية، بعقد سلسلة لقاءات مع عدد من القوى السياسية، والهيئات المدنية، والشخصيات المستقلة، بهدف عقد "الملتقى التشاوري الوطني السوري الأول" الذي سيتولى دراسة وضع المؤسسات الوطنية ووضع رؤية حول "البديل الوطني" الذي يتحاشى الوقوع في أخطاء الماضي، ويعمل على تصحيح المسار، وتحرير القرار، وإعادة بناء منظومة العلاقات الخارجية للثورة السورية.
ونتوقع أن يعقد الملتقى الأول في غضون آب/ أغسطس المقبل في حال أقرت اللجنة التحضيرية ذلك.
دعوتم في السابق إلى بناء تحالف وطني عريض.. ما الذي وصلت إليه تلك الجهود؟
التوجه العام لدينا هو تشكيل "التحالف الوطني السوري" الذي سيضم القوى السياسية النشطة والفاعلة في المشهد السوري، والشبكات التي تضم الهيئات المدنية ذات الخبرة والكفاءة، والتي أثبتت نفسها على مدى عقد من الآن، إضافة إلى المجالس المحلية للمحافظات المنضوية في إطار المجلس الأعلى للإدارة المحلية، والشخصيات المستقلة التي تملك التأثير والحضور في أماكن الوجود السوري في المناطق المحررة ودول المهجر واللجوء.
من خلال حوارنا مع شركائنا الوطنيين نرى شعورا كبيرا بالحاجة لملء الفراغ الناتج عن تفكك وترهل الأطر الرسمية، كما أن هناك إصرارا على استعادة القرار الوطني الذي بات رهينة لأطراف خارجية؛ والسوريون يشعرون الآن أنهم أقرب إلى شهود زور في المحافل التي تمسُّ مصيرهم ومستقبلهم.
ما انعكاسات نتائج قمة طهران على الأوضاع في سوريا، خاصة في ظل ما قيل حول احتمالية نشوء محور جديد في المنطقة؟
منذ انطلاق مسار أستانا، وهناك موقف سلبي من غالبية السوريين وقواهم الوطنية تجاهه، وفي الحقيقة فإنه باستثناء تركيا التي تعد حليفة للمعارضة السورية، فإن الطرفين الروسي والإيراني هما عدوان ويقفان مع النظام ويدافعان عنه، ولذا لا يمكن توقع نتائج إيجابية من هذا المسار.
بدأ المسار كجزء من عملية خفض التصعيد، وكانت النتائج دموية نظرا للخروقات التي قام بها الروس والإيرانيون وتهجيرهم مئات آلاف السوريين من مناطق سكناهم.
ونعتقد أن القمة الأخيرة عكست خلافات بين أنقرة وطهران من ناحية وتفاهمات لم تعلن من ناحية أخرى، وما تلاها من تطورات أظهر مستوى التباين، وأن قدرة هذا المسار على تحقيق اختراق سياسي قد لا تبدو ممكنة على المدى المنظور.
ما دلالة إعلان المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون، عن عدم انعقاد الجولة التاسعة لاجتماعات اللجنة الدستورية السورية في موعدها المقرر سلفا بجنيف؟
لم يكن الأمر مفاجئا بالنسبة لنا، في 31 آذار/ مارس الماضي أقمنا ورشة خاصة في الائتلاف قبل 7 أيام من انقلاب 7 نيسان/ أبريل داخل الائتلاف، وقدّمنا خلالها كدائرة استشارات استراتيجية أتولى رئاستها، ومكتب دراسات يتولى الأستاذ رياض الحسن إدارته، تقدير موقف واستعرضنا وضع اللجنة الدستورية من الجولة الأولى حتى السابعة.
وتحدثنا عن عملية الاستعصاء، وحاجة المعارضة للتعامل مع سيناريوهات بديلة، وتبين للحضور، وهم أعضاء الهيئة العامة والهيئة السياسية، كيف أن رئيس اللجنة هادي البحرة ورئيس هيئة التفاوض في حينه أنس العبدة يقومان بإخفاء المعلومات والحقائق، ويقدمان معلومات مضللة لا تساعد في بناء تصور حقيقي عما يجري.
(ولم يتسن لـ"عربي21" بعد، أخذ رد من البحرة والعبدة على هذا الاتهام)
وكانت تلك الورشة أحد أسباب الانقلاب الذي قام به سالم المسلط والإجراءات غير الشرعية وغير الدستورية التي اتخذها في 2 و7 نيسان/ أبريل الماضي.
هل تتوقع استكمال تركيا لعمليتها العسكرية المرتقبة شمال سوريا؟
ثمة تحديات تتعلق بتنسيق المواقف مع الدول المؤثرة، لكن على المستوى اللوجستي، فإن التحضيرات مكتملة، وأعتقد أن العملية ستتم في نهاية المطاف، ولكن حدودها ليست واضحة، وفي حال شملت منطقتي منبج وتل رفعت، فإنها سوف تتيح المجال لعودة نحو نصف مليون نازح من تلك المناطق.
وأغلبهم يعيشون في مخيمات مؤقتة في الشمال السوري، وهناك تأييد لهذه العملية بين السوريين.
اقرأ أيضا: ما دور المعارضة السورية بالعملية التركية الوشيكة في الشمال؟
كيف تنظر إلى وقوف الجزائر إلى جانب نظام الأسد؟ وما تعقيبكم على دعوته لحضور القمة العربية؟
موقف الحكومة الجزائرية مؤسف، وزيارة وزير خارجيتها لدمشق واجتماعه مع بشار الأسد لم تكن مقبولة بل مستهجنة، ودعوة النظام للقمة هي طعنة في ظهر الشعب السوري الذي قدّم مليون شهيد من أجل الحرية، ولا يتوقع من بلد قدّم مليون شهيد من أجل استقلاله أن يفعل ذلك.
محاولات تعويم النظام أخفقت بسبب مواقف عربية رافضة ومواقف دولية كذلك، ولذا فإن دعوة النظام للقمة لن يُكتب لها النجاح في نهاية المطاف، ولكنها ستضر بصورة الجزائر في الذاكرة العربية، وستكون لها آثار سلبية بعيدة المدى في علاقات البلدين، لأن الشعب السوري الذي استضاف عبدالقادر الجزائري ودفن على ثرى سورية، سيشعر بالغضب ممن يضع يده بيد قاتله وجلاده.
أتمنى من قيادة الجزائر أن تعيد النظر في توجهها وتدرك مخاطر التوجه الذي تنتهجه بعيدا عن الإرادة الشعبية.
البعض يدافع عن تعويم النظام انطلاقا من محاولات تحييده أو إبعاده عن إيران.. كيف تنظرون إلى تلك المبررات؟
مَن يتحدث عن ذلك يخدع نفسه قبل أن يخدع الآخرين؛ فهذه المزاعم ليست جديدة؛ فعلاقات عائلة الأسد مع الملالي في إيران بدأت قبل وصولهم السلطة عام 1979، ولكنها ترسخت مع استلامهم الحكم، وكانت أول زيارة يقوم بها موفد من الخميني إلى الخارج إلى دمشق عام 1979 وقادها صادق خلخالي المعروف بقاضي الإعدامات.
وخلال الزيارة كالَ المديح لحافظ الأسد وهاجم الإسلاميين في سوريا والمنطقة، والذين خُدع أغلبهم بما سمي "الثورة الإسلامية"، وهي في حقيقتها حركة طائفية دموية شريرة، أدخلت العالم العربي والمنطقة في مرحلة من العنف والفوضى والإرهاب لا نظير لها.
ووقف نظام الأسد الأب مع ملالي إيران في حربهم ضد العراق بين عامي 1980 – 1988، ورغم إغداق المليارات على النظام من دول عربية، لم تنجح هذه المحاولات في فكِّ ارتباطه مع إيران، بل إنه أصبح شريكا استراتيجيا لها.
ومنذ 2011 أصبحت المليشيات الإيرانية هي الذراع الضاربة للنظام ضد الشعب السوري، وصاحبة النفوذ الحقيقي على الأرض وفي مؤسسات الدولة، ولدى الحرس الثوري الإيراني قدرة تحكم في المؤسسة العسكرية والأمنية أكبر من سلطة الأسد نفسه.
لذلك، مَن يزعم أنه يقوم بالتطبيع مع النظام لإبعاده عن إيران، فهو يخدع نفسه ويضلل شعبه، وفي الواقع هو يقيم علاقة مع الإيرانيين الذين يتحكمون الآن بسوريا ويُهجّرون شعبها.
كيف تنظرون إلى الفيتو الروسي في مجلس الأمن الذي منع تمديد قرار دخول المساعدات إلى شمال سوريا عبر معبر باب الهوى لعام آخر؟
نعتقد أن ما جرى يجب أن يدفع الأمم المتحدة لاتخاذ خطوات أخرى، وقد وجهنا رسالة باسم "الائتلاف الوطني السوري – تيار الإصلاح"، ونحن في حركة العمل الوطني من أجل سوريا أحد مكوناته، إلى المبعوث الخاص للأمم المتحدة غير بيدرسون، طالبنا فيها باتخاذ تدابير إضافية، تملك الجمعية العامة حق فرضها استجابة لمبدأ حفظ الأمن والسلم الدوليين، بعد أن تبين أن النظام السوري لن ينخرط في العملية التفاوضية بشكل جدِّي وبنَّاء.
وأكدنا أنه بعد 17 مرة استخدمت فيها روسيا حق النقض "الفيتو" لصالح نظام الأسد، وسعيها لتقييد وصول المساعدات الإنسانية، وتعطيلها تنفيذ قرارات مجلس الأمن، ودفعها النظام لعدم حضور جولة مفاوضات اللجنة الدستورية التاسعة، والدفع باتجاه نقل المفاوضات من جنيف، ينبغي الخروج من الحلقة المفرغة، والدعوة إلى جلسة طارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة، وبحضور الأمين العام.
وقدمت الرسالة مجموعة مقترحات شملت: الدعوة لتطبيق مبدأ "الاتحاد من أجل السلام"، وإنشاء مناطق آمنة وفرض حظر طيران في شمال سوريا وجنوبها، وإرسال قوات حفظ سلام لتأمين وقف إطلاق نار شامل في خطوط التماس، وتطبيق مبدأ الحماية للسكان المدنيين، من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وتطبيق قواعد ومبادئ التدخل الإنساني في أوقات النزاع، وتطبيق قرارات مجلس الأمن وفق الفصل السابع، وإحالة ملف جرائم الحرب إلى المحكمة الجنائية الدولية، وملف المعتقلين والمختفين قسريا والتعذيب إلى مجلس الأمن واتخاذ الإجراءات اللازمة وفق القانون الدولي الإنساني.
إلى أين تمضي الأوضاع في سوريا؟
تعيش القضية السورية حالة من السكون العسكري والسياسي؛ فالجانب الأمريكي مشغول بأوكرانيا والصين وإيران، ولا يعتبر سوريا أولوية بالنسبة له، ولهذا لم يطرح مبادرة فعلية للحل السياسي، وروسيا تستخدم سوريا صندوق بريد في صراعاتها الدولية.
وكلما واجهت أزمة تقوم بعملية قصف لمناطق مدنية، وتساهم في تعطيل المفاوضات بتوفير غطاء للنظام في رفضه التجاوب مع المطالب الدولية، أما إيران فسوريا بالنسبة لها هي مستودع للمليشيا التي تستخدمها لنشر الفوضى والإرهاب، وتعارض أي حل أو تسوية لأنها ستؤدي إلى سحب هذه الورقة من يدها، أما تركيا فقد باتت الأولوية لديها التخلص من مخاطر التنظيمات الإرهابية التي تنتشر على حدودها، وهي المسألة التي سوف تحدد مسارها المستقبلي بالنسبة للوضع في سوريا.
لهذا، فإننا في حركة العمل الوطني من أجل سوريا، نعتقد أن الدول باتت تبحث عن مصالحها وتتقيد بظروفها الخاصة، وأن الشعب السوري هو الطرف الأساس المعني بعملية التغيير الديمقراطي وإنهاء سلطة الاستبداد والتصدي لأي محاولة لإعادة إنتاج النظام أو جزء منه على حساب تضحيات السوريين، وهو ما نعتبره البوصلة الأساسية التي تحكم مسارنا، وتؤطر علاقاتنا وشراكاتنا، وطنيا وإقليميا ودوليا.
حقوقي: لن يكون هناك استقرار بسوريا مع استمرار الظلم