صحافة إسرائيلية

جيش الاحتلال يكشف عن وثائق جديدة لمجزرة كفر قاسم

مجزرة كفر قاسم وقعت في 29 تشرين الأول عام 1956- تويتر

كشفت الرقابة العسكرية الإسرائيلية عما وصفتها البروتوكولات "الدرامية" من الشهادات التي تخللت المحاكمة الصورية للجنود الإسرائيليين القتلة الذين شاركوا في تنفيذ مذبحة كفر قاسم يوم 29 تشرين الأول/ أكتوبر 1956، وقتلوا فيها 49 فلسطينيا رميا بالرصاص، بما فيها اعترافات ضباط إسرائيليين قتل بأيديهم العديد من الفلسطينيين الذين حاولوا النجاة بأنفسهم.


وقد نشرت أرشيفات الجيش الإسرائيلي، صباح الجمعة، أهم البروتوكولات الخاصة بمحاكمة قتلة مذبحة كفر قاسم، المنعقدة بين 1956 و1958 خلف أبواب مغلقة، مع العلم أن هذه المجزرة المروعة وقعت في اليوم الأول من حرب سيناء مع مصر، عندما أمرت القيادة المركزية للاحتلال بفرض حظر تجول على جميع القرى العربية في منطقة المثلث المحتلة.


يارون دروكمان وروعي روبنشتاين، الكاتبان في صحيفة يديعوت أحرونوت، كشفا في تقرير ترجمته "عربي21" أن "قائد الفرقة الإقليمية في الجيش الإسرائيلي، يسسخار شدامي، قرر تقديم وقت دخول حظر التجول على قرية كفر قاسم من التاسعة مساءً إلى الخامسة عصرا، وإبلاغ زعماء القرية بذلك قبل نصف ساعة فقط من دخول حظر التجوال، وعندما عاد العمال لمنازلهم دون أن يعلموا بحظر التجوال، أطلق جنود كتيبة حرس الحدود النار عليهم، وقتلوا 49 منهم".


وينقل التقرير عن "جبرائيل دهان قائد الدائرة التي تعمل في كفر قاسم في شهادته، بعد أيام قليلة من المجزرة، أنه تلقى أمرًا من شموئيل مالينكي بفرض حظر تجول على القرية، وكل من يشاهد في ساعات الحظر يُقتل بالرصاص، وحين سأل عن كيفية التعامل مع من سيصلون لاحقًا ممن لا يعلمون بأمر الحظر، جاءه الرد بأنه "لا توجد مشاعر، من الأفضل أن يكون هناك عدد قليل من القتلى، كي يحل الهدوء في المنطقة، لذلك تم تقسيم الجنود إلى عدة فرق تمركزت في عدة أماكن في كفر قاسم".

 

اقرأ أيضا: الكنيست يُسقط مشروع قانون الاعتراف بمذبحة كفر قاسم

وأكدت الوثائق المنشورة أن "الجنود والضباط في إفاداتهم للمحكمة أكدوا أنهم سمعوا أصوات رشقات نارية، وبضع رصاصات تجاه فلسطينيين، تم فتح النار عليهم، كما سمعنا إطلاق نار من اتجاهات مختلفة، توجهنا نحو الموقع، فرأينا عددًا من القتلى، لا أتذكر عددهم بسبب حلول الظلام، حتى عندما رأينا بعض الفلسطينيين يحاولون الهرب، أتتنا الأوامر بفتح النار عليهم، لقد قتلنا جميعهم".


وأضافوا: "شاهدنا شاحنة إسرائيلية كانت تقل 20-30 فلسطينيا بداخلها، وعند الخامسة بعد الظهر سمعنا طلقات عديدة من عدة اتجاهات، ذهبنا هناك، ووجدت 3 شاحنات وعدة دراجات، ونحو 30 قتيلاً فلسطينيا بجوارها، وحين سألنا قائد الشرطة شالوم عوفر إذا كان قد فعل ذلك، فأوضح لهم أنه أخذهم من السيارة، وحين بدأوا بالفرار، فتح النار عليهم، مع العلم أنه معروف عنه سرعة الغضب، وقد استخدم سلاحه عدة مرات بلا مبالاة، وأطلق النار على أهداف بطريقة خطيرة، استحق التوبيخ عليها، لأنه تصرف بطريقة غير قانونية".


رغم ما تشكله هذه الوثائق القانونية من زيادة في إدانة دولة الاحتلال على ارتكاب هذه المجزرة الدامية، لكنها لا تعفيها من هذه الجريمة، لأن جيش الاحتلال ارتكبها بإيحاء من رئيس الحكومة آنذاك ديفيد بن غوريون ووزير الحرب موشيه ديان، بعد سنوات من التحريض والكراهية ضد الفلسطينيين، بعد ثماني سنوات على النكبة، وإقامة دولة الاحتلال، التي قتل جنودها هذا العدد الكبير من الفلسطينيين بطريقة بشعة، حين كانوا عائدين إلى بيوتهم بعد يوم عمل شاق خارج القرية.


مع العلم أن هذه المجزرة الدامية التي يصفها جيش الاحتلال بأنها "سلوك غير قانوني"، يجتهد المجتمع الإسرائيلي في تناسيها، وعدم تذكرها، رغم أنها تكشف عن أصول العنصرية الإسرائيلية، وجذور الكراهية الموجهة للفلسطينيين، ما يؤكد أن مثل هذه المجزرة لم تكن لتقع لولا الأرضية التي سبقتها داخل المجتمع الإسرائيلي.


تجدر الإشارة إلى أن هذه المجزرة وقعت بعد سنوات قليلة فقط من إعلان موشيه ديان عن أمنيته لتنفيذ ترانسفير كامل للعرب من داخل دولة الاحتلال، لأنه يرى فيهم أعداء حقيقيين، كما أن بن غوريون ذاته طالب باستمرار فرض الحكم العسكري عليهم داخل حدود الدولة، فقط لأنهم عرب، ما ولد كراهية وصلت أعماق الجنود الإسرائيليين الذين نفذوا هذه المجزرة في كفر قاسم.


ما لم تكشفه وثائق المحاكم الإسرائيلية أن جنود الاحتلال الذين شاركوا في المجزرة قتلوا عائلات فلسطينية كاملة؛ أطفالا ونساء ورجالا، وفي بعض مراحلها أوقفوا حافلة تقلّهم، وأنزلوا ركابها، وجمعوهم في مجموعات، وبدأوا بإطلاق النار عليهم بصورة جماعية، دون التفريق بين نساء وأطفال ورجال، وتم الانتهاء من عملية الإعدام الجماعية بإطلاق النار على رأس كل قتيل؛ للتأكد من مقتله ومفارقته الحياة.