نشرت صحيفة
"الغارديان" البريطانية تقريرا سلطت فيه الضوء على قصة أسطورة التنس
الأمريكية، سيرينا ويليامز، التي ثابرت خلال مسيرتها الرياضية وتحدت العنصرية
وواجهت المآسي العائلية، في طريقها نحو الشهرة والنجومية.
وقالت الصحيفة،
في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن قصة سيرينا ويليامز يمكن أن تحدث
فقط في الولايات المتحدة الأمريكية؛ هناك حيث يمكن أن يتشكل هذا المزيج الخاص من
الأسلوب والتصميم والوقوف على الحافة: أنثى سوداء من مدينة كومبتون (مقاطعة لوس
أنجلوس/كاليفورنيا)، ثابرت في مواجهة العنصرية والتمييز على أساس الجنس والمرض
والمأساة العائلية، لإعادة كتابة تاريخ رياضة لطالما كانت حكرا على الأثرياء
البيض، الذين كانوا يلعبونها ويشاهدونها وحدهم.
وأضافت أن القصة
بدأت منذ قرابة ثلاثة عقود وكأنها حكاية طويلة، ونسيج من الأحلام الرائعة للغاية
لدرجة يصعب تصديقها: الأب ريتشارد ويليامز يجلس في بيته على كرسي مريح، يتصفح
القنوات على تلفازه، فتقع عينه على إحدى بطولات التنس، فيذهل من الشيك الذي تم
تسليمه للفائز والذي بلغت قيمته في ذلك الوقت 40 ألف دولار أمريكي. وعند تلك اللحظة؛
حدّث هذا الرجل نفسه بكلمات هي أشبه بالأمنيات: "سأنجب طفلين وأختار لهما
رياضة التنس".
وأشارت الصحيفة
إلى أن سيرينا ويليامز كانت في التاسعة من العمر، وكانت شقيقتها فينوس في العاشرة،
حين صرح والدهما - الذي تلقى دروسا في التنس وأصبح مدربًا - أن ابنتيه ستصبحان
أفضل لاعبتي تنس في العالم، وأنهما ستلعبان يومًا ما، وجهًا لوجه، نهائي بطولة
ويمبلدون الشهيرة، وإن كان هذا الأب صاحب الطموح الذي لا يضاهى قد تلقى السخرية من
محبيه ومن الصحافة الرياضية العالمية بسبب تصريحاته هذه ووصف بأنه والد مهرج، فمع
مرور الوقت؛ تحققت كل توقعاته، وكل ما بدا مستحيلًا تجسد على أرض الواقع.
وتلفت إلى أن
سيرينا أعلنت عن اعتزالها بعد بطولة أمريكا للتنس، آخر البطولات الأربع الكبرى
"الجراند سلام"، والتي تنطلق في 29 آب/أغسطس الجاري، وهي البطولة
التي بدأت منها أولى ألقابها الكبيرة، حيث رفعت أول لقب للعائلة سنة 1999، وكانت
حينها تبلغ من العمر 17 سنة. ليتحول الحدث الآن إلى موعد توديعها، مع اقتراب
البطولة الختامية للموسم، وبعد ذلك، لن تكون هناك سيرينا أخرى أبدًا.
ونوّهت الصحيفة
إلى أن سيرينا قاتلت في طريقها إلى القمة، وقاومت من كل الزوايا، في مواجهة
العنصرية والسخرية والانتقادات، لتصبح مع مرور الوقت لاعبة مهمة تعتبر بمثابة
ثقافة شعبية، وربما لا توجد بطلة أخرى في أي رياضة، تلقت جزءًا بسيطًا من
الانتقادات التي تحملتها سيرينا خلال الجزء الأكبر من مسيرتها، فحتى عندما وصلت
عظمتها حدًّا كبيرًا من خلال حصولها على جميع ألقاب البطولات الأربع الكبرى في عام
واحد 2003، وهو إنجاز نادر جدًا لدرجة أنه أصبح مرتبطًا باسمها، لم تسلم مع ذلك من
التعرض للانتقاد والإساءة؛ حيث نشرت إحدى المجلات في عام 2006 مقالًا مسيئًا
إليها، كما كال لها الصحفي والكاتب جيسون ويتلوك في أحد كتبه عام 2009، إهانات
جنسية غير ملائمة إلى حد بعيد.
وشبهت الصحيفة
سيرينا ويليامز بأسطورة رياضة الغولف تايغر وودز، الذي جعل الكثيرين يتابعون هذه
الرياضة، تمامًا مثلما فعلت سرينا؛ حيث جذبت الناس إلى رياضة لم يكن أحد يكلف نفسه
عناء مشاهدة مباراة تنس. بالإضافة إلى ذلك، فقد شقت طريقًا لجيل جديد لحق بها، من
النجوم الأمريكيين من أصل أفريقي، مثل سلون ستيفنز وماديسون كيز وتايلور تاونسند
وكوكو جوف، الذين لم يعد يُنظر إليهم على أنهم دخلاء.
ومثلما قال
مالكوم إكس في خطابه الشهير سنة 1962: "المرأة السوداء هي أكثر شخص لا يحترم
في أمريكا.. أكثر شخص غير محمي في أمريكا هي المرأة السوداء.. المرأة السوداء هي
الشخص الأكثر إهمالًا في أمريكا"؛ ففي مجتمع يطبعه الانقسام العرقي منذ
نشأته، ظلت سيرينا متقدمة بخطوة واحدة على العداء والتعصب الذي لاقته في كل خطوة على
طريقها لإلهام الملايين، وتسلق سلم الشهرة مع مصافّ الرياضيين الكبار أمثال مايكل
جوردان وواين جريتسكي وليونيل ميسي…
وختمت الصحيفة
تقريرها بالقول إن سيرينا ويليامز كانت محظوظة بالعثور على دعم مزدوج - أو كما
يقولون في رياضة التنس حصلت على الكرة داخل أو خارج الملعب - بمعنى أن لعبة التنس
ساعدتها بالفوز في الميدان وبالشهرة خارجه؛ حيث لا يمكن حتى لتلك القوى التي
تحالفت ضدها أن تحرمها مما هو حق لها، وهي عدالة لا تحصل عليها الكثير من النساء
السود في المجتمع الأمريكي، لأنه ببساطة لا يمكنهم النيل منها، ولم يستطيعوا ذلك
أبدًا.