تساءلت مجلة "إيكونوميست" عن الثمن الذي حصل عليه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر من إنهائه المواجهات وسحب أنصاره من المنطقة الخضراء.
والصدر أعلن في 29 آب/ أغسطس عن "انسحابه نهائيا" من السياسة بعد أشهر من الانسداد السياسي الذي أعقب الانتخابات البرلمانية العام الماضي.
وتقول المجلة إنه وبدلا من أن تكون دعوته إشارة عن الخروج من السياسة، فقد كانت بمثابة الإشارة لأتباعه لكي يخرجوا إلى الشوارع. وسيطر المحتجون على البرلمان، ثم تدفقوا نحو "المحور الدولي" المحصن، وفيه مقرات الحكومة بوسط بغداد، ويعرف أيضا باسم "المنطقة الخضراء".
وهاجموا مكاتب الحكومة، وسبحوا في مسابح المنطقة الفخمة. مزقوا الصور والملصقات التي تحمل صورا للجماعات التي تحظى بدعم من إيران، أو ما يعرف بالإطار التنسيقي، بما فيها صور الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الذي اغتالته أمريكا في عام 2020.
واندلع العنف عندما حاول أنصار الصدر السير نحو بيت أحد قادة الإطار التنسيقي، وهو نوري المالكي. وعند تلك النقطة قامت المليشيات الموالية للإطار التنسيقي بإطلاق النار، بشكل دفع أنصار الصدر لإرسال سرايا السلام، التي وصل رجالها مسلحين بالمقذوفات الصاروخية. وتبع ذلك معارك حول المنطقة الخضراء خلفت أكثر من 30 قتيلا ومئات الجرحى.
اقرأ أيضا: الخزعلي يغلق مكاتب "العصائب" بعد تحذير من "وزير الصدر"
ويعتبر التظلم الأكبر للصدر الانتخابات التي سرقت بعد عد الأصوات. وحصلت كتلته "سائرون" على المرتبة الأولى، بنسبة 22% من مقاعد البرلمان. ورغم حصوله على دعم الشيعة في العراق، إلا أنه استطاع تجميع تحالف من السنة والأكراد. وعندما بدا أنه على حافة تشكيل حكومة، قام الإطار التنسيقي بـ "انقلاب قضائي"، حسب مايكل نايتس من معهد واشنطن.
وقال إن المحكمة الفدرالية قامت بتحريك قوائم المرمى في وقت كانت فيه الكرة على وشك عبور نقطة النهاية، وقررت أن الصدر بحاجة للحصور على أصوات ثلثي أعضاء البرلمان لانتخاب الرئيس وليس مجرد أغلبية عادية.
وأكدت المحكمة على ضرورة تخلي حكومة إقليم كردستان عن تصدير النفط وتحويله إلى الحكومة الفدرالية، في تحرك كان يهدف لمعاقبة الأحزاب الكردية على دعمها تحالف الصدر.
وقرر الصدر الغاضب سحب نوابه من البرلمان، وعنى هذا تسليم المقاعد للأعلى أصواتا في المناطق التي فازت فيها الكتلة الصدرية، بشكل منح الإطار التنسيقي فرصة لتشكيل حكومة.
ولمنع هذا، أرسل الصدر أنصاره لاحتلال البرلمان ومنع سيناريو كهذا. وظلوا في اعتصام دائم، وطالبوا بانتخابات جديدة، وزاد عددهم أضعافا مع بداية شهر آب/ أغسطس، عندما تدفقوا لحضور صلاة جماعية في المنطقة الخضراء.
وفي الوقت الحالي، تم سحب التنافس الشيعي من حافة الهاوية، وخفت المخاوف من الحرب الشيعية- الشيعية.
وبعد غيبة يومين، ظهر الصدر على منصات التواصل الاجتماعي، وطلب من أنصاره الانسحاب من المنطقة الدولية.
ومقابل ذلك، حصل على تأكيد من الإطار التنسيقي على رئيس وزراء يفضله، حسبما يشك البعض.
ويرى آخرون أن كل طرف يحاول تقوية حلفائه للمعركة المقبلة.
وبالنسبة لإيران، يمثل العراق بوابة مهمة للمنطقة، ولن تتخلى عن حلفائها. ويريد الصدر تعزيزات من حلفائه العرب في الخليج، السعودية والإمارات.
وتقول المجلة، إن الولايات المتحدة سئمت من لعب دور الحاضنة، والذي كلفها أكثر من 4.400 جندي ومئات الملايين من الدولارات.
وتحولت المؤسسات الديمقراطية التي أنشأتها، البرلمان والمحكمة الفدرالية ورئيس الوزراء، ملعبا للمليشيات الشيعية.
ناشيونال إنترست: ماذا يريد مقتدى الصدر حقا في العراق؟
تحليل: مطار الموصل يدشن مرحلة جديدة من علاقة العراق بتركيا
WSJ: إيران متخوفة من اقتتال شيعي بالعراق.. ونفوذها تراجع