يعتبر الفنان المسلم السويدي من أصل لبناني ماهر زين، نموذجا للفنان المحافظ على مبادئه وقيمه ورقي ونظافة كلمات أغانيه، في عصر يموج بأغاني المهرجانات وما هبط من أصوات وألحان وكلمات.
ماهر زين المولود عام 1981 يعتبر أعلى الفنانين العرب متابعة عبر منصة فيسبوك، بثمانية وعشرين مليون متابع، متقدما على الفنان المعروف عمرو دياب بنحو أربعة ملايين شخص، ولزين أكثر من ستة ملايين متابع عبر إنستغرام ونحو أكثر من نصفهم عبر قناته الرسمية على يوتيوب، والتي تقترب فيها أغنيته الرائعة يا نبي سلام عليك من نصف مليار مشاهدة.
وهو يقدم معظم أعماله باللغة الإنجليزية مع وجود عدد كبير كذلك باللغة العربية، وكان ضيفا على افتتاح دورة ألعاب التضامن الإسلامي في قونيا التركية في آب/ أغسطس 2022.
ماهر زين وقد تعاملت معه على المستوى الشخصي من المشاهير القلائل الذين كلما ازددت منهم قربا تزداد لهم حبا؛ حيث يبهرك بتواضعه وبساطة تعامله وابتسامته الحاضرة على الدوام، لدرجة أنك تشك وتسأل هل هذا هو فعلا النجم المعروف ماهر زين أم هو شبيه له؟
الأبرز والأهم ما يقدمه زين من مضمون عبر أعماله الفنية، التي تركز على الابتهالات والمدائح النبوية دون إغفال لقضايا فلسطين والحريات وحقوق الإنسان عموما، مع تقديم كلمات تعزز الخير وتنشر التسامح والتعاون.
فمن رائعته الحرية لفلسطين إلى Freedom (الحرية) التي قدمها تزامنا مع الربيع العربي في 2011، نجد زين منحازا بعقلانية للضمير العربي والشعوب المقهورة، بفن حافظ على الانتصار لقيم العدالة دون إغراق أو إهمال، مع حفاظ على الابتعاد عن دوائر المسؤولين ورفض الغناء لهم أو التغزل بإنجازات وهمية لسواد عيونهم.
وقد أحسن الأتراك تقدير هذا الحضور لماهر زين وكرّم أكثر من مرة من قبل الرئيس أردوغان، وكان ضيف شرف في القمة الإنسانية التي استضافتها إسطنبول جالسا على مائدة الرئيس، بينما جلس المسؤولون اللبنانيون على طاولات أخرى!
ماهر زين الذي أثار الشجن في القلب ومعاني البر في النفس وهو يغني للأم:
مهما كبرتُ .. أعودُ بين يديكِ
طفلا صغيرا ما كبرتُ لديكِ
أنتِ أماني راحتي وسعادتي
قلبي لنَيل رضاكِ عاد إليكِ
ثم للأمة مذكرا بحرص النبي صلى الله عليه وسلم عليها ورجاء الله تعالى أن يرحمها يوم القيامة:
عشتَ في الدنيا كريماً
صابراً رغمَ البَلايا
عشتَ إنسانا رحيماً
لُطفُك عمَّ البرايا
كلُّ نفْسٍ تقولُ نفْسي
إلا الحبيبْ
يقول أمّتي أمّتي
وذلك في وقت غرقت به الأغاني بالعنصريات والعصبيات والغناء للأقطار، بل أصبحت هناك أغان تفرّق بين أبناء القُطر الواحد.
وعندما يحل الاكتئاب ويخيم الإحباط تجد ماهر زين ينشلنا برفق في رائعته "إن شاء الله" وفي كلماتها بنسختها العربية:
لو في يوم كان الحمل عليك تقيل
وتايه لوحدك مش لاقي دليل
والهموم تخلي الليل طويل
وترميك في غربة ومرارة وويل
مد إيديك تلقى دايما حواليك
هو الله
قبلك حاسس بيك
إن شاء الله
هتلاقي الطريق
حتى تصل فيها من القرب من الله والشعور بمعيته والرضا بقدره والاطمئنان لمغفرته مهما بلغت بنا المعاصي والذنوب عندما نحسن التوبة والعودة إليه:
قول يا الله
ده عنك مش بعيد
متشلش هم ولا تشعر بضيق
قول يا
"الله"
اهدي ليا قلبي عشان أتوب
امحي الذنوب
واهديني الطريق
ثم يذكرنا زين بواجبنا في هذه الحياة، والأثر الواجب تركه بعد مماتنا في لوحته الفنية المؤثرة: "أعمالنا"، وقد جاء فيها:
قبل منامي مر ببالي وحي سؤال
لو أن لعمري ميزانا ما المكيال
أيقاس العمر بأيام أم أعوام
فتأملت جلست أفكر فيما يذكر حين يقال
رحم الله فلان كان وكان وكان
لن تذكر إلا الأعمال
مثل ماهر زين يستحق أن يحتفى به، ومن واجبه علينا هو وأمثاله من فنانين محافظين على نشر الكلمة الراقية بأداء فني راق بعيد عن الابتذال؛ أن نتحدث عنهم ونشكرهم ونقدر عطاءهم ونشجع من حولنا على الاستماع لهم وترويج أعمالهم، التي تشكل بديلا عمليا بحق أمام تيار جارف من الانحلال.
twitter.com/adnanhmidan