نشرت صحيفة "كريتار" التركية مقالا سلطت فيه الضوء على التحول الأخضر وأزمة الطاقة العالمية ومستقبلها.
وقال ليفينت يلماز، في المقال الذي ترجمته "عربي21"، إن السبب الأكثر أهمية للتغيير المفاجئ في أجندة الطاقة هو الغزو الروسي لأوكرانيا. فبعد الغزو، تغيرت أولويات الطاقة في العالم كله، كما يدرك أولئك المتابعون لتطور قطاع الطاقة وتحوله بمرور الوقت جيدًا.
ولم يكن هناك وقت تغيرت فيه الأولويات بهذه السرعة. وهذا يشمل أزمة النفط عام 1970؛ حيث لم يشهد العالم أبدًا أزمة طاقة كهذه في عمقها وتعقيدها، كما قال فاتح بيرول، رئيس وكالة الطاقة الدولية.
خطابات الطاقة الخضراء قبل الأزمة
وذكر الكاتب أنه قبل الحرب الروسية الأوكرانية ووباء "كوفيد-19"، كانت المخاطر البيئية والتغير المناخي من أكبر المخاطر التي واجهها قطاع الطاقة. وفي هذا الصدد؛ تم تشكيل الفكرة الرئيسية في كل تقرير تقريبًا عن القطاع حول "كفاءة الطاقة والتحول الأخضر".
وأوضح الكاتب أنه تم بناء الاتجاه الجديد حول العالم، وخاصة في الاتحاد الأوروبي، على الطاقة الخضراء، كما أنه تم إدراج الخطوات التي يجب اتخاذها للحد من زيادة درجة الحرارة العالمية، وتم وضع خطط بأسماء مثل صفر كربون، وانبعاثات صافية صفرية، وأخيرًا، البلدان التي لم تُظهر العناية الواجبة بشأن هذه القضايا تتعرض لـ"ضريبة الكربون".
اقرأ أيضا: بلومبيرغ: مقترحات أوروبية جديدة لوقف أزمة الطاقة
وبحسب الكاتب؛ فإنه تم تقييم أن الحاجة إلى الطاقة، والتي انخفضت مع إغلاق الاقتصادات خلال فترة الوباء، كانت فرصة مهمة لتسريع التحول. وحتى مع إجراء مسح بسيط للوسائط، فإن من الممكن أن نرى مدى تزايد الخطاب حول هذه القضية.
وعلى وجه الخصوص، فإن تسريع الاتحاد الأوروبي في عملية ما يسميه "الاتفاق الأخضر" مهد الطريق لدول مثل تركيا، التي لديها تجارة مكثفة مع الاتحاد، لإظهار اهتمام أوثق بالقضية.
وفي ظل الاتفاق الأخضر؛ تتم مناقشة حساب انبعاثات الكربون من بداية عملية إنتاج المنتج حتى يتم تسليمه إلى المستخدم النهائي، كما أن أولئك الذين لديهم انبعاثات كربونية عالية سيدفعون ضريبة الكربون.
في هذا الصدد؛ بدأ استخدام تقويم لعمليات حساب وتوثيق البصمة الكربونية لكل مصنع. وقد أوقفت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بالفعل محطات الطاقة التي تعمل بالفحم وتوصلت إلى توافق في الآراء بشأن عيوب محطات الطاقة النووية وحتى محطات توليد الطاقة التي تعمل بالغاز الطبيعي.
منعطف في التحول الأخضر
وقال الكاتب إن أيّا مما تم الحديث عنه قبل سنة عن مستقبل الطاقة لم يعد موجودًا على جدول الأعمال بعد الآن. وفي الواقع؛ فإنه وفقًا لآخر قانون في البرلمان الأوروبي، فإن الغاز الطبيعي والنووي على وشك أن يتم تعريفهما على أنهما "طاقة خضراء". ومع الأغلبية الساحقة لاقتراحٍ يمنع رفض هذا القانون في البرلمان الأوروبي، فإنه لم تعد هناك أي عقبة أمام اعتماد القانون.
الجانب المالي لهذا القرار مهم جدًّا أيضًا، لأنه في فترة ما قبل القرار، يبدو أن الراغبين في تطوير المشاريع المتعلقة بمحطات توليد الطاقة بالغاز الطبيعي لم يتمكنوا من الحصول على التمويل، ولكن الآن، ليس فقط الغاز الطبيعي ولكن أيضًا مشاريع محطات الطاقة النووية قادرة على الحصول على التمويل. بعبارة أخرى؛ سيحصل الآن الغاز الطبيعي والنووي على حصة من البرامج المادية المخطط لها سابقًا "للتحول الأخضر" و"الطاقة المتجددة"، وهذا يعني المزيد من محطات الطاقة التي تعمل بالفحم لفترة انتقالية.
وبيَّن الكاتب أن الأزمة الحالية هي نتيجة حرب في قلب أوروبا، أحد أطرافها هذه بلد من أهم مصدري النفط والغاز الطبيعي في العالم. وعلى هذا النحو، فإن يصبح من الصعب للغاية التنبؤ بموعد وكيفية انتهاء الأزمة.
ماذا لو انتهت الأزمة؟
وأكد الكاتب أن تغير المناخ والجفاف والاحترار العالمي وتقليل انبعاثات الكربون ستكون البنود الرئيسية في جدول الأعمال، وستكون هناك خطوات أكبر ودائمة نحو إنتاج الطاقة، خاصة من المصادر المتجددة.
أما في مجال النقل، فإنه سيتم استخلاف المصادر ذات الانبعاثات الكربونية العالية بمحركات تعمل بالكهرباء، وهذا يعني المزيد من الخطوات نحو تقنيات تخزين الطاقة. وبعبارة أخرى، ستكون مسألة البطاريات الأكثر كفاءة في تخزين الطاقة أحد أهم بنود جدول الأعمال في المستقبل القريب.
اقرأ أيضا: مسؤول أوروبي: أزمة الطاقة تعزز مخاطر الركود بالاتحاد
إدمان لا مفر منه
وأشار الكاتب إلى أنه وفقا لبيانات وكالة الطاقة الدولية، فإن سعة الطاقة المركبة لمصادر الطاقة المتجددة تبلغ حوالي 30 في المئة من إجمالي الطاقة الإنتاجية، وتقدر الوكالة أن هذه القدرة ستقترب من 50 في المئة بحلول سنة 2030.
ومع ذلك فإن هذه القضية لها مخاطرها الخاصة، لأن المواد المستخدمة في تقنيات إنتاج الطاقة المتجددة وتخزينها تثير أيضًا مشكلة أخرى تتعلق بالاعتماد على الموارد، وعندما نتحدث عن تحول الطاقة، فإننا نتحدث أيضًا عن تحول الاعتماد على الموارد.
في النهاية أشار الكاتب إلى أنه في حين تتطور التوقعات في المستقبل في مجال الطاقة بهذه الطريقة، فإن الكفاءة والوفرة تبرزان كأهم قضيتين؛ فالطاقة مورد مكلف للغاية للإنتاج والنقل والتخزين والاستهلاك في نهاية الأمر.
وفي هذا الصدد؛ ستصبح قضية الكفاءة في الإنتاج أكثر أهمية في المستقبل القريب، خاصة في محطات الطاقة المتجددة، بالاضافة إلى أهميتها من حيث عودة تكاليف التثبيت الأولية. ومع ذلك؛ فإن المسؤولية الأكبر عن الطاقة تقع على عاتق المستخدمين النهائيين.
لأنه بغض النظر عن مدى كفاءة هذه العمليات من الطاقة المنتجة والمخزنة والمرسلة، فإن فشل المستخدمين النهائيين في اتخاذ التدابير اللازمة للتوفير سيؤدي إلى خسائر كبيرة؛ حيث إن مستقبل الطاقة يكمن في إعلام المستخدمين النهائيين وتدريبهم حول التوفير، أحد أهم بنود جدول الأعمال.
صندوق النقد الدولي يتوقع حدوث اضطرابات اجتماعية بأوروبا
هبوط حاد لأسعار النفط.. تراجعت لأدنى مستوى في 9 أشهر
إشادة أوروبية بدور الجزائر في قطاع الطاقة.. "مُورد موثوق"