في مقابلة مع وكالة بلومبيرغ الأمريكية، قال وزير المالية
المصري محمد معيط إن
مصر لن تحصل على قرض جديد من صندوق النقد الدولي إلا بعد شهر أو شهرين، وأن البديل
الحالي أن تذهب مصر إلى دول مثل الصين واليابان للاقتراض الخارجي الميسر على حد قوله.
في الشهر الماضي نشرت وكالة رويترز تحليلا يتعلق بالوضع
الاقتصادي المأزوم في
سريلانكا بعد إعلان إفلاسها وهروب الرئيس السابق واقتحام الشعب لقصره الرئاسي، أشارت
رويترز إلى حاجة سريلانكا إلى قرض جديد من صندوق النقد الدولي كحل مؤقت، ولكنها لن
تحصل عليه قبل الذهاب إلى دول مثل الصين واليابان للحصول على قروض ميسرة.
في الأشهر القليلة الماضية، بات المشهد السريلانكي يمثل كابوسا حقيقيا للنظام
المصري وإعلامه المأزوم، فمشاهد الغضب الشعبي واقتحام القصر الرئاسي وملاحقة المسؤولين
في الشوارع تعد ناقوس خطر حقيقي في مصر، فنظام السيسي أغرق البلاد في ديون خارجية جعلته
في صدارة البلدان على مستوى العالم في ما يعرف بالديون السيادية، وفق تقرير ستاندرد
آند بورز.
في الأشهر القليلة الماضية، بات المشهد السريلانكي يمثل كابوسا حقيقيا للنظام المصري وإعلامه المأزوم، فمشاهد الغضب الشعبي واقتحام القصر الرئاسي وملاحقة المسؤولين في الشوارع تعد ناقوس خطر حقيقي في مصر، فنظام السيسي أغرق البلاد في ديون خارجية
إجمالي الدين العام المصري نسبة إلى الناتج المحلي قد وصل إلى 130 في المئة
وفق تقديرات لخبراء اقتصاديين مصريين، وهو رقم يقترب كثيرا من نظيره في سريلانكا، حيث
بلغ الدين العام في سريلانكا نسبة إلى الناتج المحلي 140 في المئة، وهو ما دفع صندوق
النقد الدولي لمطالبة الحكومة الجديدة في سريلانكا بمحاولة خفض هذه النسبة إلى أقل
من 100 في المئة لمنحها قروضا جديدة.
المشكلة الحقيقية الآن التي تواجه النظام المصري هي الذهاب مرة أخرى لدولة مثل
الصين للحصول على قروض ميسرة، ولكن الحقيقة أن الصين تتعامل في مثل هذه المواقف بسياسة
القروض المخفية، وهي قروض لا تعلن تفاصيلها إلا في بيانات الحكومة الصينية، وتتلخص
في الحصول على أصول سيادية في الدول المدينة مقابل جدولة ميسرة للديون، وهو ما فعلته
مع سريلانكا حين حصلت على مينائها الرئيسي على المحيط الهندي (هامبانتوتا)، بعد أن
فشلت سريلانكا في سداد قيمة قرض الإنشاء الذي بلغ 307 ملايين دولار.
تكرر نفس الأمر مع دولة زامبيا، حيث استولت الصين بموجب هذه الديون على محطة
التوليد المائية الرئيسية ونسبة 60 في المئة من إذاعة زامبيا المحلية، وتسعى الصين
الآن إلى الاستحواذ على ميناء مومباسا بعد تخلف كينيا عن سداد ديونها المستحقة.
داخليا يحاول النظام أن يروج لرواية أن العالم يعاني من أزمات اقتصادية طاحنة
خلفتها حرب روسيا وأوكرانيا ووباء كورونا. نظريا قد يبدو الأمر صحيحا، ولكن عمليا النظام
لم يقدم أي مساعدة حقيقية للمواطنين على غرار ما فعلته دول كثيرة في العامين الماضيين،
على العكس فوزارة المالية المصرية أعلنت أنها تحصلت على ما يقارب تريليون جنيه مصري
من الضرائب، وهو ما يوازي 70 في المئة من إيرادات موازنة الدولة المصرية، قبلها أعلنت
أيضا أن إجمالي تحويلات المصريين في الخارج بلغ 31 مليار دولار، وهو أعلى من إيرادات
قناة السويس والسياحة معا في العام الجاري.
الكارثة هنا أن وزير المالية محمد معيط قال إن تلك الأموال ستستخدمها الدولة
في سداد ديونها المستحقة بنهاية هذا العام، وهو ما يعكس سياسة عامة لدى النظام الحالي،
فقد تكرر الأمر على لسان وزير النقل المصري كامل الوزير الذي قال في مداخلة تلفزيونية
الشهر الماضي إن الحكومة سترفع سعر تذاكر القطارات والمترو لسداد ديونها المستحقة.
الأموال ستستخدمها الدولة في سداد ديونها المستحقة بنهاية هذا العام، وهو ما يعكس سياسة عامة لدى النظام الحالي، فقد تكرر الأمر على لسان وزير النقل المصري كامل الوزير الذي قال في مداخلة تلفزيونية الشهر الماضي إن الحكومة سترفع سعر تذاكر القطارات والمترو
في برنامجي التلفزيوني طرحت سؤالا على المتصلين من الجمهور حول ديونهم الشخصية،
وفي خلال دقائق قليلة حصر فريق الإعداد ما يقارب مليون جنيه ديون مستحقة على مواطنين
في مهن مختلفة أخبرونا بها عبر المداخلات الهاتفية وعبر مراسلات البرنامج، تقريبا عشرون
مواطنا مصريا لديهم ديون مستحقة تقترب من مليون جنيه ويدورون في حلقة مفرغة لا تنتهي
من الاستدانة.
الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء نشر أرقاما رسمية العام الماضي تشير إلى أن
أكثر من 50 في المئة من الأسر المصرية تلجأ للاستدانة لتغطية احتياجاتهم اليومية، وهو
ما أكده تقرير آخر لمؤسسة الباروميتر العربي أشار إلى أن مصر وبنسبة 68 في المئة تحتل
صدارة الدول العربية التي لا يجد فيها المواطن مالا ليشتري طعاما بعد نفاد دخله الشهري،
كما أشار التقرير إلى أن مصر تحتل المركز الأول عربيا في شعور المواطن بالقلق من عدم
استطاعته توفير طعام وشراب إذا انتهى دخله الشهري.
الاقتصاد المصري بأرقامه المأزومة بات قنبلة موقوتة ربما تنفجر في وجه السيسي
ونظامه قريبا، هذه المرة لن يكون حراكا سياسيا أو مؤدلجا، وإنما سيكون انفجارا شعبيا
غاضبا من أجل لقمة العيش والنجاة من الموت جوعا وفقرا.