دعا الرئيس السابق للحكومة السورية المؤقتة، جواد أبو حطب، إلى "تفعيل الحراك الوطني بشكل واسع على جميع المستويات سواء في الداخل السوري المُحرر أو في الخارج، وخاصة بالنسبة لدور الجاليات السورية حول العالم والشخصيات الوطنية والناشطين الحقوقيين والإعلاميين والكُتّاب لإعادة الفعالية والتأثير للسوريين خلال الفترة المقبلة".
وشدّد "أبو حطب"، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، على أن مواقفهم من الثورة لم ولن تتغير مهما تبدلت الأوضاع المحلية أو الإقليمية أو الدولية.
وأشار الرئيس السابق للحكومة السورية المؤقتة إلى أنهم بحاجة ماسة لـ "إجراء مراجعات مُعمّقة على صعد مختلفة للمراحل السابقة، لأننا نحتاج إلى وقفة جادة ومراجعة حاسمة لمسارات العمل السابقة، حتى نستطيع إحداث التغيير المأمول والمنشود في البلاد".
وأوضح أن الحراك الجديد الذي يدعو إليه يهدف لإعادة ثورتهم إلى الأضواء من جديد، كي "تصبح ملفا هاما على طاولة المجتمع الدولية، وتحظى باهتمام مختلف المحافل الدولية"، مردفا بأنه "يجب أن تصبح قوى الثورة بكافة مكوناتها الوطنية رقما صعبا في المعادلة، كي لا يتجاوزها أحد بأي صورة من الصور".
ولفت "أبو حطب" إلى أن "الحراك السوري الشعبي تحمله مكونات كثيرة مثل النقابات، والروابط الإعلامية، والفعاليات في بلاد المهجر، والطلبة، والشخصيات الوطنية والأدبية والفنية التي اُضطرت أن تكون خارج سوريا".
مبادئ الثورة السورية
وقال: "نحن كسوريين عامة، ومَن بقي على الأراضي السورية خاصة، لن نفرط مطلقا في مبادئ الثورة الخمسة، لأننا لن نتخلى بأي شكل من الأشكال عن مطالب إسقاط النظام وكل أجهزته الأمنية، وتحقيق العدالة الانتقالية، حتى لو بقينا وحدنا كسوريين نقبض على جمر تلك المبادئ، لأننا على يقين بأن الثورة السورية منتصرة بإذن الله".
يشار إلى أن معظم الفصائل العسكرية والثورية والسياسية والهيئات الشرعية السورية أعلنت خلال شهر أيلول/ سبتمبر 2015، عن "وثيقة المبادئ الخمسة للثورة السورية" كأحد الشروط الأساسية لأي حل سياسي أو مبادرة دولية، وذلك برعاية المجلس الإسلامي السوري.
هذه المبادئ تمثلت في "إسقاط بشار الأسد وكافة أركان نظامه، وتقديمهم للمحاكمة العادلة، وتفكيك أجهزة القمع الاستخباراتية والعسكرية، وبناء أجهزة أمنية وعسكرية على أسس وطنية نزيهة، مع المحافظة على مؤسسات الدولة الأخرى، ورفض المحاصصة السياسية والطائفية".
وشدّدت المبادئ ذاتها على ضرورة "خروج كافة القوى الأجنبية والطائفية والإرهابية من سـوريا، مُمثلة بالحرس الثوري الإيراني، وحزب الله، ومليشيات أبي الفضل العباس، وتنظيم الدولة، والحفاظ على وحدة سوريا أرضًا وشعبًا واستقلالها وسيادتها وهوية شعبها".
إحياء الحراك
وتابع "أبو حطب": "للأسف حاليا لم يبق للسوريين أي فاعلية على مسار التأثير في المشهد وتفاعلاته، لبرود معظم مواقف الأشقاء والأصدقاء التي كانت تدعم الثورة السورية، ولذلك أرى أنه يجب اللجوء لتحركات مختلفة ومهمة من أجل مستقبل شعبنا وبلدنا، وكي لا نظل غير فاعلين وفقط منفعلين بالقضية السورية".
وأضاف: "نحن بعد أكثر من 10 سنوات من اندلاع الثورة لم نستطع على كل المستويات أن نُقدّم للعالم هويتنا وحقوقنا وتضحياتنا وكل ما خرجنا من أجله بالشكل الملائم. وأيضا لم نستطع قطف أي ثمار سواء بالقرارات التي صدرت أو غيرها، بل إننا لم ننجح على الأقل في تخفيف الأضرار الناجمة عن الأحداث".
وانتقد أداء مؤسسات المعارضة السورية، وقال: "للأسف أصبحت فعاليتها ضعيفة ومخجلة ولا ترقى إلى مستوى الآلام والقهر والتضحيات السورية الباهظة التي تمثلت في أكثر من مليون شهيد ومفقود، فضلا عن أن نصف الشعب السوري اُضطر للتهجير والنزوح القسري".
موقف أنقرة و"حماس"
وحول اللقاءات الأمنية التي جرت مؤخرا بين تركيا والنظام السوري، قال: "في الحقيقة مثل هذه اللقاءات الأمنية لا تعني شيئا على أرض الواقع؛ فكل الدول وحتى التي بينها مشاكل يمكن أن تحدث بينها لقاءات مماثلة على المستوى الأمني والعسكري، بينما نأمل نحن السوريين أن يبقى موقف إخوتنا الأتراك كما هو داعما للثورة السورية".
وأضاف "أبو حطب": "تركيا دولة شقيقة وداعمة لثورة السوريين من بدايتها، وتحملت أعباء أكثر من 4 ملايين نازح سوري على أراضيها و3 ملايين سوري في الداخل السوري، ونحن نشكرها على مواقفها وجهودها، أما سياستها كدولة فهذا أمر خاص بها وليس من حقنا التدخل فيها".
ومؤخرا، أكدت وسائل إعلام أن رئيس المخابرات التركية، هاكان فيدان، عقد عدة اجتماعات مع نظيره السوري علي مملوك، في دمشق خلال الأسابيع القلائل الماضية.
وتحفظ "أبو حطب" على إعلان حركة المقاومة الإسلامية "حماس" مُضيّها قدما في تطبيع علاقاتها مع النظام السوري، قائلا: "في الحقيقة هذا يؤلمنا بشدة، ونأمل أن يتداركوا ما فعلوه".
وتابع: "القضية الفلسطينية تحظى بمكانة خاصة في قلوبنا وضمائرنا كسوريين، رغم كل الصعوبات والمآسي، ومواقف حماس الأخيرة لا علاقة بصراحة بموقفنا من القضية الفلسطينية التي سنظل نتعاطف معها ونؤيدها وندعمها".
ومنتصف الشهر الجاري، أكدت حركة حماس، في بيان لها، وصل "عربي21" نسخة منه، مُضيّها في "بناء وتطوير علاقات راسخة مع الجمهورية العربية السورية"، مؤكدة أن هذا القرار يصب في "خدمة الأمة وقضاياها العادلة، وفي القلب منها قضية فلسطين، لا سيما في ظل التطورات الإقليمية والدولية المتسارعة"، وفق قولها.
اقرأ أيضا: هل فشل التقارب بين تركيا والنظام السوري بعد نفي الطرفين؟
وكانت العلاقات بين "حماس" ونظام بشار الأسد قد قُطعت في عام 2012، إثر اندلاع الثورة السورية.
غارات إسرائيلية تستهدف مطار حلب بسوريا وتخرجه من الخدمة