ملفات وتقارير

إسلاميو المغرب: تعميم "فرنسة التعليم" مخطط لطمس هوية بلادنا

عبد الإله بنكيران: النقاش الدائر حول الإنجليزية هو للإلهاء فقط أما الموجود فهو تعميم الفرنسية

انتقد عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، المسار الذي يتم المضي فيه بخصوص تعميم الفرنسة في التعليم في المغرب، معتبرا أن هذا يندرج في إطار مخطط لطمس الهوية العربية الإسلامية، وتكريس التبعية للفرنسية.

جاء ذلك في كلمة لبنكيران خلال لقاء مع أعضاء المجموعة النيابية للحزب، نشرها الموقع الرسمي للحزب، حيث نبه إلى أن النقاش الدائر حول الإنجليزية هو للإلهاء فقط، أما الموجود فهو تعميم الفرنسية وتعزيزها.

وقال بنكيران: "إن كلام السياسيين في العموم يروج حول ما يُدفع لهم، أو تفاعلا مع نقاشات آنية أو منتشرة"، لكن، يستدرك المتحدث ذاته، "نحن يجب أن تكون لنا بصمتنا الخاصة في النقاشات، عبر أشياء نبادر إلى طرحها، وذلك من باب مسؤوليتنا الكبيرة تجاه المجتمع وقضاياه الحقيقية".

وأوضح بنكيران أن هذا المسعى، يجب أن ينخرط فيه الحزب بكل منتخبيه وأعضائه ومؤسساته الموازية، عبر الانطلاق من القاعدة، لأن العديد من القضايا يمكن بناؤها وإيجاد حلول لها بدءا من المجتمع، عبر الانصات لعامة المواطنين وللبسطاء.

وأضاف أن "الشعب المغربي يعاني من إشكالات عدة نحن لا نعرفها، سواء في التعليم أو الصحة أو الشغل أو العدل وغيرها، وأن هناك فئات من المجتمع تعاني في صمت، ويجب التواصل معها، ومن ذلك تخصيص أعضاء المجموعة النيابية ليوم واحد في الأسبوع لهذه الغاية".

ودعا بنكيران، أعضاء المجموعة النيابية لحزبه، إلى التحلي بالمعقول والمصداقية في العمل السياسي، مشددا على أن حزبه لا يريد معارضة برلمانية من أجل المعارضة.

وقال: "لا نريد المزايدة السياسية في كلامنا وتدخلاتنا، بل نريد منكم باعتباركم تمثلون الحزب في المؤسسات، أن تطرحوا أسئلة حقيقية، وأن تكون تدخلاتكم جوهرية، وليست للمزايدات أو الظهور".

وأضاف: "نريد منها أن تكون تدخلات وازنة ومدروسة ومعقولة وتتسم بالإنصاف، وأن يكون لها أحسن الأثر"، محذرا أعضاء المجموعة من "التنافس على الظهور في التلفزيون أو الأشياء الشكلية".

وجدد بنكيران التأكيد أن حزب العدالة والتنمية هو عنصر أساسي في استقرار البلد، وأنه حريص على القيام بدوره في التذكير بالمرجعية والعدل والقيم وغيرها، منوها بما يقوم به أعضاء المجموعة النيابية من أعمال، رغم عدد أعضائها القليل والوقت الضيق الذي منح لها.

 



وينص الدستور المغربي في فصله الخامس على أن "تظل العربية اللغة الرسمية للدولة، وتعمل الدولة على حمايتها وتطويرها وتنمية استعمالها، وتعد الأمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة دون استثناء".

ووفق تقرير لصحيفة "الأيام" المغربية فقد اعتمد المغرب سياسة تعريب التعليم منذ عام 1977، لكن هذه السياسة ظلت متعثرة، وبقيت المواد العلمية والتكنولوجية والرياضيات تدرس باللغة الفرنسية في التعليم الثانوي بالبلاد، إلى مطلع تسعينيات القرن الماضي، حيث تقرر تعريب جميع المواد حتى نهاية الثانوية العامة، مع استمرار تدريس العلوم والاقتصاد والطب والهندسة باللغة الفرنسية في جميع جامعات المغرب حتى اليوم.

ويعتزم المغرب توسيع تدريس اللغة الإنجليزية لتشمل جميع مستويات التعليم الإعدادي عوضا عن اقتصارها على السنة الأخيرة، ابتداء من الموسم الدراسي المقبل.

وكان وزير التعليم المغربي، شكيب بنموسى، قد كشف النقاب بداية الموسم الدراسي الجاري، عن فتح مشاورات حول موضوع توسيع تدريس اللغة الإنجليزية لتشمل مستويات السلك الإعدادي، ورفع عدد مدرسيها، وذلك في أفق تدريس بعض المواد باللغة الإنجليزية مستقبلا في السلك الثانوي.

وشهر أيلول (سبتمبر) الماضي، أطلق نشطاء في المغرب عريضة على مواقع التواصل الاجتماعي، وقع عليها أكثر من 10 آلاف شخص، للمطالبة باعتماد الإنجليزية لغة ثانية في التدريس بدل الفرنسية، وبوقف استخدام الأخيرة في الإدارات والمؤسسات العمومية، كما تصدّر وسما "لا للفرنسية" و"نعم للإنجليزية" صدارة الـ"ترند" بالمغرب لأسابيع.

وتشهد العلاقات المغربية الفرنسية توترا صامتا منذ فترة تخفيه شجرة رفض تأشيرات دخول المغاربة إلى فرنسا، ما يطرح تساؤلات عن مستقبل العلاقات بين البلدين الشريكين على أكثر من صعيد.

ومنذ أيلول (سبتمبر) 2021، ظهر التوتر بشكل علني بعد قرار باريس تشديد القيود على منح تأشيرات للمواطنين المغاربة، وتعزز بعدم تبادل البلدين الزيارات الدبلوماسية منذ تلك الفترة.

وتسببت قضية التجسس بتلبد سماء العلاقات بالغيوم، حيث اتهمت صحف فرنسية الرباط في يوليو/ تموز 2021، باختراق هواتف شخصيات مغربية وأجنبية عبر برنامج التجسس الإسرائيلي "بيغاسوس".

لكن الحكومة المغربية نفت في بيان هذا الاتهام ورفعت في 28 من الشهر ذاته دعوى قضائية ضد كل من صحيفة "لوموند" وموقع "ميديا بارت" و"فرانس راديو" بتهمة التشهير.

واستُخدم برنامج "بيغاسوس" للتنصت على ناشطين بمجال حقوق الإنسان وسياسيين وصحفيين عبر اختراق هواتفهم ومراقبة البريد الإلكتروني والتقاط صور وتسجيل محادثات.

وتسجل تقارير إعلامية أن المبادلات التجارية الثنائية بين المغرب وفرنسا تراجعت في الفترة الأخيرة وحلَّت إسبانيا قبل فرنسا في سُلَّم الأولويات الاقتصادية المغربية. 

وتشير ذات التقارير إلى أن المغرب أصبح منافسا قويا للشركات الفرنسية في أفريقيا، فضلا عن توجه المغرب نحو العرض الصيني لتنفيذ صفقة القطار فائق السرعة بين الدار البيضاء وأكادير بدلا من العرض الفرنسي.

وكان واضحا أن هذه الأزمة الصامتة بين الرباط وباريس تجلت في اختيار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجزائر كوجهة مغاربية أولى له في 25 أغسطس/ آب الماضي بعد انتخابه لولاية ثانية.