تشكل مسألة "المرشح الرئاسي المشترك" إحدى العقبات التي تقف أمام الطاولة السداسية للمعارضة التركية، وسط إصرار داخل أروقة حزب الشعب الجمهوري على ترشح كمال كليتشدار أوغلو للرئاسة في الانتخابات التي تجرى في 18 حزيران/ يونيو المقبل.
وبدأت الطاولة السداسية للمعارضة جولتها الثانية من اللقاءات، وسط ترقب بشأن "المرشح المشترك" وتصاعد الخلافات بين حزبي "الشعب الجمهوري" و"الجيد".
وأظهرت استطلاعات الرأي المختلفة أن كليتشدار أوغلو يأتي في المرتبة الثانية بعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في انتخابات الرئاسة، لكن الفروقات بين زعيم حزب الشعب الجمهوري ورئيس بلدية أنقرة منصور يافاش ضئيلة للغاية.
وفي مقابلة على قناة محلية معارضة، قال كليتشدار أوغلو إن "أردوغان يخشى كثيرا من ترشحه للرئاسة" في إشارة إلى إصراره على الترشح.
ورفض كليتشدار أوغلو التعليق على سؤال المذيع بشأن ظهور اسمه على الطاولة السداسية كمرشح مشترك.
وفي رده على تركيز الرئيس التركي في خطاباته عليه قال كليتشدار أوغلو إنه "خائف جدا" من ترشحه في الانتخابات الرئاسية، مضيفا أنه "إذا لم يكن خائفا فليواجهني أمام الإعلام والتلفاز... دعوته مرات عدة لإجراء مناظرة حضارية على الشاشة على أي قناة لكنه يواصل الهرب".
اقرأ أيضا: أردوغان يتصدر استطلاعات الرأي بتركيا.. وارتفاع شعبية حزبه
وأعادت تصريحات كليتشدار أوغلو إلى جانب جولته للولايات المتحدة المناقشات بشأن ترشحه للانتخابات الرئاسية، وأدت الوعودات التي يقطعها بلغة "أنا" المستخدمة في مقاطع فيديو ينشرها على مواقع التواصل الاجتماعي إلى زيادة التوقعات بهذا الشأن.
وداخل أروقة حزب الشعب الجمهوري، تتم الإشارة بشكل واضح إلى ترشح كليتشدار أوغلو للرئاسة، وقد صدرت عدد من التصريحات إلى العلن من قيادات بارزة داخل الحزب حول الأمر.
وأثارت التصريحات المتتالية من حزب الشعب الجمهوري بشأن كليتشدار أوغلو حفيظة زعيمة حزب الجيد ميرال أكشنار بالقول: "كليتشدار أوغلو لديه الحق في الترشح، وزعماء الطاولة الآخرون لديهم الحق بذلك أيضا، أنا الوحيدة التي قلت لن أترشح، لكن المطلوب هو مرشح قادر على الفوز"، كما أنه تم الإدلاء بتصريحات مماثلة من حزبي "المستقبل" و"الديمقراطية والتقدم" اللذين لم يرفضا إمكانية ترشح منصور يافاش أو رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو.
صحيفة "ديكان"، نقلت عن مصادر أن الطاولة السداسية تستعد لإجراء مسح يغطي كافة المدن والفئات المجتمعية في تركيا بالأشهر المقبلة لتحديد مرشحها للرئاسة.
ووفقا للمعلومات التي حصلت عليها الصحيفة، فإن الطاولة السداسية ستقرر من هي الأسماء والتواريخ التي ستشارك فيها شركات المسح المختلفة خلال الفترة المقبلة، وبعد الحصول على نتائج الاستطلاع سيتم اتخاذ الخطوات النهائية بشأن تحديد المرشح.
ومن المتوقع أن تبدأ مرحلة المسح التي تشمل كافة المدن التركية، بداية العام المقبل.
ولا يرفض بعض الأشخاص داخل حزب الشعب الجمهوري والذين يدعمون ترشح كليتشدار أوغلو، إمكانية ترشح إمام أوغلو، كما أن إمكانية ترشح رئيس بلدية إسطنبول نوقشت مؤخرا بجدية، بحسب الصحيفة.
ونقلت عن أعضاء في حزب الشعب الجمهوري، أن هناك تباينا بالآراء حول ما إذا كان كليتشدار أوغلو سيشارك في الاستطلاع، ويعتقد أحدهم أن مشاركة زعيم الحزب في ذات الاستطلاع مع رؤساء بلديات من داخل حزبه ستؤدي إلى زعزعة الحزب، وهذا يعني أن كليتشدار أوغلو قد يتخلى عن فكرة الترشح.
وقال عضو في حزب الشعب الجمهوري: "بالطبع، لا يزال هناك أشخاص في الحزب يصرون على ترشيح رئيسنا، إلا أنني أرى أن احتمال ترشيح أكرم إمام أوغلو آخذ في الازدياد"، فيما قال عضو آخر إن فرص ترشيح يافاش عالية.
اقرأ أيضا: 7 إشكاليات أمام تحالف المعارضة بتركيا.. ماذا عن الحزب الحاكم؟
وتظهر التصريحات التي أدلى بها شخصيات من حزب الشعب الجمهوري، أن هناك تباينا داخل أروقة الحزب بشأن اسم المرشح الرئاسي.
صحيفة "يني شفق"، في تقرير ذكرت أن حزب الجيد لا يمنع الضوء الأخضر لجهود حزب الشعب الجمهوري لفرض اسم كليتشدار أوغلو كمرشح مشترك للرئاسة على الطاولة السداسية، ويجري تداول بأسماء رؤساء البلديات الذين أغلق أمامهم "الشعب الجمهوري" إمكانية ترشحهم.
وفي الكواليس، يقال غن زعيمة حزب الجيد ميرال أكشنار إنها تواجه صعوبة في تقبل القاعدة الشعبية للحزب لترشح كليتشدار أوغلو، كما أن قيادات من داخل الحزب ترى أن ترشحه "محفوف بالمخاطر".
ونقلت الصحيفة عن مصادر داخل حزب الجيد، أنه رغم ضغط القاعدة الشعبية ليكون منصور يافاش المرشح، فإن أكشنار لم تبعد فكرة إمكانية ترشح إمام أوغلو.
وقال مسؤول في حزب الجيد: "لقد رأينا أن طرح كليتشدار أوغلو لمسألة الحجاب وتصريحات خلال رحلته إلى الولايات المتحدة تسبب أيضا في إنزعاج داخل قواعد حزب الشعب الجمهوري"، مضيفا أن "أروقة الشعب الجمهوري أعادت النظر بشأن إمكانية ترشيح إمام أوغلو".
وفشل حزب الشعب الجمهوري في فرض اسم كليتشدار أوغلو على باقي أحزاب طاولة المعارضة، وتصر جبهة داخل حزب الجيد على ترشيح يافاش أو إمام أوغلو بدلا منه.
وفي الوقت الذي ذكر فيه رئيس شعبة حزب الجيد بإسطنبول بوغرا كافونجو، أن قواعد الحزب ترى أن ترشح ميرال أكشنار هو الأنسب، فإنه أشار إلى أن اسم منصور يافاش يتردد أكثر في الميدان.
اقرأ أيضا: تصدع بطاولة المعارضة بتركيا.. هل تنهار بسبب مرشح الرئاسة؟
الكاتبة كوبرا بار، في تقرير على صحيفة "خبر ترك"، ذكرت أن ميرال أكشنار غاضبة من بعض المؤثرين الداعمين لحزب الشعب الجمهوري، موضحة أنهم يتغاضون عن أن جزءا كبيرا من الناخب التركي هو يميني.
وتابعت كوبرا، بأن أولئك الأشخاص يعتقدون أن حزب الشعوب الديمقراطي يجب أن يكون على الطاولة السداسية، وأنه يجب اختيار مرشح رئاسي مشترك يوافق عليه الحزب الكردي.
وأضافت أنهم راضون عن إنشاء الطاولة السداسية من أجل هزيمة أردوغان، لكنهم في الواقع ليسوا سعداء على الإطلاق بوجود السياسيين المحافظين اليمينيين وخاصة حزبي "المستقبل" و"الديمقراطية والتقدم".
وتابعت بأنهم يرون أن أكشنار تفسد اللعبة عندما تنتقد حزب الشعوب الديمقراطي، ويتساءلون: "كيف سنفوز إذا لم يكن معنا "الشعوب الديمقراطي؟".. ويلمحون بأن حزب الجيد ليس ديمقراطيا بما فيه الكفاية، ويعتقدون أن المرشح يجب أن يكون يساريا.
الغالبية منهم يؤيدون ترشح كمال كليتشدار أوغلو، وبعضهم يؤيد إمام أوغلو الذي يعتقدون أنه قد يحصل على أصوات "الشعوب الديمقراطي"، ويبدون اختلافا بشأن ترشح يافاش، ويبررون مواقفهم بالتساؤل: "كيف يختلف المرشح اليميني والقومي والمحافظ عن أردوغان؟.. لسنا بحاجة لمرشح لديه أيدولوجية ضدنا".
وتابعت بأنهم يعتقدون أنه إذا رشحت الطاولة السداسية كليتشدار أوغلو فإن قواعد الأحزاب اليمينية في التحالف ستصوت له، وعندما يضاف حزب الشعوب الديمقراطي فإن الفوز في الانتخابات سيكون مريحا.
وأضافت: "لا يدركون أنهم يعيشون في بلد يضم 65 بالمئة من الناخبين اليمينيين، وأن القومية آخذة بالارتفاع في كافة أنحاء العالم"، ولذلك قالت أكشنار: "إذ1 كنت لا تريد الجناح اليميني فلا تدعُهُ (إلى الطاولة)".
أردوغان يتصدر استطلاعات الرأي بتركيا.. وارتفاع شعبية حزبه
أردوغان يعلن خطة "العدالة والتنمية" خلال الـ100 عام القادمة
أردوغان يبدأ حملته بـ"قرن تركيا".. على ماذا تستند؟